الإرهاب الذي يحميه “الوضع الإنساني”
بات واضحاً أن خط الدفاع الأول عن جرائم وإرهاب الحوثيين في اليمن هو “الوضع الإنساني”.
هكذا يراد للوضع الإنساني أن يتحول إلى “حائط مبكى” كلما أخذت المعادلة تتغير لصالح إنهاء الحرب وتحقيق السلام.
باسم “الوضع الإنساني” أوقفوا استعادة الحديدة.. وبمظلة “الوضع الإنساني” يواجهون قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.. وبتوظيف معاناة اليمنيين يتم تغليف جرائم الحوثيين بقرارات ناعمة يستمدون منها صلفهم وإصرارهم على رفض السلام.
مثالين فقط على أن الجرائم التي خلقت هذا “الوضع الإنساني” المؤلم والمتدهور باتت تختبئ داخل عباءته، وتحتمي به، في مشهد لا يوحي إلا بأن هذا التدخل ليس له علاقة بالوضع الإنساني، لأن تخليص اليمن من هذا الوضع لن يتم إلا بإنهاء الحرب، وأن إنهاء الحرب لن يتم طالما وجد الحوثيون هذه الحماية المستمرة: التدخل لمنع تغيير المعادلة عسكرياً بفرض اتفاقات لا تجد من يحمي تنفيذها، والتدخل لحماية مشروعهم الإرهابي.
لم يحدث في التاريخ أن وظفت معاناة الناس لحماية الجريمة المتسببة في هذه المعاناة، إلا في هذا البلد المنكوب.
في كثير من البلدان استخدم “الوضع الإنساني” ومعه القرار الحاسم لإنهاء الحروب والوقوف بقوة أمام أسبابها وأمام المتسببين بها.. أما في اليمن فلا يستخدم “الوضع الإنساني” للأسف إلا لحماية الجريمة ومرتكبيها.. وفي اليمن وحده يستخدم “الوضع الإنساني” لتدليل الإرهاب بعبارات مشتقة من قصور النظرة وفساد الموقف تجاه حاجة اليمنيين إلى العدالة ممن سلبهم الأمن والسلام، وخرب حياتهم باسم الحق الإلهي في الحكم.
لا أدل على ذلك مما حدث بعد كل محطة كان يتم فيها التدخل لأسباب إنسانية.
بعد الحديدة: لماذا لا يراجع العالم ما الذي قام به الحوثيون من إشعال للحرب على كافة الجبهات وبأسلحة متطورة؟ لماذا غاب الوضع الإنساني في تلك الأحداث التي اجتاحوا فيها الجوف وهددوا مارب وقذفوا المدن الآهلة بالسكان بالصواريخ والطائرات المسيرة واشعلوا الحروب في كل الجبهات؟
اليوم وقد توفرت كل الأسباب والشروط لتصنيف الحوثية كجماعة إرهابية يعود البعض للحديث عن “الوضع الإنساني” بنفس المنطق المستهلك الذي يجري إخراجه بتعبيرات ومواقف تغيب عنها المعاناة الحقيقية، والمشكلة الحقيقية، والشروط الحقيقية لإنهاء هذه المعاناة.