اتهم تقرير فريق العقوبات بالأمم المتحدة الحكومة اليمنية الشرعية بغسل الأموال والفساد مما أثر سلبا على الوصول إلى الإمدادات الغذائية الكافية.
وقال التقرير “إن المملكة العربية السعودية أودعت ملياري دولار لدى البنك المركزي اليمني في يناير 2018 في إطار برنامج للتنمية وإعادة الإعمار، كان الهدف من هذه الأموال هو تمويل الائتمان لشراء سلع – مثل الأرز والسكر والحليب والدقيق – لتعزيز الأمن الغذائي واستقرار الأسعار المحلية، إلا ان تحقيق الأمم المتحدة وجد أن البنك المركزي اليمني انتهك قواعد الصرف الأجنبي، وتلاعب بسوق الصرف الأجنبي و “غسل جزءًا كبيرًا من الوديعة السعودية، وذلك في مخطط معقد لغسيل الأموال” شهد حصول التجار على 423 مليون دولار.
“يمن الغد” يعيد نشر نص تقرير مجلس الأمن الدولي حول اليمن حول البنك المركزي:
إدارة البنك المركزي اليمني لآلية التمويل السعودية:
مـع تـطبيق آلـية الـتمويـل الجـديـدة، سُـمح لـلتجار بـتمويـل وارداتـهم عـبر الـبنوك الـتجاريـة المحـلية، وسـتتعامـل الاخـيرة مـع جـميع المتطلبات الإدارية مع البنك المركزي اليمني مباشرة للإستفادة من الوديعة السعودية.
فــي حــي أن هــذه الــعملية مــن حــيث المــبدأ واضــحة ومــباشــرة ويــجب أن تــتبع مــبادئ الــتمويــل الــتجاري الــقياســية ، فــقد كــشفت تـــحقيقات الـــلجنة أن الـــبنك المـــركـــزي الـــيمني ، وﺑـﺎﻟـﺘﻮاطـﺆ مـــع الـــبنوك والـــتجار المحـــليين انـــتهك قـــواعـــد الـــصرف الاجـــنبي لـــلبنك المـركـزي الـيمني ، وتـلاعـب فـي سـوق الـصرف الأجـنبي ، وغسـل جـزءًا كـبيرًا مـن الـوديـعة الـسعوديـة عـبر مخـطط مـتطور لـلغايـة لغسيل الأموال .
قــام الــبنك المــركــزي الــيمني بــرئــاســة المــحافــظ الأسبق محــمد مــنصور زمــام بخــرق جــميع الإجــراءات والــقوانــين المــتعلقة بــتغطية خــطابــات الإعتماد من الوديعة السعودية .
مـن خـلال تـمويـل خـطابـات الاعـتماد بـسعر صـرف أقـل بـكثير مـن سـعر الـسوق ، تـكبد الـبنك الـركـزي الـيمني خـسائـر كـبيرة مـن هذه التجارة ، مما أدى إلى إضعاف ميزانيته العمومية واستنفاد احتياطياته الأجنبية بوتيرة متسارعة.
أظهـر تحـليل الـفريـق لـلبيانـات الـتي قـدمـها الـبنك المركـزي الـيمني أنـه حـتى الأن ، تـجاوزت الـخسائـر 250 مـليار ريـال مـن خـلال
الــــتلاعــــب بــــقرارات مجــــلس الــــوزراء 75 و 76 و 77 لــــعام 2018 المــــتعلقة بــــالإيــــداع ، والــــقانــــون 14 لــــعام 2000 الـمـــتعلق بــــتنظيم الصرف .
أظهـر تـحقيق الـفريـق أن هـناك 38 دفـعة دفـعها الـسعوديـون فـي الـفترة مـن 31 يـولـيو 2018 إلـى 8 سـبتمبر 2020 ، بـإجـمالـي 1،89 مـليار دولار أمـريـكي ، أي مـا يـعادل 863،174،530،344،41 ريـال يـمني ، عـند تحـليل أسـعار الـصرف المـطبقة عـلى كـل دفــعة ، يــمكننا أن نــرى أن الــفارق بــين الــبنك المــركــزي الــيمني وأســعار الــصرف فــي الــسوق واســع جــدًا ، حــيث يــبلغ مــتوســطه 29٪ بالنسبة لـ 38 دفعة .
أظهـــرت حـــسابـــات الـــفريـــق أن مـــتوســـط ســـعر الـــصرف المـــطبق عـــلى خـــطابـــات الإعـــتماد كـــان 455،57 ريـــالاً ســـعوديـــاً لـــكل دولار أمـريـكي ، بـينما كـان مـتوسـط سـعر الـصرف فـي الـسوق خـلال نـفس الـفترة 587،93 ريـالاً سـعوديـاً ، وهـو فـرق بـين سـعر الـبنك وســـعر الـــسوق قـــدره 132،36ريـــالاً ســـعوديـــاً لـــكل دولار أمـــريـــكي (يـــمثل فـــارق 29٪) مـــن حـــيث الـــدولار الامـــريـــكي والـــريـــال اليمني، كلفت هذه التجارة البنك المركزي اليمني 250 مليار ريال ، أي ما يعادل 423 مليون دولار أمريكي .
أدت الـمـعدلات الــتفضيلية الـمـمنوحــة لــلمتداولــين لــتمويــل وارداتــهم إلــى خــسائــر تــتجاوز 423 مــليون دولار أمــريــكي لــلبنك المــركــزي الـــيمني – مـــن خـــلال تـــكبد مـــثل هـــذه الـــخسائـــر ، قـــام الـــبنك بـــشكل أســـاســـي بـــتحويـــل أحـــد الاصـــول إلـــى الـــتزام فـــي مـــيزانـــيته العمومية ، وهو تلاعب محاسبي بسيط مع خطورة.
*الأثار المالية للبنك :
مــن نــاحــية أخــرى ، حــصل الــتجار عــلى 423 مــليون دولار أمــريــكي مــكاســب مــفاجــئة مــن خــلال الــتقدم بــبساطــة لــلحصول عــلى آلية LC التي تمثل ثروة لأعمالهم وثرواتهم الشخصية.
ويــرى الــفريــق أن هــذا يــمثل حــالــة واضــحة لــغسيل الأمــوال وتــحويــل الأمــوال الــتي ارتــكبتها مــؤســسة حــكومــية ، فــي هــذه الــحالــة البنك المركزي اليمني ، لصالح مجموعة مختارة من التجار ورجال الأعمال المميزين .
*أمثلة على انتهاكات البنك المركزي اليمني :
من خلال مراجعة تفاصيل الصرف من الوديعة السعودية ، تم العثور على ما يلي :
أ ) خالف محافظ البنك المركزي اليمني محمد منصور زمّام قرار مجلس الوزراء رقم 75 لسنة 2018 م، الــــفقرة (2-أ) بــــشأن الــــتزام الــــحكومــــة والــــبنك المــــركــــزي الــــيمني بــــتوفــــير الــــعملة الأجــــنبية الــــلازمــــة لــــتغطية جــــميع الإعــــتمادات والـتحويـلات المسـتنديـة المـطلوبـة لـلأسـاسـيات الخـمسة الـمعلنة (الـدقـيق والـسكر والأرز وحـليب الأطـفال والـزيـوت الـنباتـية) بـسعر السوق لجميع التجار وجميع البنوك .
انـتهك الـبنك المركـزي الـيمني عـددًا مـن المـواد فـي قـانـون الـبنك المركـزي رقـم 14 لـعام 2000 وأحـكام الـقانـون رقـم 21 لـعام 1991م بـــشأن الـــبنك الـمــركـــزي الـــيمني، حـــيث تـــنص إحـــدى الـمــواد بـــوضـــوح عـــلى أن الـــبنك الـمــركـــزي الـــيمني ســـيطبق “الإدارة الـــفعالـــة لـلإحـتياطـيات الـخارجـية بـمعايـير الأمـان – الـسيولـة – وتـحقيق أكـبر عـائـد مـمكن مـن الـتعامـل مـع الـبنوك ذات الـتصنيف الـعالـي مـــن أجـــل الـــحصول عـــلى أعـــلى عـــائـــد مـــمكن مـــع مـــراعـــاة عـــامـــل الأمـــان، والـــتعامـــل مـــع بـــنك الـــتسويـــات الـــدولـــية وصـــندوق الـــنقد العربي والبنك الدولي لإدارة جزء من هذه الإحتياطيات .
تـعتبر الـبنوك الـمركـزيـة فـي جـميع أنـحاء الـعالـم ، مـن الـناحـية الـنظريـة ، مـؤسـسات ربـحية لـحكومـاتـها، ومـع ذلـك ، مـن الـواضـح أن البنك المركزي اليمني في عدن لا يتصرف بما يخدم مصالح الحكومة اليمنية في هذه الحالة .
تــم اعــتماد ســعر صــرف لــلدفــعات الخــمس الأولــى مــن الــوديــعة بــسعر 585 ريــالاً ســعوديًــا لــكل دولار أمــريــكي ، بــينما كــان ســعر الــصرف فــي الــسوق 670 و 685 و 748 ريــالاً ســعوديًــا لــكل دولار أمــريــكي كــما هــو واضــح فــي الجــدول ، وبــالــتالــي ﻓـﻘﺪ ﺗـﻜﺒﺪ الــبنك خــسائــر بــقيمة 19.9 مــليار ريــال ، أي مــا يــعادل 27 مــليون دولار أمــريــكي ، وهــذا يــؤكــد الإنــتهاك الــجسيم لــقرار الــحكومــة رقم 75 لسنة 2018م .
بــالنســبة لــلدُفــعات الــتالــية ،، حــدد الــبنك المــركــزي الــيمني ســعر الــصرف عــند 440 ريــالً لــلدولار ، وهــنا بــدأت الــخسائــر تــتصاعــد بســــرعــــة لــــلبنك الـمـــركــــزي الــــيمني ، مــــما أدى إلــــى تــــسارع اســــتنفاد الــــودائــــع الــــسعوديــــة…فــــي الــــفترة مــــن مــــارس 2019 م أغســطس الى 2020م ،
تــكبد الــبنك المــركــزي الــيمني ، مــن خــلال ســياســته الــخاصــة بــالــحفاظ عــلى ســعر فــائــدة ثــابــت للمســتورديــن المستفيدين من الودائع السعودية ، خسائر بلغت 384،6 مليون دولار أمريكي .
المستفيدون الرئيسيون من الوديعة السعودية :
يظهــر تحــليل الــفريــق أن عــدد الشــركــات الــتجاريــة الــتي تســتورد الســلع الــغذائــية عــبر آلــية خــطاب العــتماد الــسعودي بــلغ 91 شــــركــــة…
ومــــن هــــذه الشــــركــــات ، حــــصلت تــــسع شــــركــــات عــــلى 48٪ مــــن الــــودائــــع الــــسعوديــــة الــــبالــــغة 1،8 مــــليار دولار أمــــريــــكي لأنشطتها الإستيرادية ، وتنتمي الشركات التسع الى شركة قابضة واحدة تسمى مجموعة هائل سعيد أنعم (HSA) .
يـــوضـــح الجـــدول أن هـــائـــل ســـعيد أنـــعم تـــلقى 872.1 مـــليون دولار أمـــريـــكي مـــن الـــوديـــعة الـــسعوديـــة، وتـــدرك الـــلجنة أن HSA اســتفاد مــن نــقاط الــقوة الــتالــية:
-وجــود الشــركــة فــي مــناطــق واســعة فــي الــبلاد مــن خــلال الــعديــد مــن الشــركــات فــي مــختلف الـقطاعـات.
– الخبرة .. سـنوات مـن المـعرفـة بـالـسوق .
– قـدرة اﻟﺸـﺮﻛـﺔ عـلى الـوصـول إلـى الأسـواق والمـورديـن الأجـانـب.
– تـوظـيف أفـضل المواهـب
الـيمنية ﻓـﻲ اﻟﺸـﺮﻛـﺔ .
تـعيين الموظـفي الـسابـقين فـي الأدوار الـحكومـية الـرئـيسية .
بـما فـي ذلـك المـناصـب الـعليا فـي الـبنك المـركـزي اليمني وفي مجلس الوزراء .
وكلها تمنح شركة HSA ميزة نسبية وتنافسية مقابل المستوردين الأخرين ، وبالتالي قدرتها على الخصول على حصة كبيرة من الودائع.
بين تحـليل الـفريـق أن هـائـل سـعيد أنـعم حـقق ربـحاً قـدره 194،2 مـليون دولار أمـريـكي تـقريـباً مـن آلـية خـطاب الإعـتماد وحـده، وهذا لا يشمل الأرباح الحقيقية من استيراد السلع وبيعها .
أدى ســعر الــصرف الــتفضيلي الــذي مــنحه الــبنك المــركــزي الــيمني إلــى المســتورديــن إلــى تــحقيق أربــاح كــبيرة “قــبل الإســتيراد” لـهيئة الخـدمـات الـصحية والـتجار الأخـريـن ، حـيث وصـلت إلـى مـا يـقرب مـن 423 مـليون دولار أمـريـكي عـلى مـدى عـامـين ، حـيث استحوذت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ هائل سعيد أنعم على نصف الودائع السعودية .
*الأمن الغذائي :
لم تكن إدارة البنك المركزي اليمني والحكومة اليمنية للودائع السعودية فعالة جدًا في :
(أ) توفير الأمن الغذائي لليمنيين – ظلت المدادات الغذائية تمثل مشكلة .
(ب ) الــتحكم فــي انــخفاض قــيمة الــريــال الــيمني – حــاول الــبنك المــركــزي الــيمني الــحفاظ عــلى ســعر الــصرف مــنخفضاً بــشكل
مصطنع ولكن ذلك لم تنجح الإستراتيجية على المدى الطويل
( ج ) عــكس الإرتــفاع فــي أســعار بــعض الســلع الــتي حــددتــها آلــية الإعــتماد المســتندي ، اســتمر التضخــم فــي الــزيــادة بــوتــيرة مــن رقمين .
عـند مـراجـعة تـقاريـر بـرنـامـج الأغـذيـة الـعالمـي لـلأمـن الـغذائـي ومـراقـبة الأسـعار ، يـمكن لـلمرء أن يـرى ارتـباطًـا إيـجابـيًا بـين سـعرصـرف الـدولار الأمـريـكي والـريـال الـيمني وأسـعار المواد الـغذائـية فـي الـيمن … عـلى سـبيل المثال ، فـي عـام 2019 ، انـخفضت قـــيمة الـــريـــال الـــيمني بنســـبة 23٪ مـــقابـــل الـــدولار الأمــريـــكي ، ونـــتيجة لـــذلـــك ، ارتـــفع ســـعر المســـتهلك للحـــد الأدنـــى لســـلة الـــغذاء (MFB) بنســبة 21٪. تــأثــر ســعر الســلة بــالســلع الــتالــية: الــزيــت الــنباتــي والــسكر الــلذان زادتــا مــعا بنســبة 47٪ و 40٪ عــلى التوالي .
حـــصل الـــتجار الـــذيـــن يســـتوردون هـــاتـــين الســـلعتين عـــلى أســـعار صـــرف تـــفضيلية مـــن الـــبنك المـــركـــزي الـــيمني. ومـــع ذلـــك ، مـــن الــواضــح جــدًا أن هــذا الــخصم لــم يــتم تــمريــره إلــى المســتهلكين ، عــلاوة عــلى ذلــك ، كــان يــتم تــداول الــسعر الــدولــي لــلحبوب عــند أدنــى مســتويــاتــه فــي عــدة ســنوات ، حــيث تــم تــداول الــزيــت الــنباتــي عــند أدنــى مســتوى لــه مــنذ 11 عــامًــا فــي عــام 2019 ،149 ومع ذلك لا يزال سعره يرتفع في اليمن .
وجــد تــقييم نشــره بــرنــامــج الأغــذيــة الــعالــي فــي 2 نــوفــمبر 2020 أن الــتكلفة عــلى مســتهلكي بــنك الــتمويــل الأصــغر قــد ارتــفعت “بـــشكل مـــلحوظ” خـــلال الـــنصف الأول مـــن ســـبتمبر 2020 لـــتتجاوز مـــعيار الأزمـــة لـــعام 2018 بنســـبة 23٪ لـــتصل إلـــى 6755 ريــال يــمني لــلفرد شهــريا فــي المــناطــق الــواقــعة تــحت ســيطرة الــحكومــة الــيمنية.
وھـﺬا يــعني ارتــفاع أســعار الـمـواد الــغذائــية الــى حوالي 70 في المائة ﻋﻠﻰ الأسر التي شملها الاستطلع و التي أجبرت على استخدام آليات التكيف .
* استنتاج :
ان مـبلغ الـ 423 مـليون دولار أمـريـكي عـبارة عـن أمـوال عـامـة تـم تـحويـلها بـشكل غـير قـانـونـي إلـى شـركـات خـاصـة دون تـفسير واضــح، وفشــلت المســتندات الــتي قــدمــها الــبنك المــركــزي الــيمني إلــى الــلجنة فــي تــفسير ســبب تــبنيهم لمـثل هــذه الإســتراتــيجية المدمرة.
يــرى الــفريــق هــذه الــقضية عــلى أنــها فــعل مــن أفــعال غــسيل الأمــوال والــفساد الــتي تــرتــكبها الـمـؤســسات الــحكومــية، وفــي هــذه الـحالـة الـبنك المركـزي الـيمني والـحكومـة الـيمنية، بـالـتواطـؤ مـع الشـركـات والـشخصيات الـسياسـية ذات المـكانـة الـجيدة، لـصالـح مجـموعـة مـختارة مـن الـتجار ورجـال الأعـمال المتميزيـن (مجموعة شركات هائل سعيد أنعم)، عـلى حـساب فـقراء الـيمنيين، مـما أثـر عـلى حـصولـهم عـلى الإمـدادات الغذائية الكافية للمدنيين اليمنيين، وفي انتهاك للحق في الغذاء.