وصف وزير الخارجية اليمني الأسبق خالد اليماني، خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن المتعلق برسم أبرز ملامح السياسة الخارجية لإدارته بأنه خطاب تاريخي يعكس حقيقة عودة الروح إلى المبادئ الأساسية التي كانت تقود السياسة الخارجية الأميركية خلال سنوات طويلة والتي ترتكز على احترام حقوق الإنسان والسلام والحرية والعدل، التي قال إنها كانت دائما المبادئ الأساسية التي تحرك السياسة الخارجية للولايات المتّحدة “بعد سنوات من التنكر لهذه المبادئ من قبل الإدارة السابقة”.
وعبّر وزير الخارجية اليمني الأسبق خالد اليماني عن اعتقاده بأن عودة الدبلوماسية الأميركية إلى مقدمة المشهد الدولي عنصر مهم جدا.
وقال في حديث لـ”العرب” من مقر إقامته في الولايات المتحدة الأميركية إنّ تعيين تيم ليندركينغ مبعوثا أميركيا للقضية اليمنية أمر في غاية الأهمية لأنّه سيوحّد كل جهود إدارة الرئيس جو بايدن داخليا وخارجيا مع الحلفاء والأصدقاء وفي العمل الإنساني للإدارة والوكالة الدولية للتنمية لمساعدة الشعب اليمني، ووقف واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية التي وصفها الرئيس بايدن بأكبر الكوارث الإنسانية الإستراتيجية في عصرنا الحديث، عبر وقف الحرب في اليمن والدخول في مفاوضات الحل السياسي النهائي تحت رعاية الأمم المتحدة.
ويؤكد هذا، في رأي اليماني أن الولايات المتّحدة لن تخرج عن مسار دعم جهود السلام عبر الوسيط الدولي مارتن غريفيث في الأمم المتحدة، حيث ستقدم قوّتها الكاملة لتحقيق السلام ومساعدة الشعب اليمني على استعادة دولته ووقف تمويل إيران للحوثيين واعتداءاتهم المتكررة على الأعيان والمنشآت المدنية في المملكة العربية السعودية ووقف الاعتداءات على الممرات الملاحية الدولية التي يمارسها الحوثيون اليوم بمهاجمتهم جنوب البحر الأحمر وتهريب الأسلحة من إيران، ومواصلة الاعتداء على الشعب اليمني، وكل هذا ينبغي أن يتوقف أمام التحركات الأميركية، في ذات الوقت الذي ستكلف فيه واشنطن السفير تيم ليندركينغ إلى جانب تكليف مسؤول سابق في البيت الأبيض هو روبرت مالي للاهتمام بالملف الإيراني، وهذا يعني أن الولايات المتّحدة ستمسك بالعناصر الإقليمية والبعد الإقليمي لهذا النزاع حتى نصل إلى حل وقف الحرب والدخول في مفاوضات السلام النهائية التي تعيد السلام والاطمئنان إلى اليمن.
وعن أثر الرؤية الأميركية الجديدة على العلاقات بين واشنطن والتحالف العربي، لفت وزير الخارجية اليمني الأسبق إلى أن الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تعود إلى ذلك اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت عام 1945 وستظل هي الموجّه الرئيسي لإنهاء الحرب لأن المملكة، وفقا لليماني، تريد أن تنهي هذه الحرب وترغب في الوصول إلى اتفاق سلام، وهو الأمر الذي سعت إليه خلال السنوات الماضية من خلال التواصل مع كافة الأطراف بمن فيهم الحوثيون ودعم جهود الأمم المتحدة، وهو ما يتعزز اليوم مع وجود هذه الرغبة المشتركة التي ستقود إلى نهاية الحرب.
وفي رده على سؤال لـ”العرب” حول إمكانية عودة ما يُعرَف بمبادرة جون كيري لواجهة السياسة الخارجية الأميركية، باعتبارها إحدى ركائز التسوية الشاملة للأزمة اليمنية أو تراجع تلك المبادرة أمام رؤية المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث “الإعلان المشترك” التي يتردد بأنها المرجع الأساس لحل الأزمة اليمنية، قال اليماني “لم يعد بالإمكان العودة إلى أي أفكار كانت مطروحة قبل أربع سنوات من اليوم، فقد حدثت الكثير من المتغيرات. وأعتقد أن الرئيس بايدن كان صريحا جدا بالحديث عن أنّ أي جهد ستقوم به الإدارة الأميركية سيكون جهدا داعما لجهود الأمم المتحدة وجهود المبعوث الخاص للأمين العام”.
وبحسب اليماني فإنّ من “الواضح أن الإعلان المشترك الذي استمر غريفيث يعمل عليه لمدة فاقت الثمانية أشهر هو وثيقة هامة جدا مطروحة أمام الجميع وتم التوافق عليها ولا أدري لماذا لا تريد الأطراف أن تنخرط في حوار بنّاء على الإعلان المشترك، فهناك وثيقة هامة أمامنا وتحظى بقبول كل الأطراف وتوفّر الأرضية اللاّزمة للدخول في مفاوضات الحل السياسي، فينبغي أن نأخذ بهذه المبادرة ونتقدم إلى الأمام”.
وحول قدرة “الشرعية” في اليمن على استيعاب التحولات القادمة في الموقفين الإقليمي والدولي، ومواجهة التحديات المرتقبة، أكّد اليماني أن “الشرعية” هي عمود السلام وهي الطرف الذي ينبغي أن يقاتل من أجل السلام، وينبغي أن تقاتل من أجل إنهاء الحرب، وينبغي أن تقاتل من أجل استعادة الدولة.
وأضاف قوله “أعتقد أن معاناة الشعب اليمني شأن يؤرق الشرعية، والتخفيف من هذه المعاناة هو واجب الشرعية وما الجهود التي تُبذل اليوم في عدن تحت إشراف قيادة الشرعية بعد اتفاق الرياض وبإشراف وضغط مباشر من الأشقاء إلاّ معطيات تصب في هذا الاتجاه، وكلنا نتطلع إلى السلام ونتطلع إلى نهاية هذه الحرب ونتطلع إلى العيش المشترك وهذا أمر مهم جدا”.
وردّا على بعض التساؤلات المطروحة في الشارع اليمني حول الضمانات التي قد تجعل “الإعلان المشترك” الذي تسوّق له الأمم المتحدة، في حال التوقيع عليه لا ينتهي إلى نفس مصير “اتفاق السويد” الذي لم ينفذ منه إلا البند المتعلق بالأسرى، قال اليماني الذي قام بالتوقيع على اتفاق ستوكهولم حول الحديدة أثناء توليه حقيبة وزارة الخارجية في الحكومة اليمنية “حقيقةً اتفاق السويد ظُلم كثيراً ولو تم التدقيق في تفاصيله لوجدتَ أنه تم إهمال كل بنوده ولم يتم الشروع في تنفيذها. واليوم اتفاق السويد معطل نظرا لأنّه لا وجود لأي رغبة لإنجاز ما تم الاتفاق عليه، ولو أمعنا النظر في الوثيقة، لوجدنا الكثير من الحقائق الغائبة، وهو موضوع حديثه يطول وأنا مستعد للحديث معكم حوله في وقت لاحق، لكني أتوقع أن الجلوس إلى طاولة مشاورات الحل النهائي والتوصل إلى اتفاقات مُلزمة للأطراف والتوصل إلى سلام لا يتطلب الكثير، فمتطلبات هذا السلام ليست مُعقدة وهي أمامنا شاخصة، والسلام يقوم على أساس أن تتحول الحركة الحوثية إلى تنظيم سياسي ونحن نقبلها كطرف سياسي ونريدها أن تكون طرفا سياسيا ولا نريدها أن تكون مُختطِفة للدولة اليمنية، وذلك لن يتحقق في ظل وجود أمراء الحرب والميليشيات المنفلتة الذين ينبغي أن ينتهي دورهم، لتعود الحياة الطبيعية المدنية لمجتمعنا، فكلما تمددت هذه الحرب، تمدد دور أمراء الحرب لأنهم يُثْرُونَ من معاناة أهالينا في اليمن”.
وحرص اليماني على تأكيد وجود فرصة للسلام قائلا “كما أشرت سابقا، السلام متطلباته ليست كثيرة ولكن تحتاج إلى قرارات مصيرية ورجال بقامة الوطن لإخراج شعبنا اليمني من هذه الكارثة، وإذا أردنا اليوم فهناك فرصة تاريخية لوقف الحرب والدخول في مفاوضات السلام في اليمن. وإذا أردنا أيضا ستستمر هذه الحرب لاثنتي عشرة سنة أخرى”.
واختتم بالقول “إنّه يكفي شعبنا اليمني هذا التدمير وهذا التقتيل العدمي وهذه المعاناة الإنسانية التي يندى لها جبين الإنسانية، أو كما وصفها الرئيس بايدن بأنها وضع كارثي على المستوى الإستراتيجي، ولا ينبغي أن تستمر”.