عندما تصل الى قلب مدينة الحديدة ..افرك عينيك مرة.. ثلاث ..او اربع، لن يتغير المشهد الفضييع للدمار والخراب الذي يقف امامك ..مدينة مجندلة بوحشية ..تساقطت منازلها واصبحت في الارض مرمية مثل جثثت الاطفال والنساء والشيوخ العزل الذين يتلذذ الحوثي بقتلهم لاشباع ساديته..
عجيب امرهم انهم يتحدثون عن السلام ، فيما المعارك محتدمة على امتداد خارطة الساحل الغربي ويوميا تتابع تفاصيل كيف تتحول هجمات وزحوفات ميليشيات الحوثي الارهابية الى اشبه بمفرقعات امام صمود ابطال القوات المشتركة، كما يتحدثون عن مارب وميليشيات الموت تهاجمها بوحشية ..
منذ التوقيع على اتفاق ستوكهولم ، يعيش الساحل الغربي حرب طاحنة ومسكوت عنها.. فالصواريخ وقذائف المدفعية تتساقط على منازل المواطنيين ليل نهار..نزوح الاف الاسر مستمر..مصانع اخوان ثابت اصبحت اشبة بمقلب للخردة ،وبالقرب منها تقف مطاحن البحر الاحمر كالاشباح او كسفينة محطمة قذفت بها الامواج الى الساحل..
يتحدثون عن السلام وفي قلب مدينة الحديدة استشهد الضابط محمد الصليحي برصاص ميليشيات الحوثي وهو يغرس فسيلة للسلام ضمن فريق نقاط المراقبة الاممية لوقف اطلاق النار .. ومن يومها سقطت كل نقاط المراقبة برصاصة حوثية غادرة استهدفت الضابط الصليحي، فتوقف عمل البعثة الاممية بالحديدة وعادت الحرب تفرض قوانينها في الساحل الغربي اكثر من ذي قبل ..
اه ..كم يبدو السلام بعيدا ..بعيدا ..ونحن نشاهد امامنا ادخنة القذائف ترتفع الى السماء ، فتظهر الحرب بشكلها الذميم وهي تكشر عن انيابها .. تشاهدها وانت تسير على الخط الاسفلتي ، فيما تطلق سيارات الاسعاف اصواتها وهي تسابق الرياح .. فتدرك فضاعت الحرب المنسية في الساحل الغربي ، والتخلي الامم المتحدة عن مارب وكل النازحين في هذه المدينة التي تقصف يوميا ..
بعد اكثر من عامين تحول اتفاق ستوكهولم الى وحش قاتل ، فقد سقط قرابة 4 الاف مدني ، و ما كشفه منسق الشئون الانسانية في 29 يناير من رقم عن عدد الضحايا يظهر حجم الكارثة ، فقد سقط 153 ضحية من المدنيين في الحديدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ويعتبر منسق الشئون الانسانية هذا الرقم أعلى رقم يتم تسجيله في أي محافظة على مستوى البلاد. ..
مؤلم جدا ان يدافعون عن اتفاق ستوكهولم والذي كتب بحبر اسود ، بينما اطفال الساحل الغربي تسفك دمائهم يوميا، ولا احد يدافع عنهم ..حتى الايادي التي صفقت يومها للاتفاق ..تتجاهل اليوم معاناة نساء الساحل الغربي وهن يلطمن خدودهن ،وكل واحدة منهن صارت تندب عزيزا ازهقت روحه الميليشيات الحوثية في حي منظر، او في تخوم الدريهمي او التحيتا اوحيس ..ومن اعتقدوا بانهم اصبحوا بعيدين عن مدافع وصواريخ الحوثي تصطادهم الغامه وعبواته الناسفة ..
يعيش ابناء الساحل الغربي تراجيديا حقيقية ، لاسيما عندما نشاهد مارتين جريفيتثس يحرص على الظهور بربطة العنق الانيقة ،ويحرك تجاعيد وجهه مع كل قلق يبديه بطريقة الممثل المحترف، فيتخيل البعض ان مدينة الحديدة وكل سكان الساحل الغربي ينعمون بالسلام الذي من اجله انهك هذا الرجل حياته ، بين احاطات وسفريات واجتماعات ، لنجد في الخلاصة على مستوى الساحل او مارب انها كلها مجرد بيع للاوهام ..
ان من فشل في وقف اطلاق النار في الساحل الغربي ،لن ينقذ مارب واهلها من هجمات ميليشيات الحوثي الارهابية ، فمثله مثل الراقدين في جبهات مريس والحوبان وغيرها ..