معركة بعثرة موازين السيطرة الميدانية تبلغ أشدّها في مأرب “تصعيد حوثي بإيعاز من إيران للضغط على السعودية”

تشهد المواجهات العسكرية الدائرة في محافظة مأرب شرقي اليمن بين جماعة الحوثي والقوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، تصعيدا كبيرا في ظلّ تصميم الجماعة المتمرّدة على السيطرة على المحافظة النفطية ذات الموقع الاستراتيجي، واستماتة القوات الحكومية في الدفاع عنها نظرا لما سيحدثه سقوطها بأيدي الحوثيين من انقلاب كبير في الوضع الميداني باليمن. 

وأطلقت الجماعة المسيطرة على أجزاء واسعة من اليمن، من ضمنها العاصمة صنعاء التي تقع مأرب على حدودها الشرقية، معركة كبيرة باتجاه مركز المحافظة، في خطوة بدا أنّ الهدف منها تحقيق مكسب ميداني كبير قبل التسوية السياسية التي لاحت بوادرها بفعل التصميم الأميركي والجهد الأممي على إنهاء الصراع اليمني سلميا. 

ووفق ما أفادت مصادر حكومية، خلّفت المعارك في المحافظة المذكورة العشرات من القتلى والمصابين خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية. 

وقال مصدر حكومي لوكالة فرانس برس إن معظم من سقطوا في المعارك هم من الحوثيين نتيجة الغارات الجوية على قوّاتهم. وأضاف قوله إن المتمردين استهدفوا، الخميس، تعزيزات حكومية قادمة من شبوة بجنوب البلاد بصاروخ باليستي في أطراف مأرب، ما أدى إلى مقتل 8 جنود وإصابة عدد آخر. 

ووفق مصادر عسكرية حكومية، شن التحالف العربي إلى حدود الجمعة نحو 15 غارة جوية في منطقة صرواح استهدفت أربع منصات كاتيوشا وتعزيزات للحوثيين قادمة من صنعاء على متن ثماني مركبات دمرتها بالكامل وقتلت جميع الأفراد على متنها. 

وتشهد مدينة مأرب حالة نفير عام مع دعوة القوات الحكومية القبائل المحلية لدعمها، وفق سكان من المنطقة. ودعا أئمة مساجد في خطبة الجمعة القبائل للمشاركة في قتال الحوثيين ورفد الجبهات بالغذاء والمال، وفق المصدر نفسه. 

وخلال الأيام الماضية تعرّضت القوات الحكومية التي يوالي جزء هامّ منها قيادات تنتمي لحزب الإصلاح الذراع اليمنية لجماعة الإخوان المسلمين لانتقادات حادّة، بسبب تركيزها على مناطق جنوب البلاد ومواجهة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي هناك بدل توجيه جهودها نحو مأرب لمنع سقوطها بأيدي الحوثيين. 

وتساءل منصور صالح القيادي في المجلس “متى سيخوض الإخوان وباقي القوى اليمنية الشمالية معركتهم ولو لمرة واحدة في مواجهة الحوثي؟”، وقال في تصريحات أوردها موقع عدن الغد الإخباري “منذ ست سنوات وهم ينسحبون ويتركون للحوثي سلاحهم، وإن أرادوا البقاء في مواقعهم صاحوا وناحوا مطالبين الجنوبيين بالمدد دفاعا عن محافظات الشمال”. 

ومأرب من بين المناطق القليلة التي ظلت خاضعة لسيطرة القوات الموالية للحكومة في شمال البلاد الذي سيطر الحوثيون على القسم الأكبر منه منذ خريف سنة 2014. 

وشدد المتمردون الحوثيون هجماتهم في الأيام الأخيرة في المنطقة وكثّفوا قصفهم لأهداف مدنية داخل الأراضي السعودية، ما قاد إلى إدانات واسعة لهم من قبل المجتمع الدولي. 

وأعلن المتحدث باسم الجناح العسكري للحوثيين يحيى سريع على تويتر مسؤوليتهم عن هجوم استهدف الخميس منطقة خميس مشيط جنوبي المملكة والتي توجد بها قاعدة جوية مهمّة. 

وكان المتمردون قد شنوا قبل ذلك بيوم هجوما بطائرات مسيّرة استهدف مطار أبها السعودي. وخلّفت تلك الهجمات، وخصوصا توقيتها، انطباعا بالغ السوء حيث بدا الأمر وكأن الحوثيين بصدد الاستقواء بالإجراءات الجديدة التي أقرّتها الإدارة الأميركية ومن ضمنها وقف تقديم الدعم اللوجستي للتحالف العربي ومراجعة قرار الإدارة السابقة بتصنيف الجماعة الحوثية منظمّة إرهابية. 

ويعتبر متابعون للشأن اليمني أن التصعيد الحوثي في مأرب وضدّ السعودية جاء بإيعاز من إيران التي تستخدم الحوثيين وكلاء لها في اليمن، على غرار الميليشيات التابعة لها في العراق وسوريا ولبنان، وهي المتحكّمة الحقيقية في قرار الحرب والسلم لديهم. 

ويتوقّع مراقبون أن تكون طهران قد وجّهت الأمر للحوثيين بالتصعيد في هذه الفترة بالذات لتشديد الضغوط على إدارة جو بايدن لمعرفتها برغبة تلك الإدارة في حل الأزمة اليمنية سلميا. 

ووفق الأمم المتحدة، يعيش اليمن جرّاء النزاع المدمّر أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع سقوط عشرات الآلاف من القتلى ونزوح الملايين ووجود السكان على حافة المجاعة. 

Exit mobile version