زادت مليشيا الحوثي في اليمن من هجماتها الإرهابية على المدنيين اليمنيين واستهداف المملكة العربية السعودية الشقيقة.
خلال الأيام القليلة الماضية، بما في ذلك محاولة هذه المليشيا استهداف مطار أبها الدولي بطائرة مسيرة مفخخة، وإطلاقها صاروخا باليستيا تجاه بلدة خميس مشيط السعودية، وهي هجمات تمكنت قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية من اعتراضها وإحباطها بكفاءة.
وبطبيعة الحال، لا يمكن فصل هذه الهجمات الإجرامية من قبل مليشيات الحوثي عن المواقف التي تبنتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاهها، ومن بينها إعلان هذه الإدارة شطب جماعة الحوثي من لائحة قوائم الإرهاب الأمريكية، وهو موقف فهمته هذه الجماعة الإرهابية بشكل سلبي، معتقدة أنها تمنحها الضوء الأخضر للقيام بمثل هذه العمليات الإجرامية.
وتكشف هذه العمليات الإرهابية التي تقوم بها مليشيات الحوثي تجاه المملكة العربية السعودية الشقيقة وتجاه الشعب اليمني الشقيق خطأ المقاربة التي تتبناها إدارة بايدن في التعامل مع ملف الأزمة اليمنية، فالتعامل مع مثل هذه المليشيات لن يحقق السلام المنشود في اليمن، كما يأمل بعض أقطاب الإدارة الأمريكية، ولن يقنع هذه المليشيات بالتوقف عن أعمالها الإرهابية، لأنها لا تتصرف بمنطق الدولة ولكن بمنطق المليشيات التي لا يهمها مصالح اليمن وشعبه، أو أمن واستقرار منطقة حيوية مثل منطقتنا.
ويلاحظ هنا أن هذه الهجمات الإرهابية جاءت متزامنة مع أول زيارة للمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ للرياض، في إشارة واضحة إلى أن مليشيات الحوثي غير معنية بأي تغييرات إيجابية في الموقف الأمريكي تجاهها، وأن مواقف إدارة بايدن لن تغير من النهج الإجرامي والإرهابي لهذه الجماعة، التي لا تخدم سوى أهداف القوى التي تحركها وتموّلها وتستخدمها كأداة لتحقيق أهدافها التوسعية في المنطقة، أو كورقة مساومة مع القوى الإقليمية والدولية.
ولا شك أن هناك علامات استفهام وتساؤلات مشروعة بشأن الرؤية التي تستند إليها إدارة بايدن في مقاربتها للتعامل مع الأزمة اليمنية وتحركها لرفع جماعة الحوثي من لائحة المنظمات الإرهابية، فإذا كان الهدف إقناع هذه الجماعة بترك العنف والانضمام لجهود ومساعي تحقيق السلام وتسوية الأزمة اليمنية، فقد أثبتت هذه الجماعة من خلال عملياتها الإرهابية أن هذا التوجه غير سليم وخاطئ، كما أنه يرسل رسالة سلبية لدول المنطقة بأن واشنطن غير جادة في محاربة الإرهاب.
وإذا كانت إدارة بايدن تحاول توظيف هذا الملف كنوع من “الهدايا” التي تريد تقديمها لإيران لتشجيعها على العودة للاتفاق النووي بدلاً من نهج العقوبات الذي اتبعته إدارة ترامب، كما أشار إلى ذلك وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو وبعض النواب الأمريكيين مثل السيناتور الجمهور توم كوتون، فإن هذا سيشكل تكراراً لأخطاء إدارة أوباما السابقة، كما أنه قد يشجع طهران في المقابل على الإيعاز للحوثيين بمزيد من الهجمات المهددة للأمن والاستقرار بهدف تصعيد الضغط على بايدن حتى يرفع العقوبات المفروضة على طهران أولاً دون الالتزام بشرطه القاضي بأن تلتزم إيران أولاً ببنود الاتفاق النووي قبل العودة له، وهو ما يجعل أمن المنطقة واستقرارها رهيناً بلعبة المناورات الأمريكية – الإيرانية.
عندما صنفت واشنطن جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أكدت في مقال سابق لي نشر في موقع العين الإخبارية، أن هذا التحرك سيعزز الأمن والاستقرار في المنطقة لأنه يرسل رسالة صارمة مؤداها أنه لا مكان للمليشيات الإرهابية في أي مسعى لتحقيق السلام، واليوم ومع تراجع إدارة بايدن عن هذا القرار أخشى أن هذا قد يزيد من حالة عدم الاستقرار الإقليمي ويشجع هذه الجماعة على ارتكاب مزيد من الأعمال الإرهابية، مستفيدة من هذه المقاربة الخاطئة لإدارة بايدن في التعامل مع أزمة الشعب اليمني الشقيق.