لطالما تكتم الحرس الثوري الإيراني عن أيادي الإجرام باليمن لتنفيذ مخططاته، وها هي لائحة الإرهاب تطارد “القتلة الأكثر صمتا” لوكلائه الحوثيين.
وعادت واشنطن لسلاح العقوبات لتشمل هذه المرة القياديين العسكريين الحوثيين “منصور السعادي” و”أحمد الحمزي” كضربة بحق الإرهاب الإيراني باليمن والمنطقة، وذلك عقب أيام من فرض مجلس الأمن عقوبات على قائد أمني.
وفيما يبدو فالعقوبات الجديدة دلالة أخرى للإدارة الأمريكية على فداحة الشطب المبكر لاسم “جماعة الحوثي” من القائمة السوداء والتخلي عن أهم أداة ضغط دون أي ضمانات للسلام بالبلد.
والسعادي والحمزي هما عضوان بارزان بين شبكة أذرع رأس الأفعى عبدالملك الحوثي، ويمثلان بالنسبة للحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي قتلة متمرسين، ومن أبرز القادة السريين الميدانيين المنفذين للهجمات الصاروخية ضد السعودية تحديدا والعمليات البحرية على سفن الشحن لابتزاز العالم.
وننشر هنا تفاصيل عن القياديين الحوثيين “السعادي” و”الحمزي” لا سيما أن الأول من رؤوس الإرهاب في البحر الأحمر، وعضو فريق الانقلابيين بـ”لجنة الحديدة الأممية”، أما الثاني فهو أكبر مسؤول عن إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار منذ أكثر من عامين ولديه تاريخ مظلم يتجاوز المنطقة.
من يكون الحمزي؟
حتى يناير 2019، لم يكن أحد يعرف قياديا حوثيا يدعى “أحمد علي الحمزي”، لكن تعيينه في منصب كبير، يخضع بشكل كلي لإدارة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي، فتح الأعين نحو الماضي القاتم.
وعين زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي “الحمزي” المكنى “أبوشهيد” والمنحدر من بلدة “سحار” صعدة قائدا لما يسمى “العمليات العسكرية لسلاح الجو” ومنحه رتبة “لواء”.
وطيلة السنوات الماضية تولى الرجل مهمات إرهابية خارج اليمن قبل أن يعود للعمل من صنعاء كمسؤول أول عن إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة خلفا لـ”إبراهيم الشامي” الذي خضع للإقامة الجبرية عدة أشهر بصعدة وتضاربت الأنباء حول اغتياله.
وما بين ماض أسود يبدأ منذ تجنيد طهران له باكرا ثم تدريبه لسنوات لدى القوات الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني، وحاضر أكثر سوادا جعل القضاء اليمني يضعه في الخانة 77 لقائمة القادة المشاركين في تأسيس كيان إرهابي مسلح.
وقالت مصادر أمنية يمنية متطابقة إن أهم أدوار الحمزي هو عمله كممثل لزعيم المليشيات الانقلابية الإرهابية لتلقي الدعم الخارجي المادي والعسكري، وكمنسق لدوائر المخابرات الحوثية والإيرانية في لبنان وطهران وبعض دول أوروبا والخليج متنقلا بجواز سفر وهوية غير حقيقية.
كما “عينه زعيم مليشيات الحوثي مندوبا عسكريا لدى “حزب الله” قبل الانقلاب وإسقاط العاصمة صنعاء”.
وكشفت المصادر عن أن الحمزي تولى التنسيق لتدريب أول مجموعة بحرية حوثية “كوماندوز” على يد خبراء حزب الله في لبنان، كما ارتبط بأجهزة مخابرات خارجية متعددة مساندة للحوثيين يعمل لها الانقلابيون بالوكالة في البلاد.
وأكدت المصادر، أن “أحمد الحمزي” لا يزال يعمل مسؤولا عن عمليات تهريب الأسلحة وقطع الطيران المسير حتى اليوم ومن قلب صنعاء، مشيرة إلى ارتباطاته الواسعة مع تجار ومهربي السلاح، بدأت عقب عمله مع تاجر السلاح الشهير “فارس مناع” المدرج بقوائم عقوبات مجلس الأمن.
ولا يتوقف دور الرجل على العمليات الإرهابية وتهريب السلاح، وطبقا لذات المصادر فقد تم رصد شبكة واسعة يديرها “الحمزي” وتنشط في تهريب المخدرات القادمة من إيران لليمن.
وبحسب المصادر الأمنية فإن الحمزي هو مسؤول “ملف تهريب المخدرات” وعمل مؤخرا للمقايضة بشحنات مخدرات إيرانية بنصف القيمة مع تجار سلاح محليين للحصول على ذخيرة وسلاح.
من هو السعادي؟
يعتبر القيادي “منصور أحمد السعادي” المكنى “أبوسجاد” أحد القادة العسكريين المتطرفين لمليشيات الحوثي المنحدرين من معقل الانقلاب “مران” في محافظة صعدة، أقصى شمالي البلاد.
ويملك السعادي تاريخا حالك السواد، كغيره من القادة الحوثيين، لكنه أحد القلائل ممن دربهم الحرس الثوري الإيراني في معسكراته في طهران وأخرى دورات عسكرية على يد ضباط حزب الله اللبناني ثم عاد لليمن كذراع إرهابية لنشر الخراب من على الأراضي اليمنية.
ذاع صيت “أبو سجاد” السيئ عقب عمله مع القيادي الحوثي “نائف أبو خرفشة” ذي صلة القرابة بزعيم المليشيات خلال اجتياح محافظة الحديدة بعيد أيام من إسقاط صنعاء أواخر 2014، وقد كلفه زعيم الجماعة بتفكيك القوات البحرية وقوات الدفاع الساحلي بالجيش اليمني السابق في محافظة الحديدة تحديدا.
وقاد الإرهابي السعادي حملات قمع وتنكيل وحشية ضد ضباط البحرية وطلاب الكلية البحرية حتى أحكم قبضته على كل مفاصل هذه القوة.
وقال مصدران رفيعان في القوات البحرية سابقا، إن “أبو سجاد السعادي” وقف خلف عمليات إرهابية ممنهجة لتصفية تشكيل بحري محترف بأكمله كان يتولى مهمة “الضفادع البشرية” يتبع الحرس الجمهوري سابقا، بالإضافة لإخفاء قسري لطلاب في الكلية البحرية لا يزال مصيرهم غامضا حتى اليوم.
وأوضحت أن المدعو “السعادي” يشكل الرجل الأول لزعيم المليشيات فيما يسمى “القوات البحرية والدفاع الساحلي” التي شيدها بإشراف وتدريب مباشر لخبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله الإرهابي على أنقاض القوات اليمنية السابقة وقد تم منحه نظير دوره الإرهابي رتبة “عميد”.
وأشار المصدران إلى أن الإرهابي “أبو سجاد” فتح العديد من المعسكرات التدريبية لمليشياته في المديريات الشرقية للحديدة خصوصا مديرية “السخنة” وقام بنهب كل أسلحة البحرية والدفاع الساحلي وتجنيد الفقراء والمهمشين واللاجئين الأفارقة.
ومع إطلاق التحالف العربي عملية تحرير ميناءي المخا والحديدة 2017، لجأ المدعو “أبو سجاد” لبث ألغام بحرية بدائية الصنع وأخرى من نوع صدف إيرانية الصنع بشكل عشوائي في المياه الإقليمية وفي الموانئ الحيوية ثم أدار بتوجيه إيراني مباشر عشرات الهجمات ضد سفن الشحن، طبقا لذات المصادر.
وعقب توقف معركة الحديدة، بموجب اتفاق ستوكهولم، أواخر 2018 عينت المليشيات “منصور السعادي” بجانب المدعوين “علي الموشيكي” و”محمد القادري” أعضاء في لجنة إعادة الانتشار بإشراف الأمم المتحدة المسؤولة عن تنفيذ الانسحابات من موانئ ومدينة الحديدة.
واستغلت المليشيات الاتفاق لشرعنة بقائها رسميا في بوابة اليمن الغربية، إذ أفشلت أي تطبيق على الأرض من بينها مسرحية سافرة أدارها “السعادي” وآخر يدعى “المؤيد” عبر انسحاب وهمي أمام أنظار الأمم المتحدة من الموانئ، بما فيها ميناء الحديدة، وإلباس العناصر المسلحة بزة خفر السواحل بزعم أنها قوة أمنية.
ومنذ سريان تهدئة الحديدة، انتقل الرجل لمهمة أخرى بتحويل مراكب وسفن صغيرة قدمتها دول عربية وعالمية مساعدات لتأمين ميناء الحديدة إلى دوريات مسلحة تمارس القرصنة وتزرع الألغام البحرية وإطلاق الزوارق المسيرة عن بعد التي تفخخ بالمتفجرات في ورش تصنيع لخبراء إيرانيين ولبنانيين إلى الجهة الشمالية للحديدة.
كما يشرف على عمليات تهريب السلاح الإيراني عبر “ميناء الحديدة” و”الصليف” و”اللحية” باستخدام مراكب صيادين تقل شحنات الأسلحة من عمق البحر من سفن إيرانية أشهرها “سافيز”، حسب حديث المصدرين.
ويحاكمه القضاء اليمني بتهمة الانقلاب على الشرعية وإنشاء كيان إرهابي مسلح بدعم من إيران وحزب الله الإرهابي، ومن بين قائمة مطولة يأتي اسمه رقم 98 في قائمة المطلوبين لانتحاله صفة أركان حرب للقوات البحرية.