“الحوثيون”.. خطر طائفي متواصل
لم يشكل تنظيم أو جماعة خطراً على منطقة الشرق الأوسط خلال الآونة الأخيرة.. مثلما يمثله خطر «الحوثيين» في اليمن على الرغم من انحساره في اليمن فقط! فبعد تنظيم «الإخوان» وما تفرع منه من تنظيمات إرهابية كـ«القاعدة» و«داعش»، يتفاقم الآن خطر «الحوثيين» كميليشيا تتسلح بأطر طائفية وأيديولوجية مرتبطة بالخارج، ومدعومة من قوة إقليمية تتدخل في شؤون المنطقة. «الحوثيون» في اليمن على الرغم من أنهم كانوا جماعة أو يمكننا أن نطلق عليها جماعات وخلايا نائمة منذ زمن وتم تحريكها من قبل دولة مؤثرة في المنطقة لطالما صدّرت الإرهاب للعالم واستهلته في منطقة الشرق الأوسط.
إن خطر «الحوثيين» لا يقف عند حدود اليمن.. وإنما يستمر، حال تركه يتفاقم، ليتجاوز ذلك، مما يؤجج التوترات بمنطقة الشرق الأوسط.. خاصة إذا ما استمر خطر هذه الجماعة كما هو عليه حالياً ففي تقديري، أنه بعد سنوات عدة سنجد أنفسنا أمام كمٍّ كبير من التنظيمات والجماعات الطائفية والمذهبية الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط. وهذا السيناريو يزيد التوترات الإقليمية من جهة، ويجعل من الصعب تسوية الأزمة اليمنية. الأخبار اليومية ترصد استهداف «الحوثيين» للمدنيين في المملكة العربية السعودية، عبر الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، ضمن خطوات عشوائية، تزيد من تعقيد الأزمة اليمنية، وتربك الاستقرار الإقليمي، وتُحمّل المدنيين داخل اليمن والسعودية وزر جماعة ميليشياوية يتم استخدامها من أطراف خارجية لا تريد الاستقرار للإقليم.
هذه الجماعة الإرهابية، ومن خلال توسعها في نشاطاتها التخريبية منذ عام 2014، باتت تشكل خطراً حقيقياً على المنطقة، وسلوكيات هذه الميليشيا تُكرس الفوضى، وتسير في اتجاه تدمير المجتمعات مثلما فعلت داخل اليمن. وهذا النوع من الميليشيات الطائفية يفتح الباب على مصراعيه للتدخلات المغرضة التي تستثمر في الاستقطابات المذهبية، التي دأبت قوة إقليمية على استغلالها أبشع استغلال. خطر «الحوثيين» يمتد ليؤثر على قطاع الاقتصاد العالمي، وهذا ما بدأ يثير الانتباه، من خلال مساعي «الحوثيين»، منذ بداية انقلابهم على الشرعية في اليمن، السيطرة على مناطق استراتيجية وموانئ مهمة على البحر الأحمر، ما يشكل خطراً على الملاحة البحرية، ومن ثم يهدد خطوط نقل الطاقة. وينبغي على المجتمع الدولي التصدي لهذا الخطر، من خلال تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية، وجعل ميليشيات «الحوثي» تحت طائلة القانون الدولي.
وبناءً عليه، فإن التوجه الحالي لدول المنطقة يجب أن ينصب على التصدي لهذه الميليشيا الطائفية، وتوجيه اتهامات للدول الراعية والداعمة لها بشتى الطرق والأساليب المتاحة، قانونياً ودبلوماسياً، للحد من خطورتها التي تتأكد للجميع يوماً بعد يومٍ. فمن غير المعقول ترك هذا الخطر يمتد ويتغلغل في المنطقة ليؤثر فيها سلباً، ويعمل على تدميرها بطريقة بطيئة.. وهو الهدف الذي يتوجب أن تُجمع عليه دول المنطقة إذا ما أرادت إرساء السلام والاستقرار لمنطقة حيوية واستراتيجية للعالم بأكمله..