يمن الغد/ تقرير- عبد الرب الفتاحي
الخصميات التي طالت رواتب الموظفيين والمتقاعدين في محافظة تعز لدعم جبهات القتال بقرار من محافظ تعز لاقت انتقادات واسعة اعتبرته قرار ليس صائبا في ظل الظروف التي يعيشها معظم الموظفيين والذين يعانون من واقع اقتصادي ومعيشي صعب.
* تكريس للخصميات..
يعيش الموظفون في اليمن ظروفا صعبة خاصة مع تدهور الوضع الاقتصادي وانهيار العملة لكن تكاد تكون محافظة تعز هي من أكثر المحافظات التي يعاني فيها الموظفيين وضعا تكاد فيه أن تكون معاناتهم هي الأشد وطأة من حيث طبيعة الخصميات وتكريسها بشكل متكرر.
ربما سياسات الخصميات أفقدت معظم الموظفين الشعور بالأمن كون هذه الخصميات ليست قانونية ومع المواجهة الأخيرة عسكريا مع جماعة الحوثيين حاول محافظ المحافظة نبيل شمسان اتخاد قرارات اتجهت لخصم رواتب الموظفين والمتقاعدين.
وأكد شمسان ذلك في تغريدة له على تويتر بالقول:” سوف يساهم الموظفين والمتقاعدين من ابناء تعز في دعم معركة استكمال تحرير تعز وفقاً لمعيار واحد ولا يمكن القبول بأي معايير أخرى”.
وهذا ماجعل عملية الخصم ترتبط بظروف معينة تتشكل فيها سياسات منفردة لاتربط غير في مصالح بعض الاطراف التي أصبحت تشكل واقع المدينة وتتعاظم فيها تعقيدات المشهد السياسي والاقتصادي.
وتعاني مدينة تعز ارتفاع ملحوظ في إسعار المواد الغذائية والملابس خاصة مع تدني الرواتب وانهيار العملة كما أن سائفي وسائل نقل المواد الغذائية والملابس يشكون من دفعهم أموال للنقاط العسكرية التي تتوزع في مداخل المدينة وهذا ماجعلهم يتجهون لرفع أسعار بضائعهم.
* مصادرة رواتب الموظفين..
ورفض الحزب الإشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الناصري في تعز الإجراءات التي تمارس من قبل السلطة المحلية والمتمثلة بالمحافظ نبيل شمسان والقيادات العسكرية في عملية الخصم التي تجري حاليا لدعم الجبهات.
وأكد الحزبان في بيان مشترك تابعه محرر “يمن الغد” أنهما يتابعان قرار السلطة المحلية المتضمن مصادرة رواتب عمال وموظفي الدولة في المديريات التي تقع تحت سلطة الحوثيين واستقطاع قسط يوم من رواتب العمال والموظفين في مناطق الشرعية.
وأشار بيان الحزبين أن السلطة المحلية أقدمت على اتخاذ هذه الخطوة في 12 مارس2021 تحت مبرر دعم معركة استكمال تحرير تعز.
وقال الحزب الإشتراكي والتنظيم الناصري أنها ” لم نكن على علم بهذا القرار الظالم المتعلق بمصادرة رواتب الموظفين ولم نشرعن لاتخاذه، ونعتبر هذا القرار بمثابة جريمة وسلاح حرب يستخدم ضد المدنيين وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، كما يمثل تعدي على حقوق العامل والموظف بدون وجه حق وبدون مسوغ قانوني”.
وأضاف الحزبان على أن التبرعات مسألة طوعية وأن استعادة مؤسسات الدولة وبسط نفوذها في مختلف مديريات تعز لا يأتي من خلال اجراءات السطو وأساليب الفرض والقسر على العمال والموظفين الغلابى والذين يرزحون تحت نير الحرب والفقر والجوع والغلاء الفاحش للأسعار.
وأعتبر الحزبان إن تحرير المجتمع يأتي من خلال تنمية موارده وليس من خلال مصادرة رواتب الناس وتجويعهم، وإن الطريق إلى استعادة الدولة وبسط نفوذها لا يكون إلا من خلال حماية حقوق الناس لا مصادرتها.
مواجهة المجتمع..
ورأى البيان بإن اتخاذ مثل هكذا قرارات باسم الجيش والسلطة المحلية والايحاء بالاجماع عليه من القوى السياسية والنقابات يضع القوى السياسية والتعبيرات المدنية في مواجهة مع المجتمع ويضفي مشروعية على قوى الفساد السياسي، بل ويعزز من تغولها واستمرارها في استخدام الحرب كوسيلة للتعيش والمتاجرة والتربح على حساب مصالح وأوجاع غالبية المواطنين.
وأعرب اشتراكي وناصري في تعز عن تضامنهما الكامل والمطلق مع الجرحى وأفراد الجيش الذين يتعرضون لخصومات كبيرة من رواتبهم لصالح جيوب وصناديق غير واضحة وتفتقر إلى الشفافية والنزاهة.
وأشار البيان الى أن قضية الجرحى ظلت مهملة من قبل الجهات المعنية وما زال الجرحى يتجرعون الآلام ويكابدون المعاناة لسنوات دون اتخاذ اجراءات جادة لمعالجة اوضاعهم.
و دعا السلطة المحلية والقيادات الأمنية والعسكرية إلى الغاء هذا القرار الظالم وبدون تباطؤ واحترام حقوق المواطنة والالتزام بالقانون.
وتعهد بماقضاة متخذي هذا القرار اللاقانوني واللاإنساني داعين النقابات المهنية للتعبير عن تنديدها بهذا القرار وبكل الاجراءات التي تنتقص من حقوق العمال والموظفين ومواجهة الفساد بكل أشكاله وصوره.
وقال البيان” إن مصادرة رواتب العمال والموظفين كمصدر دخل وحيد لهم ولأسرهم وغض النظر عن موارد الدولة المهدرة كضريبة القات وخصخصة الكهرباء واستنزاف المجتمع عبر الجبايات لا يعني سوى تحصين لهوامير الفساد والإيغال في ممارسة تجويع وإفقار الغالبية الكاسحة من المواطنين من ذوي الدخل المحدود”.
* تعزيز لعملية النهب..
يؤكد المحامي محمد صالح جمال أن الإجراءات التي قام بها المحافظ نبيل شمسان كان تجاوزا كبيرا وليس من صلاحياته أن يقوم بقطع الرواتب.
وقال صالح لـ”يمن الغد” أن مثل هذا الاجراء ليس إلا مخالفة تستدعي رفع دعوة قضائية على المحافظ لمعرفة تبعات مثل هذا القرار وتأثيره على الموظفين.
وأضاف محمد صالح أن خطوة كهذه تعني أن المحافظ يختلف كل اللوائح القانونية لإنه لايوجد نص قانوني يشرع أن يقوم محافظ بإقتطاع المرتبات وتشكيل للجان لممارسة مثل هذه المخالفات.
وكانت السلطات المحلية في المديريات بتعز قد تحركت وفق توجيهات المحافظ للبدأ بتشكيل لجان واجتماع مدراء المديريات لتنفيذ ما طلبه المحافظ حول الدور الذي يجب القيام به.
وقالت مصادر خاصة في مقر محافظة تعز لـ”يمن الغد” أن اجتماعات مكثفة عقدت خلال الأسبوع الفائت وذلك للبدأ بالخصومات بينما صدرت توجيهات لمراكز الصرافة للبدأ بالخصم من المرتبات لصالح دعم الجيش.
* الدور المشبوه..
لكن هناك من شكك بعملية الدعم تلك، وأعتبر محمد لطف هاشم ناشط سياسي أن كل مايتم جمعه للجيش لا يذهب للجيش ولن يصل اليهم.
وقال الناشط محمد لطف لـ”يمن الغد”: هناك جهات متعددة هي من تقوم بالخصم وتمارس مثل هذا النشاط وفق سياسات وارتباطات سياسية وشخصية خاصة مع تعدد القوى التي تتحرك لجمع وخصم المال”.
وأضاف أن من يدعي حبه لتحرير تعز هو من يجمع المال لصالح اطراف تستثمر الحرب من أجل جمع المال بينما الجنود هم المحرمون من هذه التحركات.
ودعا إلى منع عملية الخصم من مرتبات الموظفين في تعز لإنها ستجعلهم عرضة لمثل هذا النهب المتكرر وبدون أي مسوغ قانوني.