ملخص المبادرة على لسان وزير الخارجية السعودي:
“المبادرة تشمل وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة والسماح بفتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات الدولية. ونتطلع أيضاً إلى قبول الحكومة اليمنية بالمبادرة.
المبادرة سارية حاليا، لكنها تتعلق بقبول الحوثي.”
…
بالتأكيد الحكومة اليمنية ستقبل هذه المبادرة لكونها لا تملك ما يجعلها ترفض لا على مستوى إنجازها في الميدان العسكري واستعادة الدولة من يد الانقلابيين، ولا على مستوى الثقة بنفسها بأنها تمثل الشعب.. بحيث يكون لها حق القول والفعل، وهو سبب كاف يجعل اليوم طرح المبادرة بيد غيرها وقبولها أو رفضها بيد الحوثي وليس بيد اليمنيين.
أمّا بالنسبة للحوثيين ليس هناك ما يدفعهم للقبول بهذه المبادرة، طالما وهي (المليشيات الانقلابية) ما زالت تملك كل عوامل القوة على الأرض، لا سيما الصواريخ التي ما تزال تمطر السعودية وتقتل بهم اليمنيين، التي زادت قوتها مع قدوم المندوب الإيراني “حسن إيرلو” إلى اليمن، وإن قبلت سيكون القبول شكليا فقط أمام المجتمع الدولي، وهو ما سيمنحهم فرصة لتمكنهم من استعادة ما فقدوه في مأرب خلال المعركة الماضية على مستوى القوات البشرية ثم الترتيب العسكري الميداني بعد فقدانهم للعدد من القيادات أمثال زيد الشامي وغيرهم من القيادات الميدانية.. بالإضافة إلى ترتيب البيت الهاشمي/ الحوثي.
السعودية ودول التحالف.. من الطبيعي أن يعلنوا هذه المبادرة، وهي استجابة سريعة للسياسة الأمريكية الجديدة التي تسعى لإيقاف الحرب في اليمن والتي جاءت خلال ماراثون سياسي كبير ضغطت به أمريكا، ومن غير المعقول أمام ما يتطلع إليه “جو بايدن” أن تظل السعودية في صف إحدى (القوى المتصارعة حسب تقديراتهم السياسية)، وهذا التحول هو جوهر المبادرة، والذي يعتبر تحولا خطيرا في مسار التحالف الذي جاء لدعم ومساندة الشرعية اليمنية، ليس على مستوى إسقاط شرعية تدخل التحالف باليمن، ولا على مستوى القبول بالحوثي في العملية السياسية القادمة في اليمن ــ بكل ما يملكه من سلاح ــ، بل أيضاً في تجاوز واضح لكل المحددات والمرجعيات السياسية الخاصة بالعملية السياسية في اليمن، القرار 2216 والمبادرة الخليجية والحوار الوطني… الخ.
وهذا التحول اليوم افتقد أيضاً لأرضية صلبة يمكن الجميع من خوض مبادرات سلام حقيقية قائمة على مرتكزات يعوّل عليها في قبول الحوثيين بذلك، وهو أمر سيتطلب من اليمنيين والسعوديين دفع ثمنة الآن أو حتى في القادم القريب.
وفي هذا السياق من التنازلات جعل هذه المبادرة لا تختلف عن المبادرات السابقة التي من خلالها سهلت خروج الحوثي من صعدة إلى صنعاء بعد الحروب الست، ومن صنعاء إلى كل الجمهورية اليمنية بعد مؤتمر الحوار الوطني ومن فقدانه لسلاح الجو خلال الحرب إلى جعله يمتلك آلاف الطيران المسير وضرب أي أهداف يريد.
ما ليس من الطبيعي في مُجمل ما طرح اليوم بهذه المبادرة هو ظهور السعودية بهذا الفتور، وسرعة التنازل الكبير أمام حالة الهيجان والإصرار الإيراني في السيطرة على المنطقة، والذي يجعل اليمن يسير على خُطى لبنان التي أصبحت اليوم تحت رحمة خامنئي.