نعلم أن الحوثي بلغة السياسة قوة مليشاوية مارقة عن قرارات وحسابات السياسة والمجتمع الدولي.
قوة لا تحتكم لناظم سياسي، ولا تحمل فكر دولة.
وبالتالي الوسيلة الوحيدة للي ذراعه الطولى، وإجباره على الاستجابة لمبادرة مصاغة من كل دول الإقليم، ممهورة برعاية صناع القرار الدولي، متوازنة ومستجيبة لمصالح جميع المتداخلين في الملف اليمني، يتم فقط اما عبر انفتاح إيران طواعية على التفاهمات، أو عبر تغليظ العقوبات.
وهو ما شهدناه اليوم من حزمة عقوبات جديدة، تصعب على طهران تدوير مكنة اقتصادها، وتجفف مصادر مد الدعم لأذرعها العسكرية، من الحشد الشعبي في العراق إلى حزب الله، ومن المسميات التابعة لها في سورية، وحتى الحوثي في اليمن، وأن تكون عامل أمن في منطقة بالغة الحيوية الجيوسياسية، لا أن تكون مصدر تأزيم وصراع وعدم استقرار، لمحيطها الجغرافي ومربض المصالح الإمريكية والجوار.
المطروح الآن ليس إعادة إيران إلى سياق الملف النووي، بل فتح أبواب التفاوض على مصراعيه مجددا، لصياغة اتفاق جديد يشمل إلى جانب النووي، الصواريخ بعيدة المدى، وكف إيران عن تحشيد القوى الموالية لها، ضد حلفاء واشنطن من جنوب لبنان إلى جنوب المملكة.
إما إعادة هندسة صفقة متكاملة، وإما لا رفع محتمل للعقوبات، ما لم تُمّرر كحزمة واحدة تسوية متعددة الملفات.
نعم ربما أن الحوثي لا مصالح مالية ضخمة واقتصادية متشعبة، وربما لا استثمارات تتوقف عليها إعطاب مكنة الحرب، وجره إلى التفاوض، في حال إدراجه ضمن عقوبات مالية عالمية، الممكن الوحيد لإجباره على الحد، من طموحاته العسكرية المغامرة، لحكم كل اليمن، وفرض سلطة أمر واقع على الداخل والجوار، هو الضغط عليه عبر البوابة الإيرانية، حيث يعلم الجميع أن هناك فقط في طهران يكمن قرار السلم والحرب، لا في صنعاء ومران.
إيران تحارب كل ضغوط العالم الموجهة إليها، تفر من استحقاقات الضغط بتصعيد الحرب في بلاد فقيرة، تتاخم منابع مصدر إنتاج الثروات، وتطل على منافذ الملاحة الدولية وممرات التجارة العالمية، وهي حرب بكل المقاييس رخيصة غير مكلفة لإيران، وباذخة المكاسب.
لذا لا إمكانية مقدر لها النجاح لترويض الحوثي قبل إقناع إيران، بصفقة باكج وبتسويات شاملة لكل الموضوعات، تقوم على قاعدة رابح رابح لا رابح خاسر.
ربما تلك هي الجزرة، ما لم فإن عصا المزيد من العقوبات والعزل هما الخيار.