19 أبريل.. أعاد الاعتبار لليمن الجمهوري
تحل علينا الذكرى الثالثة لانطلاق العمليات العسكرية للمقاومة الوطنية والمولودة من رحم ثورة الثاني من ديسمبر التي وضع بذرتها وضحى من أجلها الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح وخاضها بكل بسالة حتى استشهد ومعه رفيقه الأمين الشهيد عارف الزوكا، برفقة نخبة من أخلص الرجال الذين بذلوا أرواحهم في مواجهة المشروع الظلامي الحوثي الكهنوتي “رحمهم الله جميعاً”، والحرية لمن لا يزال في سجون ميليشيات الحوثي الانقلابية حتى اللحظة.
هذه القوات التي تشكلت من الصفر بعد ثورة الثاني من ديسمبر المجيدة، لاستكمال أهدافها وتنفيذ وصايا الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، طيب الله ثراه، وتوافد إليها الأبطال من منتسبي القوات المسلحة وكافة اليمنيين، الذين ضاقوا ذرعاً بالمشروع الطائفي وبسلوكيات الميليشات الكهنوتية التي فرضت فكرها الرجعي المتخلف بقوة السلاح، عبر كل الوسائل بما فيها إجبار موظفي الدولة وخطف الشباب من الأحياء وإرغامهم على حضور ما يسمونها بالدورات الثقافية، وهي في الحقيقة دورات تعبوية طائفية وعنصرية مستوردة من حوزات ملالي “قُم” ترفضها وتسخر منها الروح اليمنية الأصيلة التي تؤمن بالوسطية والاعتدال والتعايش.
لقد خاضت المقاومة الوطنية وشركاؤها في القوات المشتركة من ألوية العمالقة الباسلة والألوية التهامية البطلة، منذ وصولها للساحل الغربي وحتى اللحظة، معارك لم تتوقف يوماً ووصلت لأطراف مدينة الحديدة لولا اتفاق إستكهولم الذي لم يتحقق منه إلا إيقاف تحرير المدينة وتركها بيد الميليشات الإجرامية تعاني ما يعانيه المواطنون في كل المحافظات الواقعة تحت قبضة العصابة الكهنوتية الحوثية.
إن الاحتفال اليوم بهذه الذكرى هو احتفال بما تحقق من تحرير كان يمكن أن يكون أكبر بكثير لولا ذلك الاتفاق الذي لم تلتزم به مليشيات الحوثي عبر الخروقات المتكررة التي تقوم بها بشكل يومي، إضافة إلى نهبها لإيرادات البنك المركزي فرع الحديدة والذي نص الاتفاق على تخصيصها لدفع رواتب الموظفين المحرومين من رواتبهم للعام السابع على التوالي، إضافة للمماطلة المستمرة والمراوغات فيما يخص رفع الحصار عن محافظة تعز، وتبادل الأسرى والمختطفين على قاعدة “الكل مقابل الكل”، وهو ما لم تلتزم جماعة الحوثية كعادتها، وهي التي لم تلتزم بأي اتفاق طوال مسيرتها.
لقد اتخذت العصابة الحوثية ملف الأسرى والمختطفين إضافة لملف سفينة صافر أوراق ضغط ووسائل ابتزاز ومساومة لتحقيق مكاسب سياسة لا أكثر، كما استغلت اتفاق ستوكهولم لإعادة ترتيب صفوفها بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها في معركة الساحل الغربي، ولولا ذلك الاتفاق لما تمكنت أن تحشد اليوم لمحاولة السيطرة على محافظة مأرب الصامدة التي يلقنها فيها أبطال الجيش وأبناء القبائل الهزيمة تلو الهزيمة.
وبفضل الله وسواعد الرجال الأبطال فقد تحقق للمقاومة الوطنية منذ إبرام اتفاق ستوكهولم ما يغيض عصابات الكهنوت، فبعد النجاحات التي تحققت في مسرح العمليات وصولا إلى قلب مدينة الحديدة، تمكنت المقاومة الوطنية من بناء قوات نوعية ينتسب إليها كل أبناء اليمن وتأهيل منتسبيها وإكسابهم الخبرات والمعارف العسكرية الحديثة بعيداً عن الانتماءات والولاءات الضيقة.
وهذا الاحتفال ما هو إلا مقدمة للاحتفال الكبير الذي يتطلع إليه كافة اليمنيين في العاصمة المختطفة صنعاء بعد تحريرها، بإذن الله تعالى، وتخليصهم من شر العصابة الإرهابية الحوثية التي تستثمر معاناتهم وتعمل على مضاعفتها بكل الوسائل حتى تحولت صنعاء من عاصمة التاريخ إلى عاصمة للسوق السوداء ليس في المشتقات النفطية فحسب بل في الغذاء والدواء وكل شيء.
ولعل ما يميز الاحتفال هذا العام أنه يأتي بالتزامن مع إعلان المكتب السياسي الذي تأسس ليعبر عن المقاومة الوطنية، وليكون جزءًا فاعلاً في الشرعية الدستورية يعمل مع مختلف القوى الوطنية الفاعلة على الأرض على تلبية تطلعات اليمنيين الذين باتوا على يقين تام أن هذه الميليشا إلى زوال، وأنها لا تمتلك أي مشروع وطني للبناء، وأنها مجرد أداة إيرانية لتدمير الوطن وتهديد الإقليم، وأن أهم مشاريعها هو الزج بالمغرر بهم إلى محارق الموت عبر غسل أدمغة المخدوعين منهم بشعاراتها، أو مستغلة معاناتهم وظروفهم.
لقد مثلت الفترة ما بين يناير 2018م التي وضعت فيها اللبنات الأولى للمقاومة الوطنية، وانطلاق عمليات تحرير الساحل الغربي في 19 إبريل من ذات العام، وصولاً إلى إشهار المكتب السياسي في 25 مارس 2021م لحظات تاريخية فارقة في مسار صمود شعبنا ضد مشاريع التخلف والجمود والارتهان للماضي البغيض الذي تمثله مليشيا الحوثي الكهنوتية.
وقد أثبتت السنوات الثلاث الماضية منذ انطلاق المقاومة الوطنية بأهداف وغايات سامية صوابية المسار الذي اجترحته باعتبار استعادة اليمن الجمهوري وعاصمته المختطفة صنعاء من أيدي الكهنوت الحوثي معركة الشعب المركزية، متبعين في ذلك نهج ثوار الثاني من ديسمبر ووصايا الزعيم منهجاً تسير على خطاها عسكرياً وسياسياً دون الخوض في معارك جانبية أو حرف البوصلة الوطنية عن اتجاهها الصحيح.
لذلك فإن الدور الذي لعبته المقاومة الوطنية والبطولات التي سطرتها في المعركة الوطنية وتمريغ أنوف المليشيا الظلامية في الوحل بمشاركة رفاق السلاح من ألوية العمالقة والألوية التهامية لا يقل أهمية عما اجترحه ثوار السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة والرابع عشر من أكتوبر الخالدة ضد الإمامة الرجعية والاستعمار البغيض.
وكلنا ثقة أنها ستعمل بكل ما تستطيع على ترسيخ هذه الأهداف واستعادة الوطن بكل الوسائل السلمية والسياسية العسكرية وبالتعاون مع كل القوى الوطنية التي ترى في عصابة الحوثي العدو الأول للشعب والوطن والمتسبب في كل ما يعيشه اليمنيون اليوم من معاناة تصنف بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وما ذلك إلا نتيجة لعنجهية العصابة الحوثية وانقلابها واستمرار سيطرتها على مؤسسات الدولة ورفضها لكل دعوات الحل السلمي لأنها ترى نفسها الأحق بالحكم مدعية أن الله اختصها به دون سواها، وأن من حقها أن تحكم الناس بالقوة وها هي تسعى لاستعبادهم وليس يهمها لو ضحت بهم جميعاً من أجل البقاء في كرسي الحكم.
*رئيس المركز الإعلامي للمقاومة الوطنية