حذرت مصادر سياسية يمنية من تصاعد التوتر بين المجلس الانتقالي الجنوبي وأطراف نافذة في الحكومة اليمنية، وعلى رأسها حزب الإصلاح الإخواني، ما قد ينذر بمواجهة قادمة في ظل حالة الاحتقان السياسي ومغادرة معظم وزراء الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن.
وأشارت المصادر إلى تواجد رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك وعدد من وزرائه في العاصمة السعودية الرياض لأسباب غير معلنة، منذ التظاهرات الشعبية التي وصلت إلى مقر إقامة الحكومة في قصر معاشيق بعدن احتجاجا على تردي الخدمات.
واعتبرت المصادر أن بقاء الحكومة في الرياض قد يكون استمرارا لنهج الضغط على المجلس الانتقالي تحت ذريعة تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض الذي تتبادل الحكومة والمجلس الاتهامات حول التهرب من تنفيذه.
وشهدت مناطق متفرقة من مديرية أحور بمحافظة أبين (شرق عدن) خلال الأيام الماضية اشتباكات متقطعة بين قوات تابعة للحكومة اليمنية وأخرى تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي على خلفية سعي قوات حكومية لفرض سيطرتها وطرد قوات محسوبة على المجلس.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” عن إرسال المجلس الانتقالي والحكومة تعزيزات عسكرية خلال الساعات الماضية إلى منطقة أحور التي قد تتحول إلى مسرح جديد للمواجهات بين الحكومة والمجلس الانتقالي.
وتصاعدت حالة الاحتقان بعد قيام ضابط في الجيش اليمني باختطاف عبدالمنعم شيخ، شقيق عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي عبدالرحمن شيخ. ودعا بيان صادر عن الهيئة إلى الإسراع في الإفراج عنه دون أي شروط، وتقديم مرتكبي هذه العملية إلى المساءلة القانونية.
وفي محافظة شبوة أقدمت قوات أمنية تابعة للسلطة المحلية التي يهيمن عليها حزب الإصلاح على اعتقال قيادي في المجلس الانتقالي ومنع فعالية لتوزيع وجبة إفطار في المحافظة.
ويؤكد مراقبون أن تصاعد التوتر السياسي والأمني بين المجلس الانتقالي وأطراف نافذة في الحكومة اليمنية تعارض اتفاق الرياض مؤشر على عودة المواجهات بين الطرفين، في ظل استمرار الاشتباكات العسكرية وتعثر استكمال تنفيذ الشق العسكري والأمني من الاتفاق.
وكشفت تصريحات لأحمد الميسري، وزير الداخلية السابق في الحكومة اليمنية وأحد أبرز المناهضين لاتفاق الرياض، عن انتهاج خصوم المجلس الانتقالي سياسة طويلة الأمد لتحجيم المجلس وإضعافه من خلال محاصرته بالأزمات الداخلية قبل الانقضاض عليه عسكريا بواسطة القوات التي يتم تحشيدها في محيط عدن بتمويل قطري.
وكانت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي قد حذرت في العاشر من أبريل ممّا أسمته “الاعتداءات المستمرة من قبل ميليشيات الإخوان الإرهابية على قوات الحزام الأمني في أبين”.
وقالت إنها توقفت أمام “الاعتداءات المستمرة من قبل ميليشيات الإخوان الإرهابية على قوات الحزام الأمني في مديرية أحور، والمراقشة بمديرية خنفر؛ بهدف فرض واقع جديد على الأرض لمصلحة قوى الإرهاب وتمكينها من التحرك والوصول بحرية إلى الساحل والمناطق الأخرى، لتفجير الوضع وخلط الأوراق، في تحدٍ سافر لاتفاق الرياض، وجهود التهدئة الهادفة إلى تهيئة الظروف لعملية التسوية الشاملة”.
كما تطرق اجتماع هيئة الانتقالي بحسب مصادر إعلامية تابعة للمجلس إلى “ما تشهده جبهة طور الباحة بمحافظة لحج من استحداثات وحشود وعمليات تجنيد، واستحداث لمعسكرات وفتح الطرق لصالح ميليشيات الإخوان، تبعا لأجندات مشبوهة وأعمال غير مشروعة، ضمن مخطط إعلان الحرب على الجنوب، وجهود التحالف العربي والمجتمع الدولي ومقتضيات الحل السياسي اللازمة”.
وحذر عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي سالم ثابت العولقي في وقت سابق من التحضير لجولة جديدة من الحرب في جنوب اليمن يعد لها الإخوان.
وكتب في تغريدة على تويتر “بذل الأشقاء في السعودية جهدا مقدرا لإنجاز اتفاق الرياض إلا أن الملاحظ أن الاتفاق قد وصل أعلى درجات الهشاشة (…) يحضر إخوان اليمن لحرب جديدة جنوبا لتُعقد المشهد المعقد أصلا، وردعهم واجب”.
ويرى مراقبون أن التزامات المجلس الانتقالي تجاه تعهداته التي وقع عليها في اتفاق الرياض ومشاركته في الحكومة المنبثقة عن الاتفاق، قيدت تحركاته وضبطت إيقاع ردود فعله السياسية والعسكرية، وهو الأمر الذي ترك هامشا مناسبا لتحركات القسم غير الملتزم باتفاق الرياض داخل “الشرعية” والذي يتحرك في مسار منفرد بعيدا عن أي التزامات سياسية للحكومة أو التحالف.
ووفقا لمصادر سياسية مطلعة تشارك بعض الأطراف المناهضة لاتفاق الرياض والمناوئة للمجلس الانتقالي بشكل ممنهج في خلق الأزمات الأمنية ومفاقمة تردي الخدمات في عدن والمحافظات الجنوبية المحررة وعرقلة صرف الرواتب، بهدف دفع الأوضاع في المناطق التي يسيطر عليها الانتقالي إلى حافة الهاوية.
ويترافق هذا التأزيم المتعمد للأوضاع في عدن والمحافظات الجنوبية مع تسليط الضوء إعلاميا على واقع تلك المناطق وتحميل الانتقالي المسؤولية، في الوقت الذي يتم فيه تذكير المجلس بالتزاماته السياسية واستمالة بعض قياداته ووزرائه بالسلطة والنفوذ والمال.
ويتزامن ذلك مع جهود خلق بؤر توتر أمنية داخل عدن وفي محيطها مع تكديس المزيد من القوات العسكرية استعدادا لنضوج الظروف المناسبة التي تسمح بتكرار محاولات اجتياح المدينة التي فشلت في مرات سابقة.
وتشير المعطيات إلى رهان خصوم المجلس الانتقالي على تغير المزاج الشعبي داخل المدن التي يسيطر عليها وفي مقدمتها عدن جراء تردي الوضع المعيشي والأمني، وهو الأمر الذي سيدفع سكانها إلى القبول بأي خيار بديل يضمن لهم الحد الأدنى من مقومات الحياة مثل إعادة الخدمات الأساسية وصرف الرواتب.