بروز العادات في تهميش المرأة اليمنية وغياب القانون لحمايتها

أسهم تطور العالم في القرون الأخيرة، وبعد الصراعات التى عاشها في مراحل طويلة من التاريخ، إلى الوعي بقدرة الإنسان ككائن مخلوق ذات إرادة مستقلة، الأمر الذي جعله يمنح للمرأة حقوقها التي سلبت منها خلال مسيرة زمن كبير، إضافة للجانب الآخر الذي أسهم فيه التقدم التكنولوجي بنسبة كبيرة، في نشر الوعي بسرعة فائقة بين المجتمعات إلاَّ في اليمن، اليمن الذي يجيء في المرتبة الأخيرة للفجوة بين الجنسين، إذا لا تزال المرأة اليمنية مقيدة بالعادات والتقاليد، وعاجزة عن تحقيق ذاتها أو حتى التلفظ بما يدور في بالها من خلجات، ناهيك عن المطالبة في حقوقها؛ كحقها في التعليم، أو اختيارها لمحاور حياتها بيد أن الأمر يصل في بعض الأسر إلى عدم السماح لها حتى في اختيار ملابسها.. 

من جانب آخر الشمولية التي تضم الفئة العظمى بعادة تغطية الوجه وفرض النقاب قسريًا على النساء وسلبها هويتها، وخاصة في المناطق الريفية بحجة التقاليد.  

عنف الأسرة احتجاجاً بالعادات..  

تتقسم اليمن في جغرافتيها إلى 70٪ من الريف و30٪ مدينة، وبالرغم من ارتياد العديد من الفتيات اليمنيات الكليات بشكل كبير في مشارف العقدين الأخيرين، وذلك شكل تقدمًا أفضل في مسار التاريخ اليمني، بعد 1200 سنة من الظلام الذي رافقها بوجود الأئمة، الممتد بالاغتصاب الحوثي اليوم؛ إلا أن نسبة الفتيات الريفيات اللواتي أكملن تعليمهن الجامعي لا تتجاوز عدد الأصابع إذا ما أحصيناها في كل قرية، ناهيك عن وجود قرى لا تكمل به الفتاة حتى تعليمها الثانوي، وذلك بسبب البنية التحتية التي لا توفر مدارس قريبة في القرى، إضافة إلى أن غالبية القرى اللواتي يتوفر فيها مدارس تكون للصفوف الابتدائية والإعدادية فقط، بينما تكون المدارس التي توفر التعليم الثانوي في أسواق المديرية مما يجعل الفتاة تقف عند محدود الصف التاسع من التعليم، ويواصل الرجل دراسته بقطع مسافات طويلة، متسلقًا على السيارات أو مشيًا على الأقدام، بتداعي عادات لا تسمح للفتاة بما يسمح به للرجل في قطع مسافات طويلة دون محرم. 

سميرة فتاة من أحد أرياف تعز في اليمن تقول: ست سنين من حين أكملتُ به تعليمي الثانوي، لا تمر به سنة تفتح الجامعات أبوابها دون أن أبكي بمرارة، يرفض أبي قسريًا أن أذهب إلى المدينة لأكمل تعليمي الجامعي، بينما أخي الذي يصغرني أرسله إلى المدينة لمواصلة تعليمه، إنني أشعر بالحزن الشديد، وأحياناً أعاتب الله لأنه خلقني امرأة، 

تضيف الحرب إلى رصيد انحطاط المرأة اليمنية في تواجدها على 70٪ من مراكز التعليم.  

عنف الشارع 

إضافة إلى غياب الأمن عن رقعة الجغرافيا اليمنية، وغياب القانون عن حماية المرأة نفسياً وجسدياً، وخاصة في الوضع الراهن الذي تمر به اليمن بتدهور تام من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تضع العادات يدها إلى جانب المأساة لتزيد فداحة الأمر فتقول شابة ريفية تدعى أشواق “ذهبت مع أبي للمدينة لعلاجي عند إحدى الطبيبات، خرجنا أنا وأبي، لقد كان أبي يمشي في الشارع متقدماً وكنت أمشي خلفه، وفي تقاطع شارع شبه مزدحم مر رجل بمحاذاتي ومسك بيده أعضائي التناسلية، فكدت أنهار، لقد أحسست بالأذى، كنتُ أتمنى أن أصرخ بوجه رجل المرور الذي كان بطرف الشارع وأشكوه ما حصل لي فيقوم بسجنه أو اتخاذ أي إجراء يعيد لي كرامتي؛ لكنني خفتُ من العار وأدركتُ غياب القوانين، ثم ساورتني رغبة لأشكو لأبي الذي يمشي أمامي دون دراية؛ لكي يقوم بضربه، ولكنني أدركتُ أن أول ما سيقوم به أبي هو تفحص عبايتي وفرض اللوم عليّ لأني أثرت الشباب بملابسي، وربما قد يلبسني جلباباً وذلك ما لا أريده. 

تقول الكاتبة الهندية ساروجيني نايدو: “علموا نساءكم، وسوف تنهض الأمة بنفسها.. فاليد التي تهز المَهد هي التي تحكم العالم”.. 

ولكن ماذا عن اليمن؟ 

اليمن التي تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث المجاعة والانهيار الأمني والاقتصادي، هل ستنهض حضارتها وما تزال الفئة الكبرى من النساء فيها محرومة حتى من حقوقها في التعليم؟ 

وأشارت إحصائيات الأمم المتحدة في العام 2018 إلى 3 ملايين من النساء اليمنيات المعرضات لخطر العنف الأسري، ناهيك عن العنف الذي تتلقاه المرأة في الأماكن المغتصبة من قبل الحوثيين والذي تتزايد الإحصائيات فيه يومًا بعد يوم بحيث أشارت آخر الإحصائيات إلى وجود أكثر من 300 امرأة تقبع في سجون المليشيات الحوثية. 

Exit mobile version