محلياتمقالات

من العايدين.. يا “مالك”..!!

كتب – عبدالحافظ الصمدي

هاهو عيد الفطر يهل علينا بدونك.. وها هو “أيهم” صغيري المدلل موهوما بوعدك، تراه يعد الدقائق منتظرا قدومك..

خروجك من ثلاجة المشفى لم يقنعنا بانك ميت ولا مواراتك التراب هي الأخرى لديها الدليل.. اكاد الا أصدق عيني.. أواجه موتك بكل غباء.. اراهن ألا اخسر هذا التحدي، أصرخ مثل المجانين وحدي.. أقول: ” مالك”..!! وانتظر منك الجواب، تتوه المدن لهثا وراء اطلالة القمر المسافر وينسدل الليل كئيبا ملبدا بالغياب..

حتى تمتمات المواساة في عزائك تظل غبية.. فمنذ الذي يقنعني بانك رحلت وهانت تدخل كالضوء وتلقي علينا التحية..
رائحتك لا زالت تملأ الأمكنة وهاتفك الخلوي يرن ينتظر منك الاجابة.. اشيائك الحبيبة كلها تمارس طقوس الغباء مثلي وتوهمني بأنك قادم..

هذه “مراسيل” لديها في الرياضيات عدة مسائل.. الست انت وعدت بانك سوف تساعدها في الدروس وحددت لها أياما ستأتي.. فكم سيطول الانتظار.. ؟!

“ياسمين ومرسل” ينتظران قدوم العيد معك ليشاطراك “الجعالة” وانت تعرف انهما لا يستسيغان بدونك لهو الحديقة.

وهذه المدينة التي أحببتها حتى النخاع أراك تغادرها بصمت ولم تقل في احد أبوابها كلمة راضية وضحكاتك تزهو في جنباتها وكأنك مجبر على الرحيل واعلان الفراق وهي حبلى بطيفك وفي أحيائها تحبو الذكريات..

“مالك” وداعآ.. بكل اكتئاب نقول وداعآ.. نكابر امام التعازي.. وندرك ان نظام الاسرة بعدك مختل التوازن.. فهل انكر وجود الخراب وانا ارى بعيني تهاوي المآذن وكل أحبابك هنا ومنهم أنا قلوبهم أدماها الأسى واعتصرها البكاء.. وزملائك يعلنون الرثاء كئيبا يعكر صفو السماء..

احبابك كثر يا أخي.. من يجهشون بالبكاء ومنهم انا وآخرون يئنون بصمت ترتفع اهاتهم وتذوي كذراعي غريق.. فأنى لك أن تتركهم وسط الطريق.. أتغمض عيناك الغمضة الأخيرة لتغمرنا سكرة بعدها لن نفيق..؟
لا أدري بأي دعاء أمد يدي، تخذلني حتى السماء ولم تعد تطيقني الأمكنة..

هل بامكانك ان تفتح عيناك لحظة وتصغي.. امنحني فرصة لان اقول لك: ” من العايدين.. ثم امضي” دعني اسمع صداها يتردد فيك… هل بامكانك ان تمنحنا الفرصة الاخيرة لان نتبادل في العيد هذا التهاني ونشفى من ابتسامتك الطاهرة.. وملامحك الخرافية.. عيد الفطر لنا وارحل في الاضحى كما شئت.. عيد بعيد يا مالك .. اتحرمنا منك العيدين هذه السنة ؟ أكان هذا قرارك؟! .. اليست هذه القسمة الضيزاء والنكبة السوداء … قولها للمرة الاخيرة: “عيد سعيد” او حتى قولها “العيد العافية”..

الآن ادركت أن اليقين رحيلك وانا أرى أباك مثل كومة حزن يملؤها النحيب وأمك ناجية من كارثة واحبابك بقايا مصيبة متناثرة هنا وهناك وانت مسجى كملاك خرافي الملامح.. ممدود على التابوت بصمت كتمثال التبع اليماني “يهنعم”.. فكيف لنا ان نستفيق من هول أحال الجميع يتامى فالكل بعدك جرح ينزف ألماً .. وكل الزهور بهذا الرحيل تنوح وما عاد للعطر بعدك رائحة تفوح..

العيد عيد العافية يا اخي “مالك” ونحن بعدك ليس فينا عافية..
سأقولها وان لم ترد: “من العايدين على كل حال”..

زر الذهاب إلى الأعلى