عن بكارة المليشيا التي فضها الحرس الثوري “الحمادي تكشف عهر وفجور الحوثيين”
كتب/ أيهم المليكي:
بينما كانت الشابة الإيرانية ياسمين أرياني تقعد آمنة في منزلها بمنطقة (كرج) بالقرب من العاصمة طهران في أبريل من العام 2019 كانت مليشيا ما يسمى ب”الآداب” التابعة للحرس الثوري تقتحم منزلها بصورة أرعبت معها كل من في المنزل لتقبض على ياسمين، ثم اقتادتها إلى مكان مجهول بعد أن وضعت القيود عليها، دون أن يعرف من في البيت عن التهمة وراء قيام مسلحي النظام بذلك سوى أن أرياني كانت ظهرت بصحبة ناشطات إيرانيات قبل ذلك بأيام قليلة دون وجود الحجاب على رأسها.
اعتقال الأم
ذهبت أم ياسمين اليوم التالي للسؤال عن ابنتها في النيابة، لكن الكارثة كانت بانتظارها هي الأخرى، فالشرطة قبضت على الأم “منيرة عربشاهى” بجريرة السؤال عن ابنتها المقبوض عليها، وفقاً ل”تقرير هيومن رايتس وتش” الصادر في أغسطس 2019.
اعتقال إيرانية ثالثة
وبعد أسبوعين من اعتقال الأم وابنتها قبضت السلطات الإيرانية على امرأة ثالثة تدعى “مزجان كشاورز” بعد اقتحام منزلها ليتم سحلها إلى سيارة المعتقل الواقفة على باب المنزل أمام طفلتها البالغ عمرها 9 سنوات، كما دونت “رايتس وتش” أيضاً.
فرض الحجاب منذ سن ال7
منذ الثورة الخمينية في العام 1979 أقر النظام الإيراني قوانين ومحاذير ضد المرأة تبيح مراقبتها وتفحص ملابسها وتفرض عليها الحجاب منذ سن السابعة، وهو العمر الذي يعتبر لدى بعض مذاهب الشيعة مثيراً ومتاحا فيه ممارسة المعاشرة مع الأطفال -ما لم فإن المرأة تقع في عقوبات تصل إلى الحبس الطويل والغرامات لاعتبار ذلك “جريمة عظيمة”.
تهمة الفجور لمن تخرج خصل شعرها في إيران
حتى وإن غطت المرأة شعرها برداء على الرأس، فإنها تعتبر لدى السلطات الإيرانية وشرطة الآداب مقصِّرة في الانصياع لقوانين الحجاب القسري إذا ما ظهرت بعض خصل شعرها، على سبيل المثال، أو ارتؤي أن ملابسها تزدهي بالألوان أو ضيقة أكثر مما يجب. وثمة الآلاف من الأحداث التي توثق تعدي ما يسمى بشرطة “الآداب” الإيرانية بصفع النساء على وجهوهن، وضربهن بالهراوات، ثم إلقائهن في عربات الشرطة بسبب طريقة لبسهن. ليواجهن بعد ذلك تهم تصل إلى مسمى”الفجور” أو “العهر” أو ترويج الدعارة والانحلال”، لتبرير سبب الاعتقال، ثم يتطور الأمر إلى الاتهام بالعمل ضد الأمن القومي، كما حصل مع النساء الثلاث المذكورات أعلاه: “ياسمين أرياني وأمها منيرة، ومزجان كشاورز”. حيث يواجهن حالياً السجن مدة تتروح 7- 10 سنوات بتهمة “الفساد الأخلاقي” و”الدعارة” وبالتالي “العمل ضد الأمن القومي الإيراني”.
انتصار وأمن الحوثيين القومي
وفي قضية الممثلة وعارضة الأزياء اليمنية الشابة انتصار الحمادي لم يختلف الأمر مع مليشيا تديرها السلطات الإيرانية في كل شيء، بل ويكاد يكون الأمر طبق الإصل عما يحصل في إيران، فقد كانت وثقت الفتاة اليمنية لجلسات تصوير بأزياء يمنية تقليدية بعضها وهي كاشفة رأسها يظهر فيها جزء من شعرها، وبالتالي فإن هذه هي الجريمة الكارثية التي ارتكبتها ذات الربيع ال19 في نظر مليشيا الذراع الإيرانية في اليمن، حتي يتم اختطافها من الشارع ويتم الحاق التهم القبيحة بها ك”الدعارة والمخدرات” وبالتالي فإن ذلك استهداف للأمن القومي لمليشيا الله الإيرانية في اليمن. وبالتالي فإنها ستواجه عقوبة سجن قد تصل ما بين “5- 10” سنوات إن لم يكن أكثر كما جرى للنساء الايرانيات اللواتي سجلن فيديوهات قصيرة وهن كاشفات الرأس، وهي عقوبة شرطة الآداب الإيرانية التي تدار من قبل الحرس الثوري الإيراني.
عارضة أزياء سلالية أكثر شهرة
نهاية فبراير من العام الجاري كانت انتصار الحمادي تمشي بمعية صديقات لها وجميعهن يقمن بعمل جلسات تصوير للترويج لملابس نسائية تقليدية بينهن فتاة تنتمي لإحدى الأسر السلالية المشهورة، ومعروف عن هذه الفتاة أيضا عملها في عرض الأزياء ونشر صور لها بملابس نسائية، وبعد القبض على الفتيات من الشارع العام وهن يمشين بشكل طبيعي مثلهن مثل أي مواطنات بمنطقة حدة -وسط صنعاء- ليصل إجمالي عدد المختطفات في ذات الوقت ولاحقاً نحو 5 فتيات.
ووفقاً لروايات متضاربة من ناشطين ومدونين فقد تم إطلاق الفتاة الهاشمية من المعتقل بعد الاختطاف بفترة وجيزة رغم أنها ربما كانت هي الهدف الأول، وقد شفع لها لقبها الهاشمي، ليتم الإبقاء فقط على انتصار الحمادي وأخريات، فيما تم إطلاق واحدة أيضا بموجب ضمانة، ورغم أن الصور التي ظهرت للحمادي بالأزياء اليمنية في مواقع التواصل ليس فيها ما يثير العيب أو يخدش الحياء أو يتنافى مع أخلاق المجتمع اليمني، وانتصار فتاة يتيمة تعيل أسرتها وتوفر مصاريف يسيرة في الترويج للملابس النسائية لإعانة الأسرة ومساعدة نفسها في تكاليف ومصاريف الدراسة الجامعية، وقد ظهرت في مسلسلات يمنية بمظهر عفيف ومحافظ، وأدت دورها بكل تفان وإبداع رغم صغر سنها.
من تعز وليست من “آل البيت”
وانتصار رغم أنها بلا تهمة ولا قضية، وليست من “آل البيت”، كما أنها ليست من القبائل الموالية للحوثيين وبالأخص الرافدة لجبهاتهم بالمال والمقاتلين والمؤن، ولكنها من تعز، والأكثر من ذلك يتيمة ومن أم اثيوبية وهو الأمر الذي اوغل في استضعافها وهيانة كرامتها من قبل المليشيا العنصرية الإرهابية المجرمة بل وإهانة كرامة كل إنسان يمني حر يقرأ ويسمع عن قضية انتصار الحمادي ولا يستطيع أن يصنع شيئاً لها.
تهم إيرانية جاهزة
تمادت مليشيا الذراع الإيرانية في إهانة الفتاة بسبب ضعفها وأهلها، رغم أنها بلا تهمة، فتسربت اخبارها للصحافة اليمنية والدولية. فباتت قضية رأي عام، وهو الأمر الذي أحرج المليشيا، لذلك فقد لجأوا إلى ترويج تهم جاهزة لها على غرار ما حصل للنساء الايرانيات وصلت حد “الدعارة” و”الاتجار بالمخدرات”، وهذا الأمر ليس صدفة كما ذكرنا سلفاً، ولكنه تطبيق لذات السياسة الإرهابية للسلطات الإيرانية. كما أن ذلك ايضاً يعكس مدى هيمنة نظام الخميني على المليشيا الحوثية حتى على مستوى التعامل مع النساء في لبس البالطو والحجاب.
تهديد المحامي وإقالة عضو النيابة
تمادي السلطات الإرهابية الحوثية وصل حد تهديد محامي انتصار رياض الكمال لأجل التخلي عن القضية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ارباكه وتقييد أعماله وانشطته لأجل القضية، وتوقع مراقبون لقضية انتصار أن المحامي قد يتخلى عن القضية بسبب ضغط التهديدات، فضلاً عن قيام المليشيا بإقالة أحد المسؤولين في النيابة التي تدير قضية انتصار وهو عضو النيابة رياض الارياني. وذلك بسبب تعامل الارياني بشفافية كما يبدو مع قضية انتصار، حيث طلب الارياني الافراج عن الفتاة كونها ليس عليها تهمة أو قضية وإنما جرى اعتقالها ظلماً وعدواناً.
فحص عذرية
لم تكتف مليشيا الذراع الإيرانية في اليمن، بالتهم الكيدية والتشهير ضد الفنانة انتصار الحمادي والتي ما تزال في دائرة سن الطفولة ولكنها مصرة على إجراء ما يسمى ب”اختبار فحص العذرية” وهذا انتهاك إجرامي آخر يضاف إلى سلسلة الجرائم والانتهاكات التي اقترفتها المليشيا ضد انتصار وضد مئات اليمنيات اللاتي تم اختطافهن قبلها دون تهم أو قضايا.
انتصار وناشطات السلالة
الأكثر كارثية من هذا أن ثمة ناشطات مشهورات بل ونسويات معظمهن محسوبات على السلالة ويدافعن عنها أمام المحافل الدولية والكثير منهن لا يرتدي الحجاب بل ويلبسن القصير، ولكنهن لم يبدين أي رأي أو حتى انتقاد فيما يحصل لانتصار الحمادي من ظلم من قبل سلالتهن الحوثية، وقد أعرب ناشطون عن خيبتهم بعدم وجود رأي لهؤلاء الناشطات في هذه القضية وقالوا نريد منهن أن يراجعن جماعتهن لا أكثر ولا نريد منهن دباجة تقارير ضد الحوثيين لأن تخصصهن فقط “ضط العطوان” والشرعية، والشعب اليمني المعارض للسلالة الحوثية ككل.
بقدر الصدمة التي اصابت المجتمع اليمني ازاء هذه الجرائم والتصرفات الإرهابية الرعناء التي تقترفها المليشيا ضد النساء بشكل خاص والشعب اليمني بشكل عام، فإن قضية انتصار تكشف للملأ العلاقة الحميمة القذرة التي تربط الحوثيين بالحرس الثوري.