“أخذونا لمشاهدة عدة بيوت، قالوا لنا اشربوا – خمر- وارتاحوا مع أهل تلك البيوت، فقلت لهم هذه دعارة، ردوا علينا: يجوز ذلك في سبيل الوطن!”.
هذا جزء من رواية الممثلة اليمنية انتصار الحمادي، حول اعتقالها من قبل مليشيات الحوثي، وذلك عقب زيارتها من قبل القاضيين أحمد سيف حاشد وعبد الوهاب قطران في معتقلها، وقد نقل الرجلان حديثها على صفحتيهما في مواقع التواصل.
انتصار الحمادي التي اعتقلت منذ زهاء مائة يوم، بعد اتهامها من قبل المليشيات الحوثية بالتحريض على الفجور، بعد نشرها صوراً لها وهي حاسرة الرأس في مواقع التواصل، كشفت في عبارتها تلك عن حقيقة راودت معظم من سمعوا بقضيتها، وهي أن اختطافها ومن ثم احتجازها كل هذه المدة لا علاقة له بالتحريض على الفجور، بل برفضها ممارسة الفجور الذي أراد الحوثي إجبارها عليه.
ولأنها رفضت، أصر الحوثي على إخضاع انتصار الحمادي لفحص كشف العذرية، بينما كشفت انتصار بتصريحها هذا عن فقدان الحوثي لعذريته وشرفه، وهي حقيقة لم تكن بحاجة إلا لتوكيد شجاع كهذا من شابة مظلومة تصرخ من سجنها رافضة أمر السجان الحوثي التضحية بشرفها، وإن ثمن ذلك، قتلها.
قتل الحوثي عشرات الآلاف من اليمنين ودمر حياتهم وممتلكاتهم وشتت شملهم بحجة الدفاع عن شرف الأمة، وشرف النبوة، وشرف السلالة، وشرف القرآن والدين، وليته كان في ذلك كالعاهرة حين تتحدث عن الشرف، لكان قد باع شرفه وحده وانتهى الأمر، لكن بل وبكل أسف، وصل لأسوأ من ذلك…. واعتذر هنا عن وصف الحالة، لأن عبارات البذاءة المثيرة لكل أشكال الاشمئزاز والقرف لن تفي بوصف القيء القذر الذي تشكلت منه فكرة الحوثي وعصبته.
وللانصاف، فليس الحوثي من سن سنة تشغيل الفتيات بالدعارة لابتزاز الخصوم أو الأصدقاء السياسيين، فهذا دأب الكثير من الأنظمة والسلطات عبر التاريخ، ولعل أشهر الوقائع الشبيهة في تاريخنا العربي الحديث، قضية استخدام المخابرات المصرية لممثلات مصريات للإيقاع ببعض السياسيين والرموز للضغط عليهم، وهي القضية التي عُرفت بـ “قضية انحراف المخابرات” والتي حاكم بموجبها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قادة المخابرات المصرية آنذاك، ونتج عنها تطهير جهاز المخابرات وصدور أحكام مشددة بحق الضباط المشاركين في هذه الجرائم وأشهرهم “جنرال السراير” صلاح نصر.
قضية “انحراف المخابرات” شكلت صدمة للرأي العام المصري، وما زال الجدل حولها يدور ويثور حتى اليوم، وبرغم كل ذلك، يمكن فهم الكثير من الملابسات حولها، ومن ذلك، أن عملية تجنيد الفنانات المصريات، وتحديداً من عرفن بأداء أدوار الإغراء والمشاهد الساخنة، وإقامة علاقات جنسية خارج الزواج، كان يأتي نتيجة لتمكن المخابرات من توثيق علاقاتهن الجنسية مع أشخاص غرباء، وهذا ابتزاز قذر للغاية، لكنَّه لا يقارن بابتزاز العفيفات من النساء لإجبارهن على الدعارة تحت تهديد السلاح!
أما القضية الأهم، فإن “صلاح نصر” ومخابراته، لم يدعوا أنهم يمثلون السماء، أو أنهم أحفاد بيت النبوة، ولم يطلقوا على أنفسهم المخابرات القرآنية، ولا كانوا ينتمون لمجتمع قبلي ومحافظ جداً، بل إن الفكرة كانت تنبع من أمرين، أولاً، أن المخابرات الألمانية والإنجليزية قد استخدمت الممثلات المصريات ومعظمهن من أصول غير مصرية، كجاسوسات عن طريق الجنس، وثانيها، هي الميول الإباحية السادية لدى “صلاح نصر” والتي تأثر بها عند زيارته للهند وتأثره بتعاليم الكاماسوترا، أو ما يطلق عليه بتعاليم الحب الهندية، وبالتالي أسقط خيالاته الجنسية وتجارب المخابرات الغربية في عمله، وهو ما أفسد عمل المخابرات وأساء لسمعة الدولة المصرية.
لماذا نتعرض لتجربة المخابرات المصرية في الستينات؟! لكي يقارن القارئ بين أسوأ النماذج الاستخباراتية في القرن الماضي، والتي عفى عليها الزمن، وبين النموذج الحوثي القرآني النبوي الجهادي الحديث، الذي يوشك بسببه أن يصرخ الدين والقرآن والنبي ونبوته والجهاد متبرئا منه ألف مرة ، وهنا فداحة الأمر وقبحه، أن تقحم الله والدين والقرآن والنبوة والوطن في مشروع ماخورك وفجورك وفحشائك، تعالى الله ودينه وقرآنه ونبيه علواً كبيراً، عما يأفك هؤلاء المدعون..
إن هذه اللعنة، وهذا التوظيف القذر والبشع لكل مقدس في خدمة كل مدنس، لن يتوقف إلا بثورة حقيقيَّة على كل تلك الادعاءات الكاذبة باسم الله والدين، فها هي قذارات الجماعة الحوثية، وأمثالها من جماعات الإسلام السياسي التي تتاجر بالله ودينه ونبيه وقرآنه لخدمة أهدافها في الإثراء والتسلط والقتل وإيتاء الفواحش ما ظهر منها وما بطن، شواهد حيَّة على بشاعة هذا الاستغلال، وجرم كل من يصدقها ويضحي بنفسه معها، ظاناً أنه يجاهد في سبيل الله، فيما يظهر في الأخير أنه يعمل في خدمة قواد أو قاتل أو آكل سحت أو ظالم فاجر!
هذه الفتاة، انتصار الحمادي، قد أسلمت من ذمتها إلى ذمتكم؛ شهادتها عن العار الحوثي، فلنَر ما الذي سيفعله مجتمع القبيلة والشرف والشهامة والمروءة والنخوة والأنفة، سنرى إن كان لهذا المجتمع الحميّ القبليّ بعض الشرف الذي يدعيه، وهل سيتمكن من إنقاذ شرفه الذي يتاجر به ويفعل به الحوثي أفاعيله، هل سيحمي نساءه، بناته، أخواته، وأمهاته، من الدعارة الوطنية التي يجبرهن الحوثي عليها، أم أنه سيرقد على هذا الخزي والعار، ويرضى!
ولا عتب بعد الآن، على كل من تنشر له الفضائح الجنسية، فقد اتضح أن أمثال هؤلاء ليسوا إلا ضحايا اصطادهم الحوثي وأمثاله بشبكاتهم المشبوهة للإيقاع بهم واغتيالهم، معنوياً، وربما جسدياً..!