بينما تمشي الحياة في اليمن على تخوم الموت، فإن السبات السياسي يجعل المشهد أكثر كآبة وأشد إحباطاً. متطلبات الحياة تلبى بأدنى الشروط التي تتساوى مع العدم في مساحات كبيرة من خط المواجهة.
في مشهد كهذا تذوي شروط الحياة وتزدهر أدوات الموت.
اليمنيون ليسوا في حاجة إلى من يذكرهم بحاجتهم إلى السلام، لكنهم في أمس الحاجة إلى من يعينهم على ردع الرافضين للسلام؛ بقوة الحجة التي توفرها الدوافع الإنسانية والأخلاقية للدفاع عن حقهم في الحياة، والدوافع القانونية لرفض استخدام القوة لفرض هيمنة عرق أو سلالة أو جماعة على الدولة، ومصادرة حق الشعب في تقرير خياراته السياسية.
يحاول اليمنيون، على ما يواجهونه من تعنت وغبن وجور، أن يجعلوا من تمسكهم بالحياة دليلاً على أن هذا البلد العظيم يختزن في أعماقه من مقومات الحياة أكثر مما تقذف به هذه الجماعة في وجهه من عوامل الفناء.
لم يبق لمعظم اليمنيين من وسيلة لمواجهة كارثة الاجتثاث، التي تعرضت لها كثير من الأمم في مثل هذه الظروف، سوى قوة تمسكهم بأن الحياة وحب الوطن صنوان لا ينفصلان، وكلما أوغل صناع الموت في تهشيم هذه العلاقة تهشمت معاولهم على صخرة صمودها في وجه التحديات.. الصمود الذي لا يفهم تاريخ اليمن إلا به ومن خلاله.