“انتصار الحمادي”.. الممثلة المحاطة بالجنون الحوثي خلف القضبان
يمن الغد/ عبدالرب الفتاحي
أرادت جماعة الحوثي بمحاكمة الشابة انتصار الحمادي الضغط عليها ودفعها للاعتراف باتهامات وجهت اليها بعد اعتقالها في فبراير الماضي..
المعاملة التي عوملت بها الشابة التي تبلغ عشرين عاما كانت قاسية وتعد انتهاكا لخصوصية عملها كممثلة وعارضة أزياء لكن على مايبدو فإن الحوثيين مصرين على ابراز انتهاكاتهم تجاهها .
خروج عن المألوف ..
الشابة انتصار الحمادي بسمرتها وطموحها ربما تبدو اكثر من تعرض لصدمة لم تكن عادية لكنها وضعتها في مأزق بعد أن وجدت نفسها في قبضة الجماعة في أحد نقاط التفتيش حيث قامت قوات أمن بملابس مدنية في العاصمة صنعاء يوم 20 فبراير/شباط الماضي باعتقالها.
وتؤكد مصادر حقوقية لـ”يمن الغد” ان الحمادي تعرضت خلال احتجازها للاستجواب وهي معصوبة العينين، كما أنها تعرضت للإساءة الجسدية واللفظية، وإهانات عنصرية وأجبرت على “الاعتراف” بارتكاب عدة جرائم، بما في ذلك حيازة مخدرات وممارسة الدعارة.
وأعتبر حقوقيون أن وضع انتصار الحمادي في السجن يعد استهداف لحياتها وتحريف لنشاطها، بينما أرادت الجماعة فرض أمر واقع عليها للقبول بما وزعته عليها من اتهامات.
وهناك من أفاد أن الشابة انتصار الحمادي تعاني من وطاة الانتهاكات بالسجن في ظل الاتهامات التي تطالها من حين لإخر بعد أن عملت جماعة الحوثي على اخضاعها لواقع تجاوز خصوصيتها كثيرا وتسبب بتشوية حياتها وشخصيتها وهذا في حد ذاته انتهاك فاضح وغير قانوني.
عادة في المجتمع اليمني ينظر للنساء بشكل يعظم من قدرهن ولايمكن ان يتعرضن لواقع يجعلهن تحت بطش أي طرف حتى وإن كان حكومي بطرق وتبريرات مختلفة لكن في عهد سلطة الحوثي لم يعد كذلك فكثيرا ماتعرضن النساء للاعتقال والتعذيب والاعتداء الجنسي وهذا ما رصدته الكثير من المنظمات .
بين التعسف والانتهاك..
منظمة العفو الدولية طالبت في شهر مايو الماضي سلطة الأمر الواقع الحوثية بالتوقف عن تنفيذ خطط تقضي بإجراء “فحص عذرية” إجباري على ممثلة وعارضة أزياء يمنية احتُجزت بشكل تعسفي على مدى أكثر من شهرين لأسباب زائفة.
المنظمة دعت إلى الإفراج عنها فورا. ويُعتبر اختبار “فحص العذرية” الإجباري شكلا من أشكال العنف الجنسي ويرقى إلى التعذيب بموجب القانون الدولي.
وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “سلطات الأمر الواقع الحوثية يجب أن توقف فورا خططها الرامية إلى إخضاع انتصار الحمادي لفحص العذرية الإجباري. تتعرض انتصار الحمادي للعقاب من قبل السلطات بسبب تحديها للأعراف المجتمعية السائدة في المجتمع اليمني الذي يقوم إلى حد كبير على نظام أبوي يرسخ التمييز ضد النساء”.
واعتبرت أن “سلطات الأمر الواقع الحوثية لديها سجل مؤسف في احتجاز الناس بشكل تعسفي بتهم لا أساس لها من الصحة بهدف إسكاتهم أو معاقبة المنتقدين، والنشطاء، والصحفيين، والأفراد المنتمين لأقليات دينية ـ بالإضافة إلى إخضاعهم إلى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. ليس هناك أسس قانونية لإطالة أمداحتجاز الحمادي ويجب على سلطات الأمر الواقع الحوثية إصدار أمر بالإفراج عنها فورا”
وكان عضو في فريق النيابة العامة أبلغ محامي انتصار الحمادي يوم 5 مايو/أيار إن هناك خططا لإخضاعها “لفحص العذرية” خلال أيام، عندما يتم إصدار مذكرة بذلك للطبيب الشرعي.
الاعتراف بالاكراه ..
محامي الحمادي كشف إن الممثلة وعارضة الأزياء التي تبلغ من العمر 20 عاما، والتي ولدت لأب يمني وأم إثيوبية، عادة ما تعتني بأمها المريضة، وأبيها الكبير في السن وأخيها البالغ من العمر 12 عاما الذي يعاني من إعاقات عقلية.
عند بداية اعتقالها، نُقِلت إلى مركز الشرطة في شملان ثم حُوِّلت إلى مديرية البحث الجنائي في محافظة صنعاء واحتجزت هناك لمدة عشرة أيام. وخلال هذه الفترة، احتجزت بمعزل عن العالم الخارجي.
كما أنها تعرضت لاستجوابات متكررة بينما كانت معصوبة العينين. وقالت للنائب العام ومحاميها إنها أُجبرت على توقيع تقرير مكتوب مسبقا، ببصمة أصبعها بينما كانت معصوبة العينين- والذي ينطوي على “اعترافها” بأنها تورطت في ارتكاب جرائم متعلقة بحيازة مخدرات.
وقال محاميها أيضا إنه، خلال احتجازها، أيقظتها قوى الأمن في وسط الليل ونقلتها بالسيارة إلى عدد من المنازل، وسألتها إن كانت عملت هناك كـ”عاهرة”.
وبعد عشرة أيام، نقلتها قوى الأمن الحوثية إلى قسم النساء في السجن المركزي بصنعاء حيث منعتها سلطات السجن من الاتصال بعائلتها أو محاميها. وعندما كانت محتجزة هناك، تعرضت للإساءة اللفظية كما تعرضت لملاحظات تنطوي على التمييز القائم على أساس النوع الاجتماعي والعنصرية من طرف حراس السجن الذين وصفوها أيضا بأنها “خادمة” و “عاهرة”.
ويوم 21 أبريل/نيسان، أُحْضِرت الحمادي إلى النيابة العامة لاستجوابها في حضور محاميها في ما يخص تهم من بينها “تعاطي المخدرات، والترويج للمخدرات، وممارسة الدعارة” وهي تنفي بشدة جميع هذه التهم. وفي نهاية الاستجواب، كان محاميها شاهدا على صفعها من طرف مدير السجن.
ومنعت النيابة العامة محاميها من الوصول إلى ملف القضية الخاص بها بالرغم من تقديم طلبات متكررة.
ويوم 27 أبريل/نيسان، اعترض رجل مسلح المحامي وهدده طالباً منه التخلي عن هذه القضية.
الضغط على محاميها …
في بداية يونيو أجبرت مليشيات الحوثي محامي الفنانة المعتقلة انتصار الحمادي، خالد الكمال، على التخلي عن المرافعة والدفاع عنها، لإبقائها وحيدةً في مواجهة ملف من التهم الملفقة ضدها.
ونقل المحامي عبد الوهاب قطران عن المحامي الكمال والذي اكد له أنه عندما كان متوجها إلى عمله بأمانة العاصمة صنعاء، وفوجئي بتوقيفه من عمله.
وقالت مصادر حقوقية إن أمانة العاصمة صنعاء الموجهة بأوامر الحوثيين أوقفت المحامي خالد الكمال عن العمل تعسفيا، لتجبره على التخلي عن قضية انتصار الحمادي، والضغط عليه ليترك الدفاع عنها.
وحاول الحوثيون اجبار الشابة انتصار الحمادي لتنخرط في شبكة دعارة وظيفتها الإيقاع بالخصوم، إلا أن الشابة رفضت الانخراط ما حدا بهم إلى معاقبتها بالسجن وتهمٍ ملفقة يصعب الفكاك منها.
وكانت محكمة غرب الأمانة في العاصمة صنعاء (شمال اليمن) التابعة لسيطرة الحوثيين، قد قامت الأحد الماضي بعقد أولى جلسات محاكمة الفنانة “انتصار الحمادي”.
وقال القاضي عبد الوهاب قطران عبر بيان على صفحته في “فيسبوك”، أن انتصار الحمادي واجهت وبقية المتهمات، بالتهم المسنودة لهن بقرار النيابة، فأنكرن التهم، بحضور محامييهن، خالد الكمال وصقر السماوي وأمين الباروت.
وأضاف أن هيئة المحكمة لم تسمح للمحامين بتصوير ملف القضية إلّا بشرط وهو عدم النشر عن القضية، مؤكدًا أن الأصل في ذلك “العلنية” على أوسع نطاقاتها، حيث تعتبر من أهم الضمانات الدستورية لتحقيق محاكمة عادلة.
وبحسب عبدالوهاب أنه يبدو وجود ضغوط سلطوية كبيرة على هيئة المحكمة الموقرة بعدم النشر في قضية انتصار الحمادي.
تجاوز وتغيب للحقوق ..
توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات رأي لقضية انتصار الحمادي من زوايتين أحداهما أن الجماعة تريد أن تقدم نفسها للداخل أن لاشيى مقدس، وانها ماضية في إعادة هيكلة المجتمع وبناءه وفق رؤيته الفكرية والعقائدية الايرانية .
وأعتبر أن ذلك يأتي على حساب كل المقدسات والاحترام الاحتماعي الذي ترسخه داخل اليمني وقيمه واعرافة .
والجانب الثاني يرتبط بالخارج والداخل معا أنها حارسة الفضيلة، ولذا كل القضايا التي تحاول تربطها بالنساء متعلقة بالدعارة والحشيش ؛ وهي الحامي الاوحد لفضيلة؛ بمعني أنها نموذج طالبان جديد
وقال رئيس منظمة سام “الجماعة لا يمكن أن تخضع لانها تريد ان تظهر بمظهر القوي ، وانها تمسك زمام الامور بيدها ، ولديها استقلالها التام بعيد عن اي ضغوط”
وأضاف الجماعة الحوثية ترى أن مثل هذا السلوك فرصة لبقاءها مادة للجدل ، والنقاش الدولي والإسلامي، بمعني ان تبقي دائما حاضرة في الحديث الدولي ، خاصة في هذه المرحلة
وأشار الى أن ماتقوم به الجماعة حيال انتصار الحمادي هو من اجل اخضاعها وادامتها وتحويلها الى مثل حي لمن تسول لها نفسها الخروج عن الجماعة ، ومن ناحية ثانية استخدامها ماده للنقاش الخارجي مع المنظمات الدولية التي تعني بشأن المرأة وحقوقها.
وتابع حديثه ” لا ندري الى اين ستذهب حيث اصبح واضح أن الجماعة لم تعد تخشي الجرائم والفوائد التي تكشف كل يوم عن استخدامها شبكات الدعارة والتعذيب وغيرها .
ورأى أن الجماعة اصبحت في التقرير الدولية لمجلس الامن والخارجية الأمريكية وافرادها قد فرض عليهم عقوبات بسبب انتهاكات النساء ، ولذا لا احد يدرك الى اين ستذهب هذه الجماعة .