اليمن.. مفاوضاتُ سلامٍ لا تأتي

صار المجتمع الدولي مدركًا مدى الدور السلبي، الذي تقوم به إيران، من دعم الحوثي في اليمن. 

جاء ذلك باعتراف أمريكي، حيث ذكر “تيموثي ليندركينج”، مبعوث واشنطن إلى اليمن: “قلقون من استمرار هجوم مليشيات الحوثي على مدينة مأرب والتبعات الإنسانية الناجمة عنه”. 
بينما ذكر قائد القيادة المركزية، كينيث ماكنزي، أن “إيران لا تزال تشكل التهديد الأول لاستقرار المنطقة، ووجودنا في الشرق الأوسط رادع لها”. هذا الاعتراف المتأخر نوعًا ما قد يسهم في تغيير الصورة النمطية لدى الغرب نحو أزمة اليمن، ومدى حاجتها إلى تدخل دولي يعي أبعادها. 

فمن الواضح أن مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، لا تؤمن بالتعايش والسلام ولا تجيد إلا لغة السلاح، وفي ظل إصرار إدارة بايدن والكونجرس، المتفقين على ضرورة حل الأزمة اليمنية، نجد أمريكا تحمّل “الحوثي الانقلابي” المسؤولية لعدم وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع المرير في اليمن. 

ما يحدث في اليمن من تعنّت للحوثي يُظهر أرقامًا مفزعة، سواء من داخل المستشفيات أو عبر المعسكرات الحوثية المخصصة لأدلجة الأطفال طائفيًّا، أو باستغلال أبناء المخيمات لصناعة جيل جديد من المتطرفين تحت غطاء التعليم أو ما يسمى “مراكز التعليم الصيفية”، إلا أن مقتل مدنيين في هجوم بصاروخ باليستي وطائرة مسيَّرة على محطة وقود وسط مدينة مأرب،  خلّف أضرارًا مادية كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة، خصوصًا في المركبات المدنية التي كانت تصطف لتعبئة الوقود، فيما تم العثور على جسد الطفلة “ليان” متفحمًا بعد مقتلها وأبيها، بالإضافة إلى مأساة سفينة “صافر”، التي تتخذ منها “الحوثي” ورقة ابتزاز للمجتمع الدولي تهدد من خلالها بكارثة بيئية تتجاوز اليمن إلى محيطه الإقليمي والعالم بأسره.‏ 
لكن، هل المطالبات الأمريكية والبريطانية والأممية لمليشيا الحوثي بإنهاء هجومها على مأرب فورًا ستؤتي ثمارها بمفاوضات سلام، في ظل وجود الوفد العُماني في صنعاء لإقناع الحوثيين بالخطة الأممية للسلام؟ 

إنها خطوة مهمة من فريق “بايدن”، الذي كان يلوم التحالف العربي في السابق، وصدمة في أوساط المنظمات المدافعة عن “الحوثي”، لا سيما أن أحدث ظهور لزعيم الحوثيين أظهر عدم اكتراث منه بالمقترح الأممي والمساعي الدولية، خاصة الأمريكية، داعيًا أتباعه إلى حشد مزيد من المقاتلين، وجمع مزيد من الأموال للاستمرار في الحرب، راهناً حدوث أي سلام برفع القيود عن المنافذ، بما فيها مطار صنعاء، بعيدا عن الوقف الشامل للحرب، كما رهنها بتخلي تحالف دعم الشرعية عن الحكومة المعترف بها دوليا، بحسب ما فُهم من مجمل خطابه. 

أعتقد أن الشعب اليمني حاليًا لا يريد أقوالا، وإنما أفعال ترفع المأساة عنه، وما مجزرة محطة الوقود، التي تُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، إلا جرس إنذار لما يحدث وسيحدث في اليمن، وما يمكن أن تقوم به هذه المليشيات من قصف للتجمعات المدنية في مناطق متفرقة من البلاد يتجاوز كل معاني الإنسانية، وأنها تضرب عرض الحائط بأي محاولات سلام، ما يتطلب من المجتمع الدولي مقاربة أخرى في تعاطيه مع الأزمة اليمنية، تتمثل في ضرورة العمل بجدية على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية بنزع سلاح الحوثي الإرهابية، واستعادة مؤسسات الدولة الشرعية دون تأخير أو قيد أو شرط. 
 

Exit mobile version