صنعاء.. التسول ممنوع والنهب مسموح!!
تم في صنعاء تشكيل لجنة وزارية لمناقشة مشروع اللائحة التنظيمية لمراكز مكافحة التسول، برئاسة “نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن”!
وكما يقال: الجواب يعرف من عنوانه، فرئاسة نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن للجنة، يعني أن اللائحة ستركز على الملاحقة الأمنية للمتسولين.
يا جهابذة اللجنة والحكومة، إذا أردتم مكافحة التسول، عليكم صرف مرتبات الموظفين شهرياً، وصرف إعانات مالية شهرية للعاطلين عن العمل، ومساعدات مالية شهرية لذوي الاحتياجات الخاصة، وصرف مساعدات الضمان الاجتماعي للأسر، بعد رفع حدها الأدنى إلى ما يساوي 200 دولار للأسرة شهرياً.
وإذا لم تتخذ الحكومة هذه الإجراءات، فسيصدق عليها القول بأنها: “لا ترحم ولا تخلي رحمة ربنا تنزل”.
* * *
قبل عدة سنوات كان من ضمن طلابي في المستوى الرابع بقسم علم الاجتماع طالب من محافظة عمران، لديه سيارة هايلوكس، ويلبس جاكت (كوت) وثوب يخفي نصفه الأسفل تحت البنطلون، ليبدو كأنه “شميز”.
وكنت ألاحظ أنه عندما يتأهب لمغادرة الكلية، يفتح باب السيارة ليتخذ منه ستاراً، ويقوم بسحب الثوب للأعلى، ثم يخلع البنطلون، ويتمنطق بالجنبية، ويقود سيارته خارجاً من الكلية.
وكان لي زميل أكاديمي يهتم بحقوق المرأة وحرياتها، ويدعي خلال الندوات والمؤتمرات أنه يدعم الحركة النسوية ويؤيد مطالبها، وخلافاً لذلك، فإنه لا يعترف لزوجته وبناته بأي حقوق.
وزميل أكاديمي آخر رغم أنه حاصل على الدكتوراه ودرجة الأستاذية، إلا أنه يقدم نفسه باعتباره شيخاً، ويتصرف على هذا الأساس.
أسوق هذه الأمثلة لأوضح للقراء والمعنيين، أن تغيير التوجهات الثقافية وتغيير منظومة القيم الاجتماعية يتطلب وقتاً طويلاً، قد يمتد لعقود، بل يمتد لقرون أحياناً، لا سيما إذا كانت هناك قوى اجتماعية تقاوم تغيير الأطر الثقافية القائمة.
وحتى في الحالات التي تستخدم فيها النخبة الحاكمة أجهزة الدولة القمعية لفرض توجهات ثقافية محددة، فإن التوجهات الثقافية المفروضة تنهار مع أول تغير في بنية السلطة، كما حدث للتوجهات الثقافية المتعلقة بحقوق المرأة وحرياتها في الجنوب بعد الوحدة.
باختصار، لا قلق على جامعة صنعاء من زيارة حسن إيرلو يا دكتور معين، فقط حول مرتبات الأكاديميين وسيكون كل شيء على ما يرام.