داعش في صنعاء بنسخة حوثية والرد بحملة شعبية ورسمية واسعة للاحتفاء بالأغنية اليمنية

أطلق نشطاء يمنيون حملة واسعة للاحتفاء بالأغنية اليمنية ردا على قرارات صادرة عن الميليشيات الحوثية بمنع الأغاني في المناسبات الاجتماعية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، اعتمادا على فتاوى دينية تجرّم الفن يصفها النشطاء بأنها أقرب إلى فتاوى تنظيم داعش ومواقفه المتشددة. 

وانضمت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية إلى الحملة وأعلنت عن اعتماد الأول من يوليو من كل عام يوما للأغنية اليمنية. ودعت الوزارة إلى تنظيم احتفالات في المحافظات اليمنية احتفاء بهذا اليوم، كما دعت “الفنانين والشعراء والكتاب والصحافيين والمذيعين والناشطين وكافة أطياف الشعب اليمني في جميع المحافظات للمشاركة بالاحتفالات بيوم الأغنية اليمنية”، “بهدف تعزيز الثقافة اليمنية والتراث اليمني”. 

وتعليقا على الحملة التي أطلقها الناشطون اليمنيون كتب وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني في تغريدة على حسابه بتويتر “تفاعلا مع المبادرة التي أطلقها عدد من الفنانين والمثقفين والنشطاء، وتعزيزا للهوية اليمنية وحماية التراث والفن اليمني وفي مواجهة الحملة الشرسة التي تشنها ميليشيا الحوثي ضد الفن، نعلن في وزارة الإعلام والثقافة والسياحة 1 يوليو من كل عام يوم الأغنية اليمنية”. 

وتداول صحافيون ومثقفون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية تعميما صادرا عن السلطات الحوثية يتضمن تعليمات بمنع الفنانين والفنانات من حضور المناسبات والأعراس التي تقام في صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة. 

وجاء في الوثيقة الصادرة عن محافظ صنعاء في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، عبدالباسط الهادي، أنه تم إصدار توجيهات إلى مدراء عموم المديريات ورؤساء المجالس المحلية تتضمن “الحد من ظاهرة الفنانين والفنانات في المناسبات والأعراس من خلال التوعية القرآنية للمجتمع”. 

ويأتي القرار الحوثي في سياق سلسلة من الإجراءات والممارسات التي تقوم بها الميليشيات الحوثية في مناطق سيطرتها، تضمنت إغلاق أماكن عامة من بينها مقاهٍ ومطاعم، واحتجاز واعتقال ناشطين وفنانين بتهم أخلاقية، والتضييق على الأنشطة الفنية والإبداعية، في إجراءات شبهها إعلاميون وناشطون يمنيون بممارسات داعش في العراق وسوريا خلال فترة سيطرته على مساحات واسعة من البلدين. 

وعلق النائب في مجلس النواب اليمني المتواجد في صنعاء، أحمد سيف حاشد، في وقت سابق على الإجراءات الحوثية القاضية بمنع الغناء في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، معتبرا أنه “عندما يتم منع الغناء في صنعاء فهذا يعني أن صنعاء لم تعد عاصمة كل اليمنيين”. 

وقال حاشد في منشور على حسابه الرسمي في فيسبوك “من حق المواطنين في المناطق الأخرى، بل في كل اليمن أن يقاوموا مشروع الجماعة الذي يريد أن يلتهم التعدد والتنوع ويفرض بالسلطة والقوة وجوده على الجميع”. 

وأضاف “ما يحدث بين فترة وأخرى من تجريب فرض ممنوعات الجماعة على ما هو مباح، بات يبدو كمحاولات دؤوبة لفرض هذا المشروع الظلامي بالقوة، وعلى نحو يجعل كل اليمنيين يخشون تلك الجماعة، ويرتعبون أكثر من نواياها المستقبلية. ويسند ذلك الفشل الذريع للجماعة في بناء الدولة وتحقيق المواطنة وسعيها للقضاء على التعدد السياسي والفكري”. 

واعتبر النائب اليمني المناهض للحوثيين أن “قرار منع الغناء في أحد وجوهه تعبير مكثف أيضا عن ذروة الفشل الاقتصادي، والإحباط السياسي، والتعويض عن الإخفاق بالبحث عن نجاح لم ولن يجدوه، وسينتهون إلى فشل ذريع ومريع على كل الصعد والمستويات”. 

وأضاف حاشد “داعش في صنعاء بالنسخة الحوثية هو كالجماعات الدينية الأخرى التي حاولت ابتلاع المجتمع، ولكنه فشل وسيظل يفشل على نحو ذريع”. 

وفي تصريح لـ”العرب” حول خلفيات ودواعي الإجراءات الحوثية ذات الطابع الثقافي والاجتماعي، والتي كان آخرها منع الغناء في المناسبات العامة، أكد الكاتب والشاعر اليمني أحمد عباس أن هذه الإجراءات تعود إلى جذور ثقافية وعقائدية لدى الجماعة الحوثية التي لا تقل أصولية وتشددا عن الجماعات التي عرفت بالانغلاق الثقافي مثل داعش وطالبان. 

ولفت عباس إلى وجود أسباب أخرى قد تفسر السلوك الحوثي والتي من بينها رغبة الحوثيين في توجيه اهتمامات المجتمع اليمني، وخصوصا الشباب، في مناطق سيطرتهم نحو مخرجات الآلة الثقافية والإعلامية للجماعة التي تعمل على استقطاب الشباب وتحويلهم إلى قنبال بشرية من خلال الأناشيد الدينية والحماسية أو ما يعرف بالزوامل التي تحفز اليمنيين على الانخراط في مشروع الحرب الحوثية والتضحية في سبيلها تحت عناوين خادعة. 

وأشار عباس إلى أن الآونة الأخيرة شهدت تراجعا في إقبال اليمنيين، وخصوصا الشباب، في مناطق سيطرة الحوثي على مخرجات الإعلام الحوثية أو ما يسمى بالدورات الثقافية، وهو ما قد يفسر قلق الجماعة المتزايد من جذب منابر ثقافية أخرى لاهتمامات الشباب ومن بينها فنون الغناء التي تعد أحد الموروثات الثقافية اليمنية الهامة والمؤثرة. 

وقد شهدت السنوات الأخيرة موجة نزوح لافتة لعدد من أبرز رموز الغناء اليمني المعاصرين، وخصوصا من جيل الشباب الذين غادروا مناطق سيطرة الحوثي إلى خارج اليمن، نتيجةَ التضييق الذي تقوم به الجماعة الأصولية. 

Exit mobile version