برعاية إيرانية.. عرض حوثي لاستضافة إخوان مصر.. ما القصة؟
فجّرت دعوة القيادي بميليشيا الحوثي الإرهابية، محمد علي الحوثي للإعلاميين المنتمين لجماعة الإخوان لاستضافتهم في اليمن بعد التضييقات التي يواجهها عناصر الجماعة المقيمين في تركيا مؤخراً، جراء الرغبة التركية في التخلي عن التنظيم من أجل إنجاز التفاهمات مع القاهرة، سيلاً من التعليقات والأسئلة حول العلاقة التي تربط الحوثي بالإخوان، خاصة وأنّ الطرفين حرصا على إظهار عداوة ضارية في الحرب الدائرة باليمن منذ أكثر من ثمانية أعوام.
وعبر حسابه على موقع “تويتر”، رحّب الحوثي، وهو عضو فيما يسمى المجلس السياسي في صنعاء، بالإعلاميين محمد ناصر ومعتز مطر الفارين من العدالة في مصر، مبدياً استعداده تقديم الحماية لهما بعد أن بدأت أنقرة تضيّق الخناق عليهما لتحسين فرصتها في مفاوضات تطبيع العلاقات مع مصر.
وكتب الحوثي: “الإعلاميان معتز ومحمد ناصر، أهلاً وسهلاً بكما في صنعاء بكامل الحرية في أرضنا، وستجدان بإذن الله كرم الشعب اليمني وحمايته، فلقد وقفتما مع اليمن وتألمتما على الشعب والعدوان عليه أهلا بكما”.
وكانت السلطات التركية أبلغت عدداً من الإعلاميين المنتمين لجماعة الإخوان بوقف برامجهم في القنوات الفضائية التي تبث من على أراضيها وفي مقدمتهم محمد ناصر ومعتز مطر، كما أعلن بعض عناصر التنظيم والمتحالفين معه أنّ السلطات التركية حذرتهم من أي هجوم ضد مصر على مواقع التواصل الاجتماعي، حسبما أعلنت غادة نجيب زوجة الفنان المصري الهارب هشام عبدالله وأسرته إلى تركيا منذ العام 2014.
الدعوة جدّدت الحديث عن التحالف الإخواني الإيراني في اليمن، والذي يمثله، وفق مراقبين، إخوان اليمن وأردوغان من جهة، وإيران وذراعها المسلح في اليمن “جماعة الحوثي” من جهة أخرى.
وكذلك ما كشفه مصدر عسكري يمني، لموقع “اليمن العربي” عن وجود اتفاق سري ممتد بين الميليشيات الحوثية وحزب “الإصلاح” يقضي بتجميد الجبهات مقابل حماية استثمارات قيادات الحزب.
وقال المصدر إنّ تركيا طلبت من إيران التدخل لمنع تحركات الحوثيين التي تستهدف تأميم استثمارات القيادي الإخواني المقيم بإسطنبول حميد الأحمر، وكذلك التنسيق الدائم لحماية قيادات التنظيمين.
وجهان لعملة واحدة
يرى مراقبون أنّ جماعة الإخوان المصنفة “إرهابية” في عدة دول عربية، وميليشيا الحوثي، هما وجهان لعملة واحدة ويعملان على تنفيذ الأجندة ذاتها سواء داخل اليمن أو خارجها، وأنّ ما يحركهم هو تحالف بين تركيا وإيران، يستخدم أذرعه سواء من خلال الكيانات السياسية أو الميليشيا المسلحة لتقسيم المنطقة ونهب ثرواتها لصالح هذا التحالف.
يقول السياسي اليمني محمد الفقيه إنّ “العرض الحوثي استضافة إعلاميي الإخوان الذين اعتادوا على نشر خطاب الكراهية والتحريض ضد بلدهم من داخل الأراضي التركية، بعد أن أجبرت تركيا على وقف بث برامجهم من أجل تحقيق التقارب مع القاهرة، لا يمكن قراءته إلا في إطار التحالف الكبير والتاريخي بين إيران وتركيا للتآمر على المنطقة العربية وتخريبها وإعادة تقسيمها بما يخدم مصالحهم”.
ويوضح “الفقيه”، في تصريح لـ”حفريات”، أنّ “تحالف الشر بين ميليشيا الحوثي وجماعة الإخوان قد أفسد كل الجهود الرامية لإقرار الحل السياسي في اليمن وإخراج البلاد من أزمتها الممتدة منذ أعوام، فيما يعاني الشعب اليمني بسبب الحرب وتداعياتها، فإنّ هذه الميليشيا تعمل وبشكل منتظم على تمديد عمر الأزمة لأعوام أخرى بهدف حماية مصالحها، المرتبطة ببقاء الأمر كما هو عليه”.
وقال الفقيه إنّ “هذا التحالف يلعب على التناقضات من أجل إبقاء الأزمات مشتعلة وتعميق الأزمة”، موضحاً أنّ حالة الاستقرار والهدوء لا تتفق مع المخططات العدائية الرامية للسيطرة على البلاد باستغلال الحرب والدمار ونهب مواردها الاقتصادية والتحكم في مقدرات شعبها.
إيران ملاذ آمن
كانت مصادر مصرية مطلعة على تحركات الإخوان قد تحدثت عن وجود اتصالات بين قادة التنظيم الدولي للإخوان وقيادات داخل الحرس الثوري الإيراني، فضلاً عن مسؤولين بوزارة الخارجية، لتسهيل عملية نقل العناصر الإخوانية من تركيا إلى إيران خشية تسليم بعضهم للقاهرة في إطار التفاوض الذي يجري بين البلدين.
وقالت المصادر التي تحدثت لموقع “سكاي نيوز”، إنّ قيادات التنظيم لم تفصح عن طبيعة الرد الإيراني، لكنهم أكدوا خلال اجتماع بينهم، عقد عبر الإنترنت، أنّ المسؤولين الإيرانيين رحبوا بالطلب، وأكدوا أنّهم سيقدمون دعماً، دون الإفصاح عن طبيعة هذا الدعم، مشيراً إلى أنّ تركيا تمارس تضييقاً غير مسبوق على عناصر الإخوان منذ بدء إجراءات التقارب مع مصر، فيما تتزايد المخاوف بينهم من إمكانية تسليمهم للقاهرة في أي وقت، لإتمام عملية المصالحة بين البلدين.
وبهذا الصدد، يقول الفقيه إنّ الأمر محتمل، مرجحاً أنّ يكون هناك اتفاق مسبق بين التنظيم الدولي للإخوان والمسؤولين الإيرانيين لاستضافة العناصر التي ستغادر تركيا بعد الإجراءات الأخيرة بوقف المنصات الإخوانية ونية أنقرة تسليم بعض المطلوبين للقاهرة.
يذكر أنه بنهاية العام 2019 نشر موقع “The Intercept” الأمريكي وثائق سرية مسربة للاستخبارات الإيرانية تضمنت معلومات عن استضافة تركيا لاجتماع بين الحرس الثوري الإيراني وجماعة الإخوان المسلمين للعمل ضد السعودية.
وأوضحت الوثائق المسربة، وفق ما نشره موقع “العربية”، أنّ “تركيا استضافت في العام 2014 اجتماعاً بين الحرس الثوري والإخوان لمواجهة السعودية”، وقد بحثا فيه “التحالف ضدها”، ولفت الموقع إلى أنّ القمة جمعت بين قطبين متنافرين هما؛ فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وجماعة الإخوان المسلمين.
وبيّنت المعلومات الواردة في الوثائق المسربة أنّ ممثل الإخوان طالب الحرس الثوري الإيراني بالعمل ضد المملكة باليمن من خلال توحيد صفوفهما، في ظل “تشاركهما في كراهية السعودية”.
وقدّمت الوثائق الإيرانية المسربة لمحة مثيرة للاهتمام حول اجتماع العام 2014 بشأن المحاولات السرية من جانب تنظيم الإخوان والمسؤولين الإيرانيين للحفاظ على الاتصال، وتحديد ما إذا كان ما يزال بإمكانهم العمل معاً، بعدما تمت الإطاحة شعبياً بحكم الإخوان في مصر.
*صحفية مصرية