اخبار الشرعيهالحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةتقاريرمأربمحليات

لماذا مأرب بهذه الأهمية.. الحوثيون يستميتون للسيطرة على المدينة الاستراتيجية “صراع لا يتوقف”

تشتد المعارك في مدينة مأرب الغنية بالنفط بين القوات اليمنية وميليشيات الحوثيين في الوقت الذي يعمل فيه المجتمع الدولي على إيجاد أرضية مشتركة لإنهاء الصراع المستمرّ منذ سبع سنوات، وسط تساؤلات عن أهمية المدينة وسبب استماتة الميليشيات للسيطرة عليها قبيل الوصول إلى صيغة لاتفاق سلام. 

 لا تهدأ المعارك بين القوات الحكومية وميليشيات الحوثيين في مدينة مأرب الاستراتيجية، في وقت تتشابك فيه تلك المعركة الشاقة على المدينة منذ سبع سنوات مع جهود السلام البطيئة التي يقودها المجتمع الدولي والولايات المتحدة. 

ويأمل الحوثيون أن يؤدي الاستيلاء على مأرب، التي تعد معقلا مهما للقوات الحكومية وفيها مواقع نفطية هامة، إلى منحهم اليد العليا في المحادثات السلمية. ويشكو المسؤولون الحكوميون من أن الحذر الأميركي والدولي من تأجيج الحرب اللامتناهية يمنعهم من الحصول على الأسلحة التي يحتاجونها للفوز في مأرب. 

وتضغط الولايات المتحدة على التحالف الذي تقوده السعودية والذي يدعم الحكومة لعدم تقديم المزيد من الأسلحة خشية وقوعها في أيدي المسلحين وسط مخاوف من “الكسب غير المشروع وعدم الكفاءة”، حسب مسؤول يمني لوكالة أسوشيتد برس، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخوّل بإحاطة الصحافيين. 

ويؤكد مقاتلون حكوميون في المدينة الغنية بالنفط أنهم بحاجة إلى المزيد من الأسلحة لصدّ المتمردين الحوثيين. وقال مقاتل يدعى حسن، الذي كان يتخذ موقعا في خندق مليء بأكياس الرمل في منطقة كسارة الجبلية بمأرب، “نحتاج إلى بنادق قنص”. كل ما تملكه الكتائب هو بنادق كلاشينكوف ورشاشات قديمة مثبتة في مؤخرة شاحنات. 

وكانت مأرب الصحراوية بوتقة واحدة من أكثر النزاعات تعثرا في العالم في الوقت الذي كانت ضغوط دولية تمارس من أجل وقف تلك الحرب. وحاول الحوثيون منذ سنوات الاستيلاء على مأرب لاستكمال سيطرتهم على النصف الشمالي من اليمن. ومنذ فبراير، شنوا هجوما 

مكثفا من جبهات متعددة، بينما قصفوا وسط المدينة السكني بالصواريخ والطائرات المسيّرة المحمّلة بالمتفجرات مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين. 

وحتى الآن، لم يحرز المتمردون سوى تقدم تدريجي، حيث كانوا يتقدمون ببطء عبر سهل الصحراء، بسبب الضربات الجوية السعودية التي تسببت في خسائر فادحة في صفوفهم. ويقدر المسؤولون الحكوميون والطبيون في مأرب مقتل أو إصابة الآلاف من المقاتلين، معظمهم من المتمرّدين منذ فبراير. 

وفي العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، تشير الجنازات الجماعية وإعلانات مقتل جنود، وبعضهم من أطفال، إلى مدى تكلفة المعركة، على الرغم من أن الحوثيين لم يعلنوا عن عدد القتلى الرسمي. 

أهمية استراتيجية 

تقع مأرب على بعد 115 كيلومترا شرقي صنعاء على حافة صحارى اليمن الكبيرة، وهي بوابة استراتيجية من المرتفعات الوسطى إلى المحافظات الجنوبية والشرقية. كما أنها موطن لحقول النفط والغاز حيث توجد مصالح شركات دولية مثل شركة إكسون موبيل وتوتال. 

وينتج مصنع تعبئة الغاز الطبيعي غاز الطهي لـ29 مليون نسمة. بينما توفّر محطتها لتوليد الكهرباء 40 في المئة من كهرباء اليمن. 

وجعل استقرار المنطقة النسبي في السنوات الماضية منها ملاذا لأولئك الفارين من جبهات الحرب الأخرى. وبحسب الإحصاءات الرسمية، فإن المنطقة التي كان عدد سكانها قبل الحرب 400 ألف نسمة، تستضيف الآن حوالي 2.2 مليون نازح، أصبح الكثير منهم محتشدين في المخيمات. 

وتعج شوارع المدينة خلال النهار بسيارات الأجرة والمركبات رباعية الدفع التابعة لقوات الأمن. وفي الليل، يتردد الرجال على المطاعم والمقاهي أو يتجمعون في المنازل ويمضغون أوراق القات للحصول على تأثير منشط دون اهتمام بالقتال خارج مدينتهم. لكن صور القادة والجنود الذين سقطوا على جانبي الطرق تبقى تذكيرا. وشهدوا توسيع مقبرة المدينة لاستيعاب الزيادة الكبيرة في الوفيات. 

ويقول حارس المقبرة محمد سعيد ناصر لوكالة أسوشيتد برس “نحن ندفن ما بين 10 إلى 15 شخصا كل يوم، معظمهم من شهداء الحرب”. 

ومن جهته يؤكد مدير مستشفى مأرب العام محمد عبده القباطي أن المستشفى الرئيسي في المنطقة كان يستقبل يوميا العشرات من الجرحى من المقاتلين منذ أشهر. وفي وحدة العناية المركزة، كان هناك 10 مرضى، جميعهم من المقاتلين الجرحى باستثناء واحد. 

وفي أحد الأسرة، كان علي سعد، 22 عاما، مصابا بشلل جزئي. فقد أصيب برصاص قناص حوثي على الجبهة في 18 يونيو. وكان سعد يقاتل ضمن القوات الحكومية منذ العام 2017. وخلال تلك الفترة، فرّ هو وعائلته من منزلهم في جنوب غرب محافظة ذمار مع تصاعد الحرب. ثم قُبض عليه واحتُجز لمدة عام في سجن للحوثيين حتى أطلِق سراحه في تبادل للأسرى في أكتوبر. 

وقال “لقد عانيت كثيرا في الأسر، وتعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي. لقد أعطانا هذا لمحة عما كان عليه الحوثيون حقا. فخرجنا بإرادة أقوى لا توصف لمحاربتهم”. وأصيب والده وأحد أشقائه الثلاثة على جبهة مأرب في وقت سابق من هذا العام. 

من المنتصر؟ 

استولى الحوثيون على صنعاء وجزء كبير من الشمال اليمني في بداية الصراع مما أجبر حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي على الفرار، ودخلت السعودية بدعم من الولايات المتحدة في ذلك الوقت لمحاولة إعادة هادي إلى السلطة ووقف تهديدات ميليشيات مدعومة من إيران. 

وبعد سنوات من الانتقادات بشأن الخسائر المدنية من الضربات الجوية، سحبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في فبراير دعمها لحملة التحالف في اليمن. ويقول مسؤولون يمنيون وعسكريون إن هذا القرار، إلى جانب إزالة بايدن للحوثيين من قائمة الإرهاب الأميركية، شجع المتمردين في مأرب. 

ويرى بيتر سالزبري، وهو خبير اليمن في مجموعة الأزمات الدولية “يبدو أن الحوثيين يحسبون أنهم إذا انتصروا في مأرب، فإنهم سينتصرون في حرب شمال اليمن بينما يذلون الرئيس المعترف به دوليا. وهذه جائزة كبيرة بالنسبة إليهم، لأنها ستسمح لهم بإملاء شروطهم لإنهاء الحرب أيضا”. 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس الخميس إن الإدارة “سئمت” من الحوثيين و”روّعتها الهجمات المتكررة على مأرب”. وشجب استمرار المتمردين في الهجوم على الرغم من “اقتراح (السلام) الجاد المعروض عليهم”. 

وأجرى وفد عماني محادثات في صنعاء مع قادة الحوثيين بمن فيهم القائد الديني والعسكري للجماعة عبدالملك الحوثي. وفي غضون ذلك، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن دبلوماسي سعودي قوله إن هناك جهودا جارية، بما في ذلك محادثات مباشرة بين السعودية والحوثيين منذ 2019، لإيجاد أرضية مشتركة. 

ويريد المتمردون إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، وهو رابط حيوي لليمن بالعالم الخارجي الذي لم يشهد رحلات تجارية منتظمة منذ 2015، ورفع القيود المفروضة على ميناء الحديدة الحيوي على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون. 

ويؤكد بيتر سالزبري أن المفاوضات تعثرت بشأن ما يأتي أولا. وقال إن الحوثيين يريدون صفقة قائمة بذاتها بشأن المطار والحديدة قبل التفاوض على وقف إطلاق النار. وتريد المملكة العربية السعودية والحكومة اليمنية صفقة شاملة حول كل هذه القضايا. وقال “إلى أن يتم سدّ الفجوة، أتوقع استمرار الهجوم على مأرب”. 

زر الذهاب إلى الأعلى