الرئيسيةتقاريرصنعاءمحلياتملفات خاصة

رحيل الشيخ العمراني.. الفاجعة التي وحدت اليمنيين

يمن الغد / تقرير – عبدالرب الفتاحي 

انصدم اليمنيون برحيل العلامة محمد اسماعيل العمراني كما لم يهزهم وفاة احد من الشخصيات المشهورة مثله، فوجود الشيخ العمراني كان مهما اذ يمثل عاملا مشتركا يجمعهم، بعد أن انهارت كل العوامل التي حافظت على القواسم المشتركة بين النخب اليمنية وشرائح المجتمع بعد ان مزقتهم الحرب وفرضت عليهم خطاب أتخذ من الدين طريق للفوضى والعبث. 

خطاب عقلاني..  

حب الناس للشيخ محمد اسماعيل العمراني ارتبط من الدور الذي لعبه منذ عقود طويلة، وذلك لجعل الدين بعيداً عن السياسة وحرص دون استخدامه منبرا للفوضى، فخطابه تميز بالإعتدال والاتجاه لترشيد سلوك الناس كما جعل من التدين وقيم المعاملة المرتبطة بممارسة الاسلام بطريقة هادئه وعقلانية. 

مواعظه وفتاويه كانت مهتمة بالمعالجة والتبين دون أن يعمل على شحن الناس ليكونوا في صف أي طرف وظل يعمق للناس والمجتمع مدى الدور الذي يمكن أن يمثلوه بعيدا عن التصنيفات ورفض أشكال التفرقة والتمييز والصراعات والعنف. 


 

يفتقد اليمنيون لدور الشيخ محمد اسماعيل وما حمله من قيم لديهم فهو لم يعد ينتمي وفق اعتقاده الديني لاي فئة وهو يمثل الجميع وتصوراته تلك نبهت وتعاطت مع الواقع بحكمة وموعظة وحذر من الكثير من السياسات. 

رفض الشيخ العمراني أن يكون منتميا للاتجاهات السياسية والمذهبية، تحدث عن جميع العلماء المسلمين ممن سبقوه وأخذ من البخاري ومسلم وعمل على تقريب الاختلافات، بخطاب متجدد وعند وجود أي مسألة معقدة فإن للشيخ طريقته الجامعة في مقاربتها ومعرفة حلها. 

اتخذ الشيخ محمد اسماعيل توجها رأه منطقيا وهو تحقيق استقلالية التدين من المنافع المختلفة، ورفض وضع الاسلام ليكون حكرا على طرف أو سببا في الاختلاف بين الناس، وكان يدرك أن تحويل الإسلام لمقتضى سياسي سيخلق صراعات وسيضيف مزيد من التعقيدات للواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي . 

مجتهد في كل الأصوال.. 

يعتبر العلامة العمراني من  أشهر علماء اليمن المعاصرين فيما يتعلق بالعلوم الشرعية والفقهية والدينية. 

كان مفتي الديار اليمنية، ووصلت شهرته لبلدان عربية كثيرة ، ويعتبر مفتي اليمن الأول، ونشط في الافتاء عبر الصحف والإذاعة في السنوات الماضية لنحو ثلاثة عقود من إذاعة صنعاء في برنامج ( فتاوى) 

هذا البرنامج لم يعد يذاع منذ بضع سنوات خاصة منذ سيطرة جماعة الحوثيين على الحكم ، تعددت مقابلاته وبرامجه في قنوات تلفزيونية. 

والعلامة العمراني لم يكن يميل للسياسة ولهذا احتفظ بمحبة كل اليمنيين وكانت أرائه ترضى بقبول الجميع لإن ليست محددة بفئات وأطراف . 

مشائخه: 

تتلمذ الشيخ محمد اسماعيل القاضي على يد العلامة عبد الله بن عبد الكريم الجرافي سنة 1387هـ وقرأ عليه موطأ الإمام مالك وكتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي، وأكثر سبل السلام للعلامة الأمير الشهير بالصنعاني وأكثر نيل الأوطار للعلامة محمد بن علي الشوكاني وسنن النسائي كله. 

كما انه اعتمد على القاضي العلامة: عبد الله بن عبد الرحمن حميد سنة 1319هـ و قرأ عليه شرح ابن عقيل وشرح الجوهر المكنون وفي شرح الكافل في أصول الفقه وبعض شرح متن الأزهار وشرح قواعد الإعراب…وغير ذلك من الكتب. 

أما السيد عبد الكريم بن إبراهيم الأمير: سنة 1330 ه فقد حفظ عليه بعض المختصرات مثل: متن الأزهار ومتن الكافل ومتن الكافية ومتن الألفية وملحة الإعراب. 

 ثم أخذ عليه شرح قطر الندى لابن هشام وشرح ملحة الإعراب للفاكهي وشرح قواعد الإعراب للأزهري وشرح ابن عقيل على الألفية وشرح كافل ابن لقمان والجزء الأول من مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام، والجوهر المكنون وشرح التفتازاني على الغزني في الصرف…وغيرها من الكتب. 

 وكذلك القاضي العلامة حسن بن علي المغربي: ت: 1410هـ قرأ عليه بعضًا من شرح الفرائض وبعضًا من شرح الأزهار وبعضًا من كتاب أصول الأحكام للإمام أحمد بن سليمان وبعض بيان بن مظفر. 

وكان القاضي العلامة علي بن حسن بن علي بن حسين المغربي سنة 1948م  قرأ عليه شرح قطر الندى لابن هشام وكتاب نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر للحافظ ابن حجر العسقلاني 

 فيما قراء على القاضي: عبد الله بن محسن السرحي 1318 بعض تفسير الكشاف للزمخشري. 

والقاضي العلامة عبد الوهّاب الشماحي 1375هـ قرأ عليه بعض شرح الأزهار قبيل موته أي قبل حوالي 63 عامًا. 

وشرح الإزهار وشرح غاية السؤال وفي الكشاف وبعض سنن أبي دواد فقد قراءها على العلامة أحمد بن علي الكحلاني: (ت: 1386هـ 

سروح الروض النضير وكتاب صحيح ومسلم وفي شرح الأزهار فقد عرضها للعلامة عبد الخالق بن حسين الأمير في 1313-1370هـ  

عائلته.. 

عائلة القاضي محمد بن أسماعيل العمراني لها أمتداد  في العلم وأجداده قد ساهموا في نشر العلم واجتهدوا في ذلك تعليمًا وإرشادًا وتأليفًا. 

جده القاضي العلامة محمد بن علي العمراني كان من أبرز تلاميذ شيخ الإسلام القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني، وقد قال عنه الشوكاني في البدر الطالع: “برع في جميع العلوم الاجتهادية، وصار في عداد من يعمل بالدليل ولا يعرج على القيل والقال، وبلغ في المعارف إلى مكان جليل، وهو القوي الذهن سريع الفهم. 

وقال عنه العالم الشوكاني أيضا” جيد الإدراك ثاقب النظر، يقل وجود نظيره في هذا العصر مع تواضع وإعراض عن الدنيا وعدم اشتغال بما يشتغل به غيره ممن هو دونه بمراحل من تحسين الهيئة وليس ما يشابه المتظهر بالعلم، كثر الله فوائده ونفع بعلومه، وقد سمع عليّ غالب الأمهات الست وفي العضد والكشاف والمطول وحواشيها وغيرها من الكتب”. 

ومثل الشيخ محمد بن علي العمراني نموذج لأفراد هذه الأسرة العريقة في العلم والصلاح الذين كانوا بين أقوامهم وفي مجتمعاتهم و معاصريهم. 

زر الذهاب إلى الأعلى