ينشر الحوثيون بيانات ومقاطع فيديو مفبركة عن معارك اليمن في إطار الحرب الإعلامية والدعائية التي تستهدف التأثير على الرأي العام الداخلي والخارجي وإعطاء صورة مغايرة للعالم عن حقيقة ما يجري على الساحة اليمنية.
حذرت وزارة الإعلام اليمنية من بيانات إعلامية مفبركة يصدرها الحوثيون على لسان تنظيمي القاعدة وداعش المتطرفين، بهدف تضليل الرأي العام المحلي والدولي حول حقيقة المعارك التي تجري على عدة جبهات.
وقال معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة “إن مصادر محلية في محافظة صنعاء أكدت قيام ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران بتصوير مشاهد تمثيلية في وادي وجبال بقلان الواقعة بين مديريتي بني مطر وبلاد الروس”.
وأضاف الإرياني في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) “هناك مشاهد تمثيلية لعناصر مسلحة ترتدي لباس تنظيمي القاعدة وداعش تحضيرا لنشرها خلال الأيام القادمة على لسان عناصر التنظيمين في محافظة البيضاء”.
وتدور في محافظة البيضاء منذ أيام معارك عنيفة بين قوات الجيش اليمني الحكومي والمقاومة الشعبية وعناصر ميليشيا الحوثي لاسيما في مديريتي الزاهر والصومعة، إثر عملية شنتها الأولى وتمكنت خلالها من تحرير مناطق واسعة بما فيها مركز مديرية الزاهر، قبل أن تتراجع أواخر الأسبوع تحت ضغط هجمات الميليشيا.
وأشار الإرياني إلى أن الخطوة الحوثية تأتي بعد أيام من فبركة ميليشيا الحوثي بيانا على لسان تنظيم القاعدة، حاولت من خلاله تضليل المجتمع الدولي والرأي العام اليمني حول طبيعة واصطفاف عناصر التنظيمات الإرهابية من المعارك الدائرة في محافظة البيضاء، والتغطية على التنسيق الميداني بين الطرفين برعاية إيرانية.
وقبل أيام نشرت وسائل إعلام وناشطون مقربون من الحوثيين على نطاق واسع، بيانا “مفبركا” باسم تنظيم القاعدة في البيضاء، يزعم أن التنظيم هو من يقاتل في جبهتي الزاهر والصومعة كقوة أساسية، نافيا وجود أي قوات تابعة للحكومة.
لكن غالبية الناشطين أجمعوا على أن البيان مزور بشكل واضح فالتسميات المستخدمة في البيان لا تعتمدها القاعدة والتنظيمات الإرهابية عادة.
ونشرت إليزابيث كيندال الباحثة في الشؤون العربية والإسلامية في جامعة أكسفورد والمتخصصة بشؤون القاعدة والتنظيمات المتطرفة تغريدة على حسابها في تويتر تعليقا على البيان. وقالت “بيان القاعدة الجديد الذي يزعم أنه يقود القتال ضد الحوثيين في البيضاء في اليمن مزيف (أو في أفضل الأحوال محرف)”.
وأرجعت اعتبارها البيان مزيفا لعدة أسباب، منه أنه يناقض عدد البيانات بعد عام 2017، وأن البيانات منذ 9 /2020 تظهر برأس باللون الرمادي، كما أنه لم يذكر التاريخ الميلادي بموازاة الهجري، ولم يصدر عبر القنوات الرسمية المعروفة، وكذلك لأن أسلوبه مختلف عن البيانات المعروفة للتنظيم.
ويزداد انتشار الأخبار الكاذبة والمضللة بالتزامن مع احتدام المعارك، ويحاول الحوثيون الترويج لرواية من تأليفهم بشأن التطرف والإرهاب ووصم القوات الموالية للحكومة بها، في محاولة لاستدرار العطف الدولي، وهم يستخدمون هذه الاستراتيجية منذ سيطرتهم على الدولة أواخر العام 2014.
وسبق أن حاولت الميليشيا تسويق نفس الفكرة في شهر فبراير الماضي تجاه قوات الجيش ورجال القبائل التي تقاتلهم في محافظة مأرب وفشلوا في ذلك.
وأكد الإرياني في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر “أن هذه الفبركات لن تنجح في التغطية على العلاقة الوطيدة بين التنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها، والتنسيق بينها لإضعاف الدولة والتأثير على الموقف العسكري للجيش والأجهزة الأمنية وأداء دورها في مكافحة الإرهاب وملاحقة عناصره والحد من أنشطتها المزعزعة للأمن والسلم الإقليمي والدولي”.
وطالت الفبركة الحوثية للأخبار والمعلومات المضللة حتى المناطق المجاورة، حيث روجت وسائل الإعلام الحوثية لانتصارات وهمية في المناطق السعودية الجنوبية.
وسبق أن تحدث وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك عن محاولات الحوثيين تضليل المجتمع الدولي بافتعال وخلق أزمة للمشتقات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرتها وادعاء أن هناك حصارا على دخول الوقود، وهي الادعاءات التي تفندها بوضوح الإحصائيات في عدد من التقارير الدولية، التي تؤكد أن كميات الوقود في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات لم تتوقف، وأنها تغطي الاستخدام المدني والإنساني.
كما نفى بن مبارك مزاعم الحوثيين بخصوص أن 80 في المئة من سكان اليمن يعيشون في مناطق سيطرتهم، مؤكدا أن 48 في المئة من السكان يعيشون في المحافظات المحررة، في ظل الأعداد المتزايدة للمهجرين والنازحين الفارين من بطش هذه الميليشيات، مشيرا إلى أن هذه المزاعم هدفها السطو على المساعدات الدولية.
ويعتمد الحوثيون على الإيرانيين في صياغة الدعاية الإعلامية حيث صاغت طهران الخطاب الإعلامي للحوثيين بشكل كامل، ابتداء من ابتكار الأوصاف التي تحمل إساءة إلى كل المناهضين للانقلاب، فكانت تصفهم تارة بـ”المرتزقة”، وتارة أخرى بـ”الإرهابيين الدواعش”، وصولا إلى الإشراف على الإعلام الحوثي.
وأسندت الأمانة العامة لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية في طهران مهمة الإشراف على وسائل الإعلام الحوثية إلى قيادي غامض على علاقة مباشرة بالحرس الثوري، يدعى ناصر أخضر.
وتقلد المتحدث الرسمي للحوثيين محمد عبدالسلام منصب رئيس مجلس قناة “المسيرة”، إلا أن أخضر كان المشرف الأول على الفضائية الحوثية الأولى التي تتخذ من الضاحية الجنوبية في بيروت مقرا لها، إلى جانب عدد من القنوات، ومنها “الساحات”.
سبق أن حاولت الميليشيا تسويق نفس الفكرة في شهر فبراير الماضي تجاه قوات الجيش ورجال القبائل التي تقاتلهم في محافظة مأرب وفشلوا في ذلك
ووفقا لصحافيين يمنيين عملوا من بيروت في قنوات مدعومة إيرانيا قبل أن يقدموا استقالتهم منها، فإن جميع القنوات الموالية للحوثيين في لبنان لا تجرؤ على اتخاذ أي قرارات قبل عرضها على “أبومصطفى”، وهو الاسم الحركي الذي كان أخضر يتعامل به مع اليمنيين قبل انكشاف اسمه الحقيقي.
ويتولى أخضر، وهو مسؤول سابق في تلفزيون “المنار” التابع لحزب الله، مهمة الإشراف على الخطاب الدعائي التضليلي في حرب اليمن، في مقابل تمجيد الدور الإيراني أو ما يسمى بـ”محور المقاومة”.
ويروّج الإعلام الإيراني أن الميليشيات الحوثية تشنّ معاركها في كل المدن اليمنية، بأوامر إلهية، وبناء على هذه الخرافات التي يعملون على تكريسها يوما بعد آخر من أجل استقطاب الشباب والأطفال إلى جبهات القتال.