على هيئة مقاتل يحمل سلاحه الشخصي على كتفه، أطل القيادي الحوثي البارز محمد البخيتي بصورة له منتشياً بقدرة مليشيات جماعته في الوصول الى منطقة الحبج بمديرية الزاهر في البيضاء.
وقف البخيتي منتشياً بوصول مليشياته الى مناطق لم تكن تحلم يوماً أن تصل إليها، فقد كانت الزاهر بالنسبة لها هي القدس ومقاومة آل حميقان شوكة بحلق الحوثي للوصول إليها، كما يقول ناطق مقاومة آل حميقان عامر الحميقاني في تعليق غير مباشر له على صورة البخيتي.
يقول عامر: “لم يتجرأ قيادي حوثي زيارة البيضاء بوجود مقاومة آل حميقان وبعد سقوط الزاهر تهاوت المناطق وبدأت قيادات الحوثي تسرح وتمرح قبل أمس (الأربعاء) البخيتي واليوم (الخميس) أبو علي الحاكم في البيضاء”.
عكست صورة البخيتي مدى نشوة جماعته بالنصر الذي حققته على حساب مقاومة آل حميقان وقوات العمالقة في المعارك التي اندلعت بين الطرفين مطلع الشهر الحالي، في مديرية الزاهر.
فبعد أن تحررت المديرية بالكامل على يد العمالقة وآل حميقان قبل ان ينتكس الوضع بشكل سريع وتسقط المديرية بيد مليشيات الحوثي وتصل الى حدود يافع التي توصف بأنها قلب الجنوب، وتخوض مع قبائلها وقوات المجلس الانتقالي، أمس الجمعة، مواجهات مع المليشيا، في مشهد لم يكن يتوقعه أحد منذ بداية الحرب.
وفي الوقت الذي كانت فيه مليشيات الحوثي تخوض أولى مواجهاتها على حدود يافع كان عناصرها يقتربون من حدود جنوبية لا تقل خطورة عن يافع، وهي بيحان شبوة، التي باتت في خطر وصول مليشيات الحوثي إليها بعد اقترابها من السيطرة على عقبة القنذع الاستراتيجية الفاصلة بينها وبين مديرية نعمان بالبيضاء.
وصول مليشيات الحوثي على عقبة القنذع مثل مشهداً مفاجئاً كالمشهد الذي حصل في الزاهر، فوصولها الى هناك جاء بعد تهاوٍ مفاجئ لجبهات ومواقع جيش الشرعية في كل من مديريتي نعمان وناطع وسقوطهما بشكل كامل بيد مليشيات الحوثي التي باتت تسيطر بشكل شبه كامل على محافظة البيضاء باستثناء مديرية مسورة وأجزاء من مديرية الصومعة.
هذا التحول الدراماتيكي للمشهد في البيضاء لصالح مليشيات الحوثي وفي اقل من شهر، دفع بالبخيتي الى مخاطبة أتباع جماعته في تغريدة له على “تويتر” بالقول، إنهم سيدخلون قريباً “مرحلة جديدة، وهي مرحلة انهيار صفوف دول العدوان ومرتزقتها”، داعياً أياهم الى “التحشيد للجبهات لحسم المعركة في أسرع وقت وبأقل الخسائر”.
البخيتي وفي تغريدته فسر التقدم الذي حققته مليشياته في البيضاء بأنها تعود إلى “معادلة أصبحت واضحة”، وقال: “فكلما صعد العدوان في جبهة خسرها وخسر ما بعدها ابتداء بحجور وانتهاء بالزاهر”.
يذكر القيادي الحوثي بقصة أبرز جريمة خذلان ارتكبتها الشرعية وجماعة الاخوان المسيطرة على قرارها، بحق مقاومة قبائل حجور في يناير 2019م والتي اعتبرت بأنها نقطة فارقة في الحرب، وكشفت مدى ضعف جماعة الحوثي وأكدت حقيقة ان قوتها تأتي من العبث الذي تدير به الشرعية الحرب ضدها.
فقد مثلت المواجهات مع قبائل حجور فضيحة كبرى لكل من الحوثي والشرعية، فعلى مدى أكثر من 60 يوماً عجزت مليشيات الحوثي عن حسمها رغم الفارق الكبير في التسليح والقوة البشرية بين الطرفين وعدم وجود أي خطوط أمداد لقبائل حجور، وهي النقطة التي حسمت المعركة في الأخير لصالح مليشيات الحوثي.
اما فضيحة الشرعية فتجسدت في خذلان مقاومة حجور بأكثر من صورة، حيث ظلت القوات التابعة لها في جبهات حرض وميدي متفرجة دون تحرك على بعد أقل من 25 كم من حجور، ولم تكتف الشرعية بذلك بل عمدت الى عدم تحريك جبهاتها المتوقفة في الجوف وصنعاء ومأرب والبيضاء وتعز والضالع.
كما أن المواجهات جاءت بعد شهر واحد من نجاح الشرعية في وقف معارك الحديدة باتفاق السويد الذي قيد قوات الساحل الغربي من تحريك الجبهة لتخفيف الضغط على حجور، ليمكن جمود الجبهات مليشيات الحوثي من التفرغ والقضاء على مقاومة حجور، ثم تعود لاحقاً لهذه الجبهات المتوقفة كما حصل في البيضاء خلال الأيام الماضية.
لم يكن مشهد خذلان حجور من شرعية الاخوان هو الأول ولم يكن الأخير، فقد تكرر ذات المشهد قبل عامين وتحديداً في فبراير 2017م في عُتمة ذمار التي عادت إليها مليشيات الحوثي للانتقام من هزيمتها الأولى امام قبائلها أغسطس 2015م، كما تكرر ذات المشهد بعد عامين وتحديداً في يناير 2021م بانتفاضة عزلة الحيمة بمديرية التعزية بوجه مليشيات الحوثي.
جميعها مع ما حصل في الزاهر هي مشاهد متكررة لمحاولة القبائل الانتفاضة ضد مليشيات الحوثي يتم خذلانها من قبل الشرعية ليس بعدم دعمها وحسب، بل بتعمد وقف جبهاتها ليتفرغ الحوثي لها.