كلما استبدت الحيرة بالبعض ممن عاشوا وهم استمرار البقاء في الحكم بلا دولة ضامنة حقوق الناس، ذهبوا إلى التفتيش عن أسباب الانهيار بعيداً عن هذه الحقيقة التي تقول إن “السلطة” بلا دولة عادلة لا يمكن لها أن تراكم سوى عوامل انهيارها إن عاجلاً أو آجلاً.
ولا يجدون ما يدفعون به توبيخ التاريخ جراء إهمالهم بناء الدولة سوى ما يصرحون به هو أن المشكلة تكمن في أن اليمنيين أتاحوا للحوثي توفير خيمة في ساحة التغيير ليواري سوءته ويعيد بناء نفسه في نطاق وطني أشمل، أو توجيه اللوم للقوى السياسية على أنها شجعته على الحوار من أجل التمسك بقيم المواطنة والعيش المشترك والتخلي عن عصبية التسيد.
عليهم أن ينظروا إلى ما تفعله إيران بالاعراق والقوميات غير الفارسية في الاهواز من قمع واضطهاد وتشريد وتهجير وصل حد تجفيف مياه الأنهار وتجمعات المياه ليعرفوا الفرق، ويدركوا أن اليمن الجديد كان يتشكل بإيقاعات ودوافع الوفاء لمشروعه الوطني ونضال حركته الوطنية، ويحاول أن يغادر مأزق العصبيات والصراعات والحروب إلى رحاب الدولة الوطنية الديمقراطية والمواطنة المتساوية.
وإذا كان الحوثي قد انقلب على هذه القيم وخان ذلك المشروع، فإن المشكلة لا تكمن بالطبع في تلك القيم ولا في ذلك المشروع وإنما فيمن انقلب عليها… لا بد من البحث عنها بعيداً عن هذا الاحتشاد الأهوج لإدانة مشروع التغيير.
يلجأون إلى هذا المسار الهش، بدلاً من القراءة الواقعية لطبيعة الخصم الذي انقلب على المسار السياسي وخان التوافق الوطني، واكتشاف حقيقة ثقافته، وليس عرقه.
ما الذي يميز اليمن عن نظام ايران ووكلائه إذا لم يكن الدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية والتعايش والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك