حديقة الحيوانات في صنعاء تصارع من أجل البقاء وثلاث فصائل نادرة مهددة بالانقراض
تواجه حيوانات اليمن سعير الحرب تماما كالبشر، وهي التي أصبحت مهددة بالانقراض خاصة منها تلك الحيوانات النادرة، ففي حديقة صنعاء تحتاج بعض الإناث ذكورا للتكاثر دون الحصول عليها بسبب الحصار، كما أن الحيوانات البرية تواجه خطر الصيد الجائر.
كشأن البشر المحاصرين بالحرب، تقف حيوانات حديقة صنعاء على حافة الانقراض، بسبب عدم القدرة على استيراد فصائل للتزاوج والتكاثر جراء الحصار.
وتأسست حديقة الحيوان بصنعاء، أهم حدائق الحياة البرية في اليمن، أواخر تسعينات القرن الماضي، وتضم نحو 1650 نوعا من الحيوانات البرية.
كما تعتبر أحد أهم الأماكن الترفيهية في العاصمة اليمنية، والمتنفس الجامع بين التسلية والتعليم لمعظم الأسر اليمنية.
وتسعى حديقة الحيوان بصنعاء جاهدة إلى خلق محمية طبيعية للحياة البرية، أملا في حماية الفصائل النادرة من الانقراض.
وتتوزع الحيوانات بالحديقة على عدة أقسام مختلفة أبرزها الأنواع المفترسة والمحاطة بسياجات حديدية، بجانب الأنواع الأليفة والطيور والقرود والزواحف وغيرها.
وداخل قفص حديدي، تقضي “زعفران” و”زبيدة”، وهما نمرتان عربيتان أصيلتان، أيامهما، في انتظار النهاية، بعد أن فشلت صفقة أبرمتها حديقة صنعاء مع نظيرتها في مدينة تعز، جنوبا، بجلب نمر إلى قفص النمرتين في سبتمبر 2020 للتزاوج الذي لم ينجح في إنقاذ واحدة من أندر الحيوانات في العالم، إذ تم إدراجه على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة ومواردها كونه مهددا بالانقراض منذ عام 1996.
ويتواجد ذكر واحد من الفهد العربي في حديقة حيوان مدينة تعز (جنوب)، بينما تعجز حديقة صنعاء عن توفير ذكر للنمرتين لإتمام عملية التزاوج والتكاثر، ما يهدد فصيلته بالانقراض من اليمن.
الحرب تأتي على الحيوانات
وخارج أسوار الحديقة، التي يبذل القائمون عليها عناية خاصة بالنمر العربي، يتعرض ما بقي من النمور الطليقة، والمقدرة بالعشرات، لعمليات صيد جائر متكررة، تفتك بالجهود الرامية إلى الحفاظ على فصيلة حيوان، والتي منها قرار مجلس الوزراء اليمني رقم 260 لعام 2009 باعتباره الحيوان الوطني لليمن ورمزا للحياة البرية والهوية الوطنية.
ويعيش ما تبقى منه في أجزاء محدودة من اليمن إلى جانب أجزاء أخرى في كل من السعودية وسلطنة عُمان.
وتعجز حديقة صنعاء عن استيراد فصائل من الحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض، بسبب إجراءات الحصار المفروض على البلاد منذ نحو 7 سنوات.
ويقول مدير حديقة الحيوان بصنعاء فؤاد الهرش إن بعض الحيوانات تواجه مخاطر الانقراض بسبب العجز عن استيراد بعض الفصائل أبرزها الفهد العربي والنعام، ما يحول دون إتمام عملية التزاوج والتكاثر.
ويوضح الهرش “هناك أنثيين من الفهود العربية دون ذكر واحد، كما تحتاج الحديقة أيضا إلى 2 من ذكور النعام، لكننا نعجز عن الاستيراد بسبب الحصار ما يهدد تلك الفصائل النادرة بالانقراض”.
ويقول إنهم يأملون في “جلب نمر منتج قابل للتزاوج مع الإناث من أجل التكاثر والحفاظ على هذه السلالة”، مشيرا إلى أن الوضع يتطلب “حماية بيئة الحيوان”، ومنع “ظاهرة اصطياد الحيوانات وخاصة النمور والوعول الجبلية”.
وبالقرب من قفص النمرتين “الحزينتين”، يتحرك ذكر حيوان آخر مميز، رافق اليمنيين عبر تاريخ البلاد الطويل منذ الآلاف من السنين، وأبرزت مكانته العديد من التماثيل والنقوش الأثرية، لكن الصدمة أن الوعل النوبي الذي يتواجد بجوار أعداد أصغر حجما داخل الحديقة، هو الوحيد غير الهجين، بعد أن اضطرت الحديقة لتزويجه بأنثيي ماعز تم جلبهما من سوريا ومصر، ليصبح هناك عدد من الوعول الهجينة إلى جواره.
وبعيدا عن الحديقة، تكاد الفرصة الوحيدة لرؤية وعل، بالنسبة إلى غالبية اليمنيين داخل البلاد، اليوم، تنحصر في رؤيته رسما على النقوش الآثرية أو قتيلا بعمليات صيد تُوصف بالآثمة، تنطلق بعضها من طقوس قديمة يتم الاحتفال خلالها بصيد الوعل أو الغزال، كما لو أنها نوع من البطولة، وهو الحال السائد ببعض مناطق حضرموت وشبوة وسط وشرق البلاد.
وفي مقابل عمليات الصيد، تبرز جهود رسمية تتولاها الجهات البيئية الحكومية والسلطات المحلية وأيضا جهود فردية وأهلية تندد بصيد الفصيلة المعروفة بـ”الوعل النوبي”، والتي انقرضت بالفعل في عدد من الدول العربية خلال القرن الماضي، وباتت هي الأخرى مدرجة في قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض.
وفي حديث خاص لدويتشه فيللة عربية، يؤكد مدير عام الإدارة العامة لصون الطبيعة بالهيئة العامة لحماية البيئة (حكومية) عبدالله ناصر الهندي أن الوضع البيئي بالنسبة إلى الحيوانات المهددة بالانقراض سيء للغاية، ومن ضمنها النمر العربي، الغزال الجبلي، الوعل النوبي، الوشق العربي، والسلاحف البحرية وغيرها من الحيوانات.
أسود هرمة
ويضيف أن هناك أعمال قتل وصيد واتجار وتهريب لهذه الحيوانات، والسبب يعود إلى الوضع الراهن الذي يشهده اليمن، وكذلك تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وزيادة الفقر في المجتمعات المحلية، مشيرا إلى أن الإحصائية التقديرية لعدد الحيوانات المهددة بالانقراض غير متوفرة.
ويوضح الهندي خارطة تواجد الحيوانات المهددة، حيث أن النمور العربية في اليمن تتواجد حاليا في ست محافظات فقط، وهي الضالع، أبين، لحج، المهرة، حجة وعمران، فيما تتواجد الغزلان والوعول في كل من محافظات أبين وشبوة ووادي حضرموت.
وتضم الحديقة 32 من فصيلة الأسود ذكورا وإناثا، ويؤكد الهرش أن معظمها في حالة صحية جيدة، وليست كما ينتشر على منصات التواصل بأنها هزيلة بسبب نقص الغذاء.
ويقول “التغذية التي تقدمها الحديقة للحيوانات لا يزال معدلها مناسبا وكافيا، باستثناء الأسود الطاعنة في السن والتي لم تعد قادرة على تناول الطعام بشكل دوري”.
ويشير إلى أن عدد زوار الحديقة بلغ 269 ألف زائر خلال العام الماضي، فيما يتراوح عدد الزوار يوميا منذ مطلع العام الجاري بين 10 آلاف و45 ألفا خلال العطلات الرسمية والأعياد.
ومنذ عام 2014 باتت الزيارات إلى الحدائق والمتنزهات والمواقع الأثرية قاصرة على سكان المحافظة، بعد أن كانت تستقبل يوميا المئات من الزوار من مختلف أنحاء البلاد.