الحرب وغلاء المعيشة يتربصان بانطلاقة العام الدراسي الجديد في اليمن
انطلق العام الدراسي في اليمن وسط مخاطر تتربص بهذا الموسم يبقى أبرزها الحرب المستمرة وغلاء المعيشة، علاوة على محاولة ميليشيا الحوثي الموالية لإيران تكريس الطائفية في اعتماد المناهج التربوية.
وبدأ العام الدراسي السبت بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فيما ستدشن المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية التعليم لهذا العام الأحد، وسط تزايد الصعوبات التي تعترض اليمنيين لتأمين انطلاقة العام الدراسي.
ويواجه العام الدراسي الجديد تحديات كبيرة أشد من الأعوام السابقة بسبب التدهور الإنساني جراء تراجع العملة المحلية إلى أدنى مستوى لها.
وتجاوز سعر الدولار 1000 ريال يمني في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة، مقابل أقل من 800 ريال للدولار في الفترة المماثلة من العام 2020.
وأدى هذا التراجع للعملة المحلية إلى ارتفاع كبير في الأسعار بما في ذلك المستلزمات الدراسية التي تشمل الحقائب والدفاتر والأقلام، وكذلك رسوم الدراسة خصوصا في المدارس الأهلية.
وفي الثامن من أغسطس الجاري قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن 8.1 ملايين طفل يمني بحاجة إلى مساعدة تعليمية طارئة.
وأضافت عبر تويتر أن “هذه زيادة ضخمة في عدد المحتاجين مقارنة بـ1.1 مليون طفل يمني قبل الحرب”.
وشددت على ضرورة أن تتوقف الحرب حتى يستطيع الأطفال عيش طفولتهم.
واشتكت أم محمد وهي نازحة بمدينة تعز (جنوب غرب) جراء الحرب التي شهدتها قبل سنوات محافظتها الحديدة (غرب)، من تحديات تواجه أولادها خلال العام الدراسي الجديد.
وقالت إن “العام الدراسي يأتي في ظل غلاء فاحش لم نشهده من قبل أبدا”.
وتابعت “لدي خمسة أطفال أريد تسجيلهم في المدارس الحكومية، لكن هناك صعوبات كبيرة في توفير متطلبات الدراسة لهم من دفاتر وأقلام وحقائب”.
وأردفت “ظروف المعيشة الصعبة أجبرتني على طلب حقائب مدرسية مستخدمة من جارتي التي ظروفها المادية جيدة”.
ومضت أم محمد قائلة “نحن هنا نازحون نواجه أوجاع الحرب التي ما زالت مشتعلة في تعز، فيما غلاء الأسعار يعد الهم الذي أشغلنا وأشغل الكثير من العائلات”.
وبدوره يقول المواطن حسين عبدالله “لدي ستة أولاد جميعهم في المرحلة الدراسية من الصف الرابع حتى الثالث الثانوي”.
وأضاف “يأتي هذا العام الدراسي ونحن نكافح بشدة من أجل توفير لقمة العيش لنا ولأولادنا”.
واستطرد “أنا موظف حكومي، وأستلم راتبا شهريا يقارب 50 ألف ريال يمني (نحو 50 دولارا)، وهو لا يفي إلا ببعض متطلبات الأسرة نتيجة الغلاء الكبير”.
واستدرك “هذا الأمر دفعني إلى العمل على دراجة نارية لنقل الركاب من أجل تلبية بقية متطلبات الحياة، بما في ذلك مستلزمات الدراسة لأولادي”.
وأضاف “أصبح سعر الدفتر الواحد (80 صفحة) قرابة 400 ريال يمني، فيما سعر الحقيبة الواحدة قد يتجاوز 6 آلاف ريال، ما يجعل توفير هذه المتطلبات أمرا بالغ الصعوبة”، مشيرا إلى أنه لم يستطع توفير الزي المدرسي لأولاده بسبب الغلاء، ما يجعلهم يذهبون إلى المدرسة بلباس عادي.
ومن جهتها قالت امرأة يمنية فضلت عدم ذكر اسمها، إن العام الدراسي يأتي فيما الهموم تطغى على الكثير من الأسر.
وأفادت “قبل أيام ذهبت لشراء مستلزمات دراسية لأولادي، اشتريت حزمة مكونة من 12 دفترا يحوي كل واحد على 40 صفحة بـ2200 ريال يمني، مقارنة بـ1500 ريال في العام الدراسي الماضي”.
وتابعت “حتى الحقائب المدرسية ارتفع سعرها بشكل كبير، ولا تقدر الكثير من الأسر على شرائها (…) اشتريت حقيبتين الواحدة بـ5 آلاف ريال، مقارنة بـ3500 ريال العام الماضي”.
ولفتت إلى أن الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد أدت أيضا إلى تدهور كبير في الجانب التعليمي، سواء في المدارس الخاصة أو الحكومية.
ويرى مراقبون أن هناك العديد من المخاطر التي تُحدق بانطلاقة الموسم الدراسي، حيث يقول أحمد البحيري رئيس مركز الدراسات والإعلام التربوي (غير حكومي) إن “العام الدراسي الجديد يواجه تحديات على عدة مستويات بينها استمرار الحرب وتدهور العملة الوطنية وعدم توفر ميزانية خاصة بالتعليم”.
وأضاف البحيري أن “هذه الظروف ستؤدي هذا العام إلى عجز الإدارات التعليمية عن توفير الكتاب المدرسي بشكل كاف، وضعف التزاماتها بدفع رواتب المعلمين”.
وتابع “إضافة إلى هذه التحديات هناك تحد يتمثل في استمرار تهديد وباء كورونا في ظل عدم قدرة الجهات الرسمية على توفير اللقاحات الكافية خاصة لمنتسبي التعليم”.
وأوضح “على المستوى الأسري يؤدي تدهور الوضع المعيشي إلى عدم قدرة أولياء الأمور على توفير مستلزمات المدرسة لأبنائهم، فضلا عن عدم قدرتهم على توفير مصاريفهم المدرسية، وهو ما يرفع من احتمالية حرمان الكثير من الأطفال من حقهم في التعليم”.
وشدد على أن العام الدراسي قد يواجه تهديدات من قبل نقابة المعلمين بالإضراب للمطالبة بتحسين المرتبات خصوصا مع التراجع الكبير للعملة.
وقال إن “هناك أيضا تحديات الوضع الأمني الصعب، إضافة إلى تكريس الحوثيين للطائفية من خلال المناهج والأنشطة التعليمية”.
ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على الدعم والمساعدات في أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة.