“التفتيت” و”المناطقية”.. مشاريع الإخوان ضد الجنوب تعري أكاذيبهم “الوحدوية”
بشكل لافت، احتفى إعلام جماعتي الإخوان والحوثي بالبيان الصادر عن الوقفة التي نظمها عشرات المسلحون، عصر الجمعة، شمالي كورنيش الغيظة عاصمة محافظة المهرة “تنديداً باستمرار تواجد قوات الاحتلال” بالمحافظة.
وبحسب البيان، فإن قوات الاحتلال هذه، تعود لأربع دول هي السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا، مطالباً “مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بالضغط على هذه الدول لسحب قواتها من المهرة”.
احتفاء إعلام الإخوان والحوثي بالبيان، جاء لمضامين النقاط الـ12 والتي تتطابق مع خطاب الجماعتين بوصف تواجد قوات التحالف بأنها قوات احتلال، والتأكيد على وجود قوات بريطانية وأمريكية والدعوة إلى مقاومتها وطردها.
ترى الجماعتان في هذه التحركات المسلحة المناوئة لتواجد التحالف والوقوف خلفها إعلامياً وسياسياً وحتى تنظيمياً بالتحشيد والتنظيم –بالنسبة للإخوان-، تعزيزاً للمواجهة مع التحالف وتوافقاً مع الصديق المشترك للطرفين المتمثل بالنظام العُماني الذي ينظر إلى المهرة باعتبارها حديقة خلفية لا يجوز لأحد غيره التواجد فيها.
كما أن جماعتي الإخوان والحوثي ترى بأن تبني هذا النشاط المعادي للتحالف في المهرة، يعزز من صورتهما كمدافعين عن “السيادة اليمنية”، كما تروج له الآلة الإعلامية للطرفين.
وإلى جوار ذلك تضيف جماعة الإخوان لهذا التبني بعداً آخر، بإظهار أن هذه التحركات المسلحة تمثل ورقة قوية “وحدوية” بوجه “مشاريع التفتيت والانفصال” الذي يمثله المجلس الانتقالي الجنوبي كما ترى الجماعة، وكان لافتاً تركيز إعلامها بالإشارة إلى أن المحتجين “رفعوا أعلام الجمهورية اليمنية”.
الا أن إعلام الإخوان تغافل الإشارة إلى الأعلام التي كانت تزاحم علم الجمهورية وهو علم “السلطنة المهرية” التي كانت قائمة قبل توحيد الجنوب عام 1967م وبات يرفعه الحراك المسلح ضد التحالف والكيانات الإخوانية التي تقف خلف هذا الحراك.
وهو ما طرحه بشكل واضح محمد آل عفرار الذي دعمته جماعة الإخوان لشق المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى وهو من أقوى الكيانات الجماهيرية والموالية للمجلس الانتقالي، وتنصيبه على رأسه في كيان مفرخ أواخر العام الماضي.
حيث قال الرجل في خطاب تنصيبه يومها بأن أولويات المجلس في هذه المرحلة هي طرد الاحتلال (في إشارة إلى تواجد القوات السعودية) والحفاظ على سيادة المهرة وفقاً لحدود 1967.
حديث الرجل كشف بشكل واضح عن خيارات الإخوان البديلة في حالة فشلها بفرض سيطرتها على المحافظة تحت لافتة السيادة والوحدة، وهو التلويح بإحياء النزعة الانفصالية بين أبناء المهرة وتذكيرهم بماضي سلطنتهم القديم.
وعلى ما يبدو فإن هذا الخيار الإخواني لا يتعلق بالمهرة فقط، بل بالجنوب بشكل عام، واعتماده كخيار بديل إذا فشلت محاولات فرض السيطرة والهيمنة على الجنوب باسم “الوحدة”، فإن دفعه نحو التقسيم والتشظي سيكون خياراً لمنع فقدان السيطرة الكاملة عليه لصالح الانتقالي.
ويبدو هذا واضحاً من خلال تبني إعلام الإخوان للأصوات التي تتحدث عن “الهوية الحضرمية” وإلى “استقلال” حضرموت كدولة منفصلة عن الشمال وعن الجنوب، والحديث عن مظلومية حضرموت وإقصائها.
ولا يقف الأمر عند مشاريع “التفتيت” السياسي عبر إحياء الماضي، بل تظهر الجماعة حماساً نحو تفخيخ الجنوب بالصراع المناطقي والقبلي ولصقه بأي حادثة جنائية، كما بدا ذلك بوضوح في الأحداث التي شهدتها محافظة لحج مؤخراً بين قوات العمالقة ومسلحين من قبيلة الأغبرة.
ورغم مأساوية الأحداث بتصفية جريحين من قوات العمالقة على يد مسلحين من القبيلة، إلا أن تفاصيلها لا تخرجها عن السياق الجنائي المرتبط بقضية مقتل مسلحين من أبناء القبيلة داخل أحد أسواق المخا، لكن السياق “الإخواني” للحادثة كان مختلفاً بتصويرها بأنها انتقام من الصبيحة ضد يافع.
تدرك جماعة الإخوان صعوبة وربما استحالة عودة سيطرتها على الجنوب بوجود حامل سياسي وعسكري قوي للقضية الجنوبية ممثلاً بالمجلس الانتقالي، وأن التجييش لغزو الجنوب باسم الوحدة بات من الماضي، لذا فهي ترى أن إحياء هذا الماضي هو ورقتها الأخيرة لإضعاف قواه واختراق صفوف أبنائه.