اخبار الشرعيهاخبار المقاومةالرئيسيةالمجلس الانتقالي الجنوبيتعزتقاريرشبوةعدنمحليات

إنقاذ اتفاق الرياض.. حتى لا يتحول الحل إلى أزمة (تحديات كثيرة ومخاوف من عودة الحرب ومادور طارق صالح؟)

مركز العربية السعيدة للدراسات– نائف حسان:


ملخص تنفيذي

تتناول هذه الورقة أبعاد ومخاطر عدم تنفيذ اتفاق الرياض، الذي تم توقيعه في 5 نوفمبر 2019، بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والمجلس الانتقالي الجنوبي.جرى توقيع الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض، برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، لإيقاف القتال بين قوات الحكومة والمجلس الانتقالي، بهدف توحيد القوى اليمنية لمواجهة جماعة الحوثي، التي اجتاحت العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، ثم تمكنت من السيطرة على كثير من المناطق والمحافظات اليمنية.ورغم الجهود المعلنة وغير المعلنة، فشلت السعودية في تنفيذ الاتفاق، ما زاد من ضعف الحكومة اليمنية، وبقية حلفائها المحليين، لصالح جماعة الحوثي. وأدى الأمر، وسيؤدي، إلى إطالة الحرب في اليمن، وبقاء الحوثيين كجماعة هيمنة وحيدة متماسكة.باندلاع الصراع مع “الانتقالي” افتقدت الحكومة اليمنية لمركز إداري مستقل للعمل فيه من على الأرض داخل اليمن؛ بعد أن سيطرت قوات “الانتقالي”، في أغسطس 2019، على مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وطردت الحكومة منها.هذه الورقة ستقدم لمحة موجزة عن التحديات التي تواجه تنفيذ اتفاق الرياض، وستسلط الضوء على آخر التطورات الميدانية المتعلقة بالصراع بين طرفيه، لمعرفة حقيقة التحديات والمخاطر المترتبة على عدم تنفيذ هذا الاتفاق. وفي السياق، سيتم تحليل تلك التحديات والمخاطر، وتقديم توصيات ومقترحات واقعية يمكن الاسترشاد بها للتعامل مع الأزمة والخروج منها بأقل الخسائر الممكنة.

ستتناول الورقة طبيعة اتفاق الرياض، ودلائل ونتائج فشله أو نجاحه، وأسباب يأس اليمنيين من فاعليته وعدم ثقتهم به، وبالضرورة النتائج المترتبة على السعودية جراء فشلها في تنفيذ الاتفاق.ستتطرق الورقة إلى نقاط وجوانب الاتفاق التي أثارت مخاوف لدى اليمنيين، والآثار العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة عن الفشل في تنفيذه. بالإضافة إلى أهم التطورات العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية التي تلت توقيع اتفاق الرياض وارتبطت به. وسنرى كيف أثّرت هذه التطورات على تنفيذ الاتفاق. كما ستتناول الورقة أدوار الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين، سلباً وإيجاباً، في التأثير على الاتفاق.هذه الورقة هي جزء من “مشروع اتفاق الرياض”، الذي ينفذه مركز العربية السعيدة للدراسات، بهدف فهم الأسباب التي حالت دون تنفيذ الاتفاق، وتقديم توصيات استرشادية واقعية للأطراف المعنية، للدفع نحو تنفيذ الاتفاق. وسيتضمن هذا المشروع أوراق سياسات أخرى سيتم نشرها تباعاً.


أهمية الورقة

تأتي أهمية هذه الورقة من استمرار طرفي الصراع في التحشيد العسكري، وتوسع رقعة المواجهات بينهما في محافظة أبين، مع احتمال تفجر جبهة جديدة بينهما داخل مناطق قبائل الصَبِّيْحَة([1])، التابعة لمحافظة لحج([2])، القريبة من مدينة عدن؛ ما سيلقي بآثار سلبية كثيرة ستضفي مزيداً من الضعف على الحكومة اليمنية والقوى المحلية المناهضة لجماعة الحوثي.كذلك، تنبع أهمية هذه الورقة من تواصل التدهور الاقتصادي في اليمن، ويظهر ذلك في استمرار انهيار العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وزيادة معدلات الجوع في البلاد، حيث صار 70% من السكان، البالغين 30 مليوناً، يواجهون خطر المجاعة([3]). وسبق للأمم المتحدة أن قالت إن اليمن تشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم بسبب الحرب([4]).وتؤكد التقارير ارتفاع التوتر في جنوب اليمن، مع غياب شبه كامل للخدمات، واستمرار الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، وانتشار النفايات والخوف في مدينة عدن([5]).


مقدمة

مرَّ نحو 11 شهراً على توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي، إلا أنه لم يتم حتى اليوم تنفيذ هذا الاتفاق. ترافق ذلك مع استمرار التوتر العسكري والسياسي والإعلامي بين طرفي الاتفاق؛ على خطوط التماس الميدانية، وفي تصريحات السياسيين، وأداء وسائل الإعلام التابعة لهما، ومواقف ناشطيهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

تفجرت المواجهات بين الجانبين، في 7 أغسطس 2019، داخل مدينة عدن، وانتهت، بعد أربعة أيام، بسيطرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي على العاصمة المؤقتة للبلاد، وعلى قصر مَعَاشِيق الرئاسي الواقع فيها. بعد ذلك، دخلت قوات “الانتقالي”، بسهولة، مدينة زُنْجُبَار (60 كم شرق عدن)، وسيطرت على محافظة أبين([6]). حينها، وصل “الانتقالي” إلى ذروة توسعه، إذ كان يسيطر على خمس من أصل سبع محافظات جنوبية([7]) يزعم تمثيلها. بيد أن ربيع “الانتقالي” سرعان ما تحول إلى خريف.في 21 أغسطس ذاته، اندلعت المواجهات بين الطرفين في مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة([8])، وانتهت تلك المواجهات بسيطرة القوات الحكومية على المدينة وبقية المديريات التابعة لهذه المحافظة النفطية الهامة. تقدمت القوات الحكومية، بعدها، نحو محافظة أبين وتمكنت، بسهولة، من استعادة السيطرة على مركزها، ثم توجهت نحو عدن بهدف استعادة السيطرة عليها. وعندما وصلت هذه القوات إلى منطقة “العَلَمْ”، البوابة الغربية لمدينة عدن، تعرضت، في 29 أغسطس، للقصف، وأُجبِرت على الانسحاب والعودة إلى مدينة شَقْرة الساحلية، التابعة لمحافظة أبين، والواقعة شرق “زُنْجُبَار” على بعد نحو 20 كم باتجاه شبوة.مذاك، نشأت خطوط تماس قتالية بين الجانبين، في المناطق الواقعة بين “شُقْرَة”، وقرية الشيخ سالم، التي تبعد بنحو سبعة كم شرق مدينة زُنْجُبَار. ومن حينها، شهدت هذه الجبهة مواجهات دامية أدت إلى سقوط مئات القتلى والجرحى من الجانبين([9]). تواصلت المواجهات حتى بعد توقيع اتفاق الرياض، وفي ظل وجود وساطة عسكرية سعودية على الأرض، وهي وساطة فشلت في الفصل بين القوات وتنفيذ الشق العسكري من الاتفاق؛ وإعادة نشر القوات من مناطق المواجهات إلى مناطق أخرى([10])، وإخراج قوات “الانتقالي” من عدن([11]).ومع أن المواجهات متوقفة الآن في أبين، إلا أن التوتر العسكري لايزال مستمراً فيها بشكل عالٍ بين الجانبين، وزاد هذا التوتر بعد أن تفجرت المواجهات بينهما في مدينة لودر، ثالث أكبر مدن المحافظة([12])؛ إذ سيطرت القوات الحكومية على هذه المدينة، وقال “الانتقالي” إن قواته “لن تقف مكتوفة الأيدي” حيال ذلك([13]).

وتلوح في الأفق جبهة مواجهات جديدة قد تتفجر بين الجانبين في أي وقت؛ في مناطق قبائل الصَبِّيحَة، الواقعة على الحدود الشطرية السابقة مع الشمال، وتحديداً مع محافظة تعز([14])، التي تسيطر على أجزاء كبيرة منها القوات التابعة والموالية لحزب التجمع اليمني للإصلاح، الذراع السياسي والعسكري لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن([15])، التي تلعب دوراً رئيسياً فاعلاً في قتال قوات “الانتقالي” في أبين.


جبهة جديدة محتملة للقتال

كان اللواء 35 مدرع، بقيادة عميد ركن عدنان الحمادي، أول من قاتل جماعة الحوثي في محافظة تعز، في أبريل 2015([16]). وكان الحمادي شخصية مستقلة يتمتع بعلاقات جيدة مع الجنوب، بما في ذلك المجلس الانتقالي، ومع جميع القوى السياسية في تعز، باستثناء حزب الإصلاح([17])، ومحور تعز العسكري الذي يدين بالولاء لهذا الحزب.في 22 أغسطس 2020، سيطر المسلحون التابعون لحزب الإصلاح، والقوات الموالية له، بالقوة، على مقر اللواء 35 مدرع([18])، والمسرح العملياتي الذي كانت تنتشر فيه قوات هذا اللواء: أغلب مناطق مديريات الحُجَرِيِّة([19])؛ الريف الغربي لمحافظة تعز. نَشَرَ حزب الإصلاح قواته على الجبال المطلة على الجنوب والساحل الغربي([20]). وبذلك، صارت هناك خطوط تماس قتالية محتملة لمقاتلي جماعة الإخوان المسلمين مع خصومهم الرئيسيين: مقاتلي المجلس الانتقالي، وقوات طارق صالح.بعد أن سيطر حزب الإصلاح على الريف الجنوبي لتعز، سعى، كما يقول خصومه ويؤكد ذلك بتحركاته، إلى “تشكيل قوة عسكرية تابعة له في مديرية طور الباحة”، و”شَرَعَ في تجنيد أبناء قبائل الصَبِّيحة للانضمام” إلى تلك القوات([21]).عملياً، كان هناك حضور عسكري لقوات “الإصلاح” في “الصَبِّيحة”، تحت غطاء حكومي رسمي، تمثّل في اللواء الرابع مشاة جبلي، الذي ظهر فجأة، عام 2017، في مديرية المقاطرة، الملتصقة مباشرة بمديرية طور الباحة؛ مركز “الصَبِّيحة”. تأسس هذا اللواء دون صدور قرار جمهوري يقضي بذلك، وأُسنِدت قيادته لـ”صُبيحِي” يدعى أبوبكر الجبولي، وهو “إخواني” معروف كان يعمل مدَرِّساً تربوياً ومراسلاً للصحيفة الناطقة باسم “الإخوان”؛ “الصحوة”.نهاية أكتوبر 2020، بدأ الإعلام التابع لـ”الإصلاح” الحديث عن “محور طور الباحة العسكري”، بقيادة “الجبولي”، دون صدور أي قرار جمهوري يقضي بتشكيل وإنشاء هذا المحور العسكري([22]). مع ذلك، نَشَرَ الموقع الرسمي لوزارة الدفاع اليمنية، مطلع فبراير 2021، خبراً قال فيه إن “اللواء أبو بكر الجبولي، قائد محور طور الباحة، دشن العام التدريبي الجديد بمعسكر الكمب في مديرية طور الباحة”([23]). خصوم “الإصلاح” يعتبرون ذلك من الأدلة التي تؤكد سيطرة “الإخوان” على قرار الحكومة اليمنية. محمد النقيب، المتحدث الرسمي باسم قوات المجلس الانتقالي، قال إن تشكيل محور طور الباحة العسكري “غير شرعي”، وأكد “عدم صدور أي قرار عسكري بإنشاء محور طور الباحة الإخواني، ومثله اللواء الرابع مشاة”، واعتبر أن الهدف من ذلك هو إفشال اتفاق الرياض([24]).حيال التحشيد العسكري في “طور الباحة”، وعلى الحدود الشطرية السابقة معها، زاد اهتمام “الانتقالي” بـ”الصَبِّيحة”، وعقد لقاءات عدة مع قيادات منهم؛ تارة “لتعزيز وحدة الصف الجنوبي”([25])، وأخرى “لبحث الأوضاع العسكرية في مناطق التماس” مع تعز، و”مستجدات الأوضاع العسكرية في مناطق الحجرية”([26]). وفي 25  أغسطس 2020، قال الشيخ علي التتوي، قائد المقاومة الجنوبية في المناطق الحدودية في “الصَبِّيحة”، في لقائه برئيس القيادة المحلية للمجلس الانتقالي في لحج، إن “الحشد الشعبي، التابع لحزب الإصلاح الإخواني، يحاول تفجير الأوضاع واستهداف المقاومة الجنوبية عسكرياً” في “الصَبِّيحة”([27]).رئيس “الانتقالي” في لحج، المحامي رمزي الشعيبي، زار، في 20 فبراير 2020، “الخطوط الأمامية بجبهتي حيفان وعيريم في الصبيحة”، للاطلاع على جاهزية قوات “الانتقالي”، “رافعاً من معنويات الجنود المرابطين، وشاحذاً بهم الهمم”؛ كما جاء في الموقع الرسمي التابع لـ”الانتقالي” في الإنترنت. واستُقبِل هناك “بعرض عسكري مهيب” في معسكر اللواء الرابع حزم، وأبلغ المقاتلين “تحايا” عيدروس الزُبِيدي، و”أكد بأنه وقواته سيكونون سداً منيعاً ضد أي هجوم لأي عدو حوثي أو إخواني تسول له نفسه التقدم صوب المناطق الجنوبية”([28]).ويوم 26 يونيو 2021، ترأس عيدروس الزُبِيدي، اجتماعاً عسكرياً وأمنياً لـ”الانتقالي” في عدن، “للوقوف أمام التحشيدات الإخوانية في أبين والمواجهات ضد المليشيات الحوثية في الضالع”.

وقال الموقع الرسمي لـ”الانتقالي” على الإنترنت إن “الاجتماع وقف أمام عملية التحشيد العسكري التي تقوم بها ميليشيا الإخوان في كلٍّ من شقرة والصبيحة، ومدى استعداد القوات المسلحة الجنوبية لمواجهة هذه الحشود والتشكيلات العسكرية الإخوانية، والتنظيمات الإرهابية”([29]).وفي 13 مايو الماضي، زار “الزُبِيدي” معسكر اللواء التاسع صاعقة التابع لقواته والمتمركز في “الصَبِّيحة”. يومها، “الزُبِيدي” زار “عدداً من المواقع والنقاط العسكرية الممتدة على طول خط الصبيحة ورأس عمران”، في الساحل الغربي([30]). ويوم 31 من ذات الشهر، التقى “الزُبِيدي” بوجهاء وأعيان “الصَبِّيحة”، وقال إن “الصبيحة بكامل امتدادها الجغرافي، ستظل سياجاً منيعاً تنتحر على صلابته كل المؤامرات والأطماع التي تستهدف الجنوب وأمنه واستقراره”([31]).وخلال الفترة الماضية، عَمِلَ “الانتقالي” على تعزيز قواته المنتشرة في “الصَبِّيحة”، على المناطق المحادة لتعز([32])، لمواجهة أي هجوم “إخواني” محتمل، حسب قول قائد عسكري تابع لـ”الانتقالي”([33]).وضمن التداعيات، نَشَرَ موقع “العين الإخبارية” الإماراتي، في 7 فبراير الماضي، تقريراً بعنوان “إخوان اليمن يحشدون على أبواب عدن.. منصات صواريخ و”درونز” تركية”، بهدف “اجتياح الجنوب والساحل الغربي”. وطالب الموقع، على لسان محلل عسكري يمني، من الحكومة “الضغط على حزب الإصلاح للالتزام ببنود اتفاق الرياض، ووقف التهديد، ومنع الحشود على أطراف محافظة لحج والصبيحة، قرب باب المندب ومديرية طور الباحة، وأبين الشرقية من “قرن الكلاسي” و”شقرة” حتى “أحور” و”المحفد” بمحافظة أبين”([34]).

موقع “نيوز يمن”، المحسوب على قوات طارق صالح، قال إن تشكيل محور طور الباحة العسكري هو مقدمة لتوغل “الإخوان” في “الصَبِّيحة”، ثم السيطرة على باب المندب([35]). أما موقع قناة “سكاي نيوز عربية” الإماراتية، فقد نشر تقريراً جاء فيه، نقلاً عن مصدر عسكري يمني لم يسمه، إن “قطر تستقطب مرتزقة ومتطرفين مقابل مبالغ ضخمة، بهدف تشكيل قوات عسكرية موازية في اليمن، سعياً نحو تفعيل أجندتها الخبيثة مع تركيا بمؤامرة إخوانية، في الجنوب وباب المندب”([36]).


جوهر الخلاف حول الاتفاق

بعد توقيع اتفاق الرياض مباشرة، بدأ الخلاف حول تنفيذه([37]). نشأ الخلاف منذ البداية حول ما يجب البدء بتنفيذه أولاً: الرئيس هادي، وشريكه الرئيسي في “السلطة” (حزب الإصلاح)، اشترطا البدء بتنفيذ الترتيبات العسكرية([38]) والأمنية([39]) من الاتفاق، فيما طالب “الانتقالي” البدء بتنفيذ الشق السياسي أولاً؛ تنفيذ الاتفاق بشكل تسلسلي. وإلى الآن لايزال الخلاف قائماً حول هذا الأمر؛ وهو خلاف مفصلي حال دون تنفيذ غالبية بنود الاتفاق. وبعد أشهر من المفاوضات والتعطيل، جرى التوافق على أن يتم تنفيذ الاتفاق بشكل متزامن. لكن ذلك لم يتم. وشكَّلت السعودية لجنة عسكرية وصلت إلى عدن وأبين بهدف إعادة نشر القوات في مناطق المواجهات، وإخراج قوات “الانتقالي” من العاصمة المؤقتة، إلا أن اللجنة فشلت في مهمتها، رغم الإعلان، في 11 ديسمبر الماضي، عن نقل عددٍ من الألوية العسكرية من مناطق التماس، بإشراف سعودي([40]).بلغت الأزمة ذروتها حين أعلن المجلس الانتقالي، مساء 25 أبريل 2020، حالة الطوارئ في عدن ومناطق سيطرته، وتوليه مهمة “الإدارة الذاتية للجنوب”([41]). الحكومة اعتبرت ذلك “تمرداً واضحاً على الشرعية، وانقلاباً صريحاً على اتفاق الرياض، واستكمالاً للتمرد المسلح على الدولة”. قوبل قرار “الانتقالي” برفض محلي وإقليمي ودولي([42])، وفي 28 يوليو 2020، أُجبِرَ على التراجع عنه: أَعلن تخليه عن “الإدارة الذاتية للجنوب، لإتاحة للتحالف العربي تطبيق اتفاق الرياض”([43]). تم ذلك بعد أن قدمت السعودية آلية لتسريع تنفيذ الاتفاق. وصباح اليوم التالي، “بدأ سريان تنفيذ الآلية لتطبيق الاتفاق بعد إصدار الرئيس هادي قرارات جمهورية قضت بتعيين محافظ ومدير لأمن محافظة عدن، وتكليف رئيس الحكومة الحالية معين عبد الملك تشكيل حكومة جديدة([44]). مع ذلك، لم يتم حتى اليوم استكمال تنفيذ الاتفاق؛ رغم الدور الإيجابي الذي لعبه الفاعلون الإقليميون والدوليون الرئيسيون([45]).لقد “اقتصر تنفيذ اتفاق الرياض على إيقاف المواجهات المسلحة وتجميدها، وإلغاء الإدارة الذاتية، ثم تبع ذلك تعيين محافظ ومدير لأمن عدن، وأخيراً تشكيل الحكومة.. ”وزادت الأمور سوءاً وتطورت إلى اقتحام القصر الرئاسي في عدن (مَعَاشِيق)، يوم 16 مارس 2021، من قبل محتجين قِيل إن “الانتقالي” دفعهم نحو ذلك([46]). ولم يكن أمام السعودية غير دعوة طرفي الاتفاق إلى “الاستجابة العاجلة لما تم التوافق عليه، ونبذ الخلافات، والعمل بالآلية المتوافق عليها”([47]).تؤكد المعلومات أن السعودية مارست ضغوطاً شديدة لإجبار الطرفين على توقيع الاتفاق، ثم القبول بآلية تنفيذه من قبلها. لكن تلك الضغوط لم تنهِ الأزمة.نَصَّ الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات سياسية، “مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً من توقيع هذا الاتفاق” (5 نوفمبر 2019). لكن الإعلان عن تشكيل الحكومة تم بعد قرابة 13 شهراً ونصف من المفاوضات؛ أُعلن عن تشكيلها في 18 ديسمبر 2020. وإلى الخلاف الرئيسي حول ما يجب البدء تنفيذه أولاً، نشأت خلافات حول توزيع حصص المقاعد الوزارية، لا سيما السيادية منها.البند الثاني من الملحق الأول من الاتفاق، نَصَّ على أن “يباشر رئيس وزراء الحكومة الحالية عمله في العاصمة المؤقتة عدن خلال مدة لا تتجاوز 7 أيام من تاريخ توقيع الاتفاق”، وذلك لم يتم، وحتى اليوم لاتزال الحكومة تمارس عملها من الرياض.لم يتم تعيين محافظ ومدير لأمن عدن خلال الفترة التي حددها الاتفاق([48]). وحتى اليوم لم يتم تعيين محافظين لبقية المحافظات الجنوبية([49]).


تبادل الاتهامات

تبادل طرفا الاتفاق الاتهامات بشأن عرقلة تنفيذه. تَبادُل الاتهامات مستمر، بالتزامن مع استمرار التحشيدات العسكرية وتدهور الأوضاع اقتصادياً وأمنياً وسياسياً. يقول “الانتقالي” إن حزب الإصلاح يسيطر على الحكومة اليمنية، ويدعم الجماعات الإرهابية، ويعمل على استمرار “احتلال الشمال للجنوب”. “الانتقالي”، هاجم الرئيس عبدربه منصور هادي واعتبره مجرد “دمية” في “يد الإرهابيين”، “في إشارة إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح، حليف هادي في الحكم”([50]).اختزال الصراع في بُعد جهوي (العمل على استمرار فرض “احتلال الشمال للجنوب”) هو قول غير منطقي ويفتقد للدقة، ذلك أن الصراع في طبيعته هو صراع سياسي تتداخل فيه عوامل كثيرة منها إرث متراكم من الصراعات الجنوبية- الجنوبية، والجنوبية- الشمالية.الصراعات في الجنوب، واليمن بشكل عام، لم تتحول إلى تاريخ، ولاتزال تلعب دوراً فاعلاً في الحاضر السياسي والاجتماعي للبلاد. يؤكد ذلك اصطفاف أبين وشبوة في الصراع الحالي ضد الضالع وردفان ويافع؛ وهو الاصطفاف ذاته الذي كان في يناير عام 1986([51])، مع بعض الاختلافات: التعبيرات السياسية المنتمية لتعز والمناطق الوسطى كانت تقف، عام 1986، مع الضالع وردفان، فيما صار كثير منها يقف اليوم مع أبين وشبوة؛ بسبب تمسُّك هذا الطرف بوحدة اليمن، وبسبب الممارسات العنصرية التي قام بها “الانتقالي” ضد المنتمين للمحافظات الشمالية القاطنين والعاملين في عدن والمحافظات الجنوبية، وحتى المارين فيها. والملاحظ أن ما تبقى من نظام علي عبدالله صالح (القادة العسكريين والقبليين والدينيين ممثلين بعلي محسن الأحمر وحزب الإصلاح) يقفون اليوم في الخندق ذاته مع حلفائهم القدامى: أبين وشبوة.الصراع يأخذ حالياً بعداً مناطقياً جهوياً على مستويين؛ الأول بين أبين وشبوة من جهة، والضالع وردفان ويافع من جهة ثانية، والثاني بين الشمال والجنوب محمولاً بنبرة عنصرية مقيتة. والحقيقة أن الصراع، وهو صراع سياسي، وفي جانب منه اقتصادي (يظهر في الموقف العدائي- العنصري الذي يُبديه المنتمون إلى يافع ضد المنتمين إلى تعز)، لهذا يجب إبعاد النبرة الجهوية- العنصرية منه. “الانتقالي” يستخدم الجنوب كشعار لتحشيد الجنوبيين خلفه، والرئيس هادي، وحلفاؤه العسكريون والسياسيون والقَبَلِيِّون المنتمون إلى الشمال، يستخدمون “الوحدة” كشعار لتحشيد الشمال خلفهم.هناك أمور كثيرة تؤكد سيطرة جناح علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح على الحكومة اليمنية، والدفع نحو إفشال اتفاق الرياض. خصوم هذا الجناح يتهمونه بـ”المراوغة”، وعدم تنفيذ الاتفاق([52]). في المقابل، هناك أمور كثيرة تؤكد عدم التزام “الانتقالي” بتنفيذ الاتفاق. أبسط مثال يظهر في التالي: التزم “الانتقالي” بضمان “حقوق المواطنة الكاملة لكل أبناء الشعب اليمني ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي”، إلا أنه مستمر في التعامل العنصري العدواني مع المنتمين للمحافظات الشمالية، لا سيما ضد المنتمين إلى محافظة تعز.في 29 مايو 2021، أصدر عيدروس الزُبِيدي، رئيس “الانتقالي”، قراراً قضى بتكليف شلال علي شائع كقائد لما سماها بـ”وحدات مكافحة الإرهاب”([53]). ويوم 25 يونيو الفائت، أصدر “الزُبِيدي”، “قراراً بشأن تعيين قيادة لقوات الحزام الأمني وعملها ضمن وزارة الداخلية”([54]). وفي ذات اليوم، أصدر “الزُبِيدي” قراراً ثانياً “بشأن تعيين قيادة لألوية الإسناد والدعم وضمها للقوات البرية الجنوبية”([55]).وبسبب تصاعد الأزمة مجدداً، استدعت السعودية، يونيو، ممثلي طرفي الاتفاق إلى المملكة، “لحل الخلافات التي تعيق تنفيذ صفقة تقاسم السلطة”. وفي 2 يوليو، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً تضمن موقفاً أدان قرارات التعينات العسكرية والأمنية التي أصدرها “الانتقالي”، وقال إن تلك القرارات “لا تتسق مع ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين”([56]). رداً على ذلك، قال رئيس دائرة العلاقات الخارجية في المجلس الانتقالي في أوروبا، أحمد بن فريد، في “تغريدة” له على “تويتر”: “التعيينات الأخيرة التي أجراها المجلس الانتقالي في بنيته تعتبر شأناً داخلياً يخصه ولا تتعارض مع اتفاق الرياض”. لم يكتفِ “الانتقالي” بذلك الرد، فأصدر بلاغاً رسمياً دافع فيه عن التعينات التي أجراها([57]). قال “الانتقالي” إنه “يسعى جاهداً لتنفيذ اتفاق الرياض رغم العراقيل” التي اتهم الحكومة بالاستمرار في افتعالها “لمحاولة إفشال جهود ومساعي الأشقاء في المملكة العربية السعودية”([58]). رغم ذلك، أصدر “الزُبِيدي”، في 5 يوليو المنصرم، قرارات عسكرية وأمنية أخرى([59]).أزمة قرارات أخرى حدثت بين الجانبين؛ ففي 15 يناير الماضي، أصدر الرئيس هادي قرارات جمهورية أثارت غضب “الانتقالي”؛ أهمها تعيين الدكتور أحمد الموساي نائباً عاماً للجمهورية([60])، وتعيين الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيساً لمجلس الشورى، وعبدالله محمد أبو الغيث نائباً، والمهندس وحي جعفر أمان نائباً أيضاً لرئيس مجلس الشورى، وتعيين مطيع دماج أميناً عاماً لرئاسة مجلس الوزراء([61]). أدان “الانتقالي” هذه القرارات، وقال إنها صدرت بشكل أحادي، بهدف “تعطيل عملية استكمال تنفيذ اتفاق الرياض وإرباك المشهد وإفشال عمل حكومة المناصفة بين الجنوب والشمال المنبثقة عن الاتفاق”([62]).

ما الذي يحدث اليوم:

لاتزال التحشيدات العسكرية مستمرة من الطرفين في محافظتي أبين وشبوة، وفي “الصَبِّيحة”، محافظة لحج، والمناطق المتاخمة لها من تعز([63]). كما لاتزال عمليات القمع الأمنية متواصلة بين الطرفين في محافظتي عدن وشبوة. كذلك، الحملات الإعلامية مستمرة بين الجانبين، رغم التزامهما بإيقافها.


مخاوف اليمنيين

أثار اتفاق الرياض آمالاً ومخاوف لدى أغلب اليمنيين. تمثلت الآمال في أن الاتفاق قد يؤدي إلى “احتواء النزعات الانفصالية” في الجنوب، وإنهاء حالة الانقسام والتشرذم الحاصلة في القوى المناوئة لجماعة الحوثي، وتوحيد الجهود لمواجهة الأخيرة، فيما تمثلت المخاوف في أن يؤدي الاتفاق إلى “شرعنة” المجلس الانتقالي، ومنحه اعترافاً إقليمياً ودولياً، وتكريسه كممثل وحيد للجنوب. الفشل في تنفيذ الاتفاق زاد من هذا المخاوف، وقضى على الأمل العام بتجاوز الأزمة. الفشل أدى إلى انعدام ثقة اليمنيين بالاتفاق، وبأيّ فاعلية ممكنة للدور السعودي في اليمن.بشكل عام، لا يثق اليمنيون بالسعودية؛ بسبب إرث طويل من الصراع والاحتكاكات. أمور كثيرة ضاعفت من عدم الثقة هذه؛ فالسعودية أكدت مراراً أنها لا تملك رؤية وأدوات فاعلة للتعامل مع المشكلات وحسم الحرب في اليمن، رغم حسن النوايا التي تُبديها. ويظهر ذلك في الدعوات التي أطلقها ويطلقها ناشطو حزب الإصلاح، ومسؤولون مرتبطون به، لتدخل تركي- قطري في اليمن، بديلاً عن التدخل السعودي- الإماراتي.السعودية لا تتحمل وحدها مسؤولية الفشل في تنفيذ اتفاق الرياض، والفشل في حسم الحرب مع جماعة الحوثي. الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية هذا الفشل متعدد الاتجاهات والمستويات. الحكومة لم تضبط طبيعة علاقتها بـ”التحالف العربي”، وهي مثقلة بالفساد وبقيادات شائخة وانتهازية، وواقعة تحت تأثير طرف سياسي وعسكري يُغَلِّب مصالحه الخاصة على المصلحة الوطنية.الاتفاق يستجيب لعوامل إيقاف الصراع وإحلال السلام، ويلبي التطلعات والاحتياجات المرحلية الحالية لليمنيين، إلا أن الفشل في تنفيذه حال دون تحقيق ذلك.


الفرص والتحديات والمخاطر:

يمكن أن يؤدي تنفيذ اتفاق الرياض إلى تمكين الحكومة اليمنية من “تجاوز عقبة تعدد الأزمات”، وتعزيز نفوذها، و”إنهاء “حالة” حكومة المهجر”، و”احتواء الدعوات الانفصالية”. وفي حال النجاح في تنفيذه، كان يمكن أن يصبح الاتفاق قابلاً للتعميم في مناطق أخرى([64]).إذا ما تم النجاح في تنفيذ الاتفاق، فسيؤدي، أو هكذا يفترض، إلى “تنظيم الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية التي شهدت تدهوراً خلال فترة الصراع” بين الحكومة و”الانتقالي”. إضافة إلى ضبط الأمن في عدن والمحافظات الجنوبية، ووقف التدهور الاقتصادي فيها وفي المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وصرف مرتبات الموظفين.إن النجاح في تنفيذ الاتفاق سيؤدي إلى ضبط العلاقة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، وتهيئة الظروف الملائمة لإدماج الأخير في بنية الحكومة، للعمل تحت سقفها، وتأجيل مطالبه بانفصال الجنوب.هيمنة علي محسن و”الإصلاح” على الحكومة اليمنية وقرارها هو أهم التحديات التي اليمنيين بشكل عام، وتنفيذ اتفاق الرياض بشكل خاص. كان يفترض باتفاق الرياض أن يؤدي إلى تحرير الحكومة، لكن ما حصل هو تكريس هذه الهيمنة([65]).لا توجد شراكة حقيقية في “حكومة المهجر”، ليس بين مركز الهيمنة الحالي و”الانتقالي” فحسب، بل أيضاً بين هذا المركز (الرئيس هادي وعلي محسن و”الإصلاح”)، وبقية المكونات السياسية الداعمة للحكومة.

تحديات كثيرة تواجه تنفيذ الاتفاق. فرص نجاحه متدنية للغاية، وأفق استمرار الحرب مفتوح على مصراعيه.هناك صعوبات كبيرة تحول دون “التطبيع السياسي”، وتجعل من ذلك عملية معقدة وشبه مستحيلة. “لا يزال من المبكر القول إن الاتفاق هو انعكاس لإرادة سياسية حقيقية بين المكونات المتنافرة أيديولوجياً وسياسياً بحكم طبيعتها، وأن تلك القوى طوت صفحة الصراع فجأة، بقدر ما يمكن القول إن مصالح تلك القوى، وضغوط تحالف دعم الشرعية، هي التي فرضت عملية الشراكة السياسية. فجذور هذا الصراع تمتد إلى حقبة الحرب الأهلية التي سميت بـ”حرب الوحدة”، وأغلب أطراف اتفاق الرياض هم أطراف تلك الحرب، وبالتالي فإن “إرث الثأر” بين تلك القوى لا يزال متغيراً مؤثراً، وسرعان ما يتم استدعاؤه مع أول مؤشر للخلاف”([66]).إن “إرث العداء التاريخي والتعارض الأيديولوجي يقلص من احتمالات توافق الطرفين، وذلك فضلاً عن باقي العدائيات الأخرى التي تشكلت خلال الممارسات السياسية في السنوات الثلاثة الأخيرة منذ نشأة الانتقالي سياسياً عام 2017، وبدعم شعبي كقوة انفصالية بالأساس”([67]).هناك أيضاً مسألة مهمة: “إشكالية النموذج: يمكن النظر إلى المحاصصات السياسية والجهوية التي اعتمدت في التشكيلة الحكومية باعتبارها نموذجاً للتوزيع المتوازن للسلطة، لكن في ضوء خبرات الممارسة السياسية، لم تثبت هذه العملية جدواها في العديد من الحالات الإقليمية، فقد تعثرت في العراق، كما لم تنجح في لبنان، حيث أفرزت الممارسة حالة من الاستقطاب السياسي داخل حكومات المحاصصة أعادت إنتاج الأزمات السياسية بأشكال أخرى، في ظل سعي الأطراف إلى بناء توازنات جديدة”([68]).صحيح أن الاتفاق يستجيب لعوامل السلام والصراع، واحتياجات اليمنيين وتطلعاتهم، إلا أن الفشل في تنفيذه حال دون تحقيق ذلك. وسيؤدي فشل في تنفيذ الاتفاق إلى إطالة الحرب، وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في اليمن.


أسباب الفشل في تنفيذ الاتفاق

هناك أسباب وتحديات عدة حالت/ تحول دون تنفيذ الاتفاق، أهمها:– حضور العامل الأيديولوجي، والنوازع الثأرية، بشكل كثيف في الصراع بين الطرفين، وإضفاء بعد جهوي/ مناطقي عليه.– ضعف وفساد وفشل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وهيمنة علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح عليها.– عدم بناء الجيش على أسس وطنية ومهنية، والسماح لطرف سياسي وعسكري بالهيمنة عليه.تعنت الحكومة والمجلس الانتقالي وعدم جديتهما في تنفيذ الاتفاق.– غياب الثقة بين طرفي الاتفاق.– تعدد الأزمات، واستمرار تفريخها، ومواصلة التحشيد العسكري من الجانبين على خطوط التماس في أبين وشبوة، وفي جبهة جديدة محتملة للقتال بينهما في “الصَبِّيحة”، داخل محافظة لحج.– توسع رقعة المواجهات بين الجانبين وانتقالها من “جبهة شُقرَة- الشيخ سالم” إلى مديرية لودر في محافظة أبين.– فساد وفشل وعجز المسؤولين السعوديين السياسيين والعسكريين المشرفين على تنفيذ الاتفاق، وعلى الملف اليمني بشكل عام.– عدم تمكن السعودية من لعب دورها كطرف ضامن لتنفيذ الاتفاق، وعدم كفاءة عملية الرقابة على تنفيذه.– تَضَمُّن الاتفاق بنود مطاطة تم التلاعب في تفسيرها للتهرب من عملية التنفيذ.


التوصيات:

– نزع فتيل التوتر في أبين وشبوة، وفي الحدود الشطرية السابقة الواقعة بين تعز و”الصَبِّيحة”.– إيقاف التحشيد العسكري إلى خطوط التماس، و”نزع أدوات الصدام من الميدان”، و”إعادة الانضباط العسكري” في هيكل وبنية الجيش، وإعادة بنائه بشكل وطني يعتمد على الكفاءة والجدارة في تولي المهام والمسؤوليات.– تحرير الحكومة اليمنية والجيش من هيمنة الجنرال علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح، وتوقف الرئيس هادي عن إصدار القرارات التي تعزز من هيمنة هذا الطرف على الحكومة والجيش.– تعيين، بالتوافق، نائب جديد لرئيس الجمهورية؛ بهدف إيقاف نفوذ الجنرال علي محسن الأحمر، والحد من هيمنة حزب الإصلاح على الحكومة اليمنية.-على السعودية إجراء مراجعات وتغييرات سياسية وعسكرية سريعة تثبت جديتها في تنفيذ الاتفاق وحسم الحرب في اليمن.– إجبار الحكومة و”الانتقالي” على التعامل بجدية مع الاتفاق، وسحب قوات “الانتقالي” من عدن، وإيقاف إجراءاته العنصرية ضد أبناء المحافظات الشمالية.– تنفيذ بنود الاتفاق بشكل متزامن، والإسراع بإعادة الحكومة إلى عدن، للقيام بمهامها، لاسيما مواجهة الأزمة الاقتصادية.– إيقاف الفساد المسيطر على الحكومة اليمنية، وإقالة وعزل كل القيادات الفاشلة والعاجزة والمتورطة في الفساد ونهب المال العام.– البدء في إجراءات “التطبيع السياسي”، و”تنظيم الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية” وتحقيق الأمن والاستقرار في الجنوب وجميع المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة.– ضبط العلاقة بين الحكومة و”الانتقالي”، وتهيئة الظروف الملائمة لإدماج الأخير في البنية الحكومية، شريطة التزامه بالعمل تحت سقفها وتأجيل مطالبه بانفصال الجنوب.– تحقيق شراكة فعلية وحقيقة في الحكومة لجميع المكونات اليمنية الداعمة للشرعية. وتعيين شخصيات تتمتع بالكفاءة والاستقلال الذاتي، وغير ملوثة بالفساد، وعابرة للجهويات المناطقية والمذهبية، ومتحررة من مراكز القوى التقليدية.– العمل على إيقاف التدهور الاقتصادي، وضبط الأمن وتحقيق الاستقرار في المحافظات الجنوبية، وبقية المحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.– تغيير قادة الجيش في تعز واستبدالهم بقادة عسكريين يتمتعون بالكفاءة والاستقلالية، بهدف نزع فتيل التوتر مع “الانتقالي” في “الصبيحة” ومع الساحل الغربي، وتوجيه المعركة نحو جماعة الحوثي.– إيقاف التحشيد في ما يسمى “محور طور الباحة العسكري”، وتسليم قيادته لقادة عسكريين يتمتعون بالكفاءة والاستقلالية.

زر الذهاب إلى الأعلى