يمن الغد – بديع سلطان
معاناة النازحين في اليمن متعددة وعميقة، فهي لا تقف عند حد ترك القرى والمدن ومفارقة الأرض والمنزل، بل إنها تمتد لتشمل كل تفاصيل الحياة.
ولعل أبرز فصول تلك المعاناة يتركّز في حرمان أطفال وأبناء النازحين من حقوقهم الطبيعية، وعلى رأسها الحق في التعليم ومواصلة الدراسة.
وما يضاعف حرمان أطفال النازحين أن مخيمات النزوح لا تتوفر فيها بينة تعليمية مناسبة، الأمر الذي ينعكس على مستقبل هؤلاء الصغار، الذين يكبرون بلا تعليم.
مدارس المخيمات
مبادرات مجتمعية وشعبية في مدينة عدن، أولت هذه القضية اهتمامها، بعد أن تأكد لها أن سنوات الأطفال وأعمارهم تمر داخل مخيمات النزوح دون أن يستفيدوا منها أو يتعلموا شيئاً.
عمدت مبادرة “شموع عدن” إلى استحداث وإنشاء “فصول دراسية” لتعليم أبناء النازحين، ومحو أميتهم، خاصة أن العشرات منهم لم يتلقوا أي تعليم منذ بدء الحرب.
المبادرة ركّزت على تنفيذ فصول محو الأمية هذه في مخيم “عثمان بن عفان” بمديرية دار سعد، شمال مدينة عدن، فكانت بمثابة “مدرسة” بالنسبة للكثيرين من أبناء النازحين الذين لم يعرفوا ولم يذهبوا إلى أي مدرسة طيلة حياتهم.
تنسيق محلي
تقول رئيسة مبادرة “شموع عدن” أميرة المعمري، لـ”العين الإخبارية”، إن الفصول المستحدثة في المخيم هي أنشطة تدريسية لمحو أمية الأطفال.
وأضافت المعمري أن عدداً كبيراً منهم لم يلتحق بالمدرسة منذ بدء الحرب، بل إن مجموعة منهم لا تزيد أعمارهم عن عمر الحرب ذاتها.
وأكدت أنّ المبادرة سعت إلى العمل على تنسيق جهود منظمات المجتمع المدني، والسلطة المحلية في مديرية دار سعد، لإخراج الفصول إلى النور.
وأشارت رئيسة المبادرة إلى أنّ هذه الجهود أثمرت عن توفير أساسيات البدء بنشاط الفصول الدراسية، التي هي في الأساس فصول محو أمية.
دعم تشجيعي
وتتحدث أميرة المعمري عن تحرك مجتمعي تحفيزي في هذا الإطار، لحث ودفع أطفال النازحين على الالتحاق بالفصول الدراسية.
ولفتت إلى أن هذا التحرك شمل عملية توزيع ملابس وحقائب تحوي أدوات مدرسية لتشجيع الأطفال على الالتزام والحضور اليومي للتعليم.
وتابعت: “الأسبوع الماضي قامت مبادرة شموع عدن، بدعم من مؤسسة لأجلك يا عدن، بتوزيع ملابس على الملتحقين بالفصول”، كما تم توزيع الملابس على سكان المخيم من النازحين”.
وأكدت أن تعليم الأطفال يساعدهم على مواجهة متطلبات الحياة والتزاماتها، متى ما خرجوا إليها أو التحقوا بسوق العمل مستقبلا حين يكبرون.
أسياسيات
وأشارت مندوبة مخيم “عثمان بن عفان” للنازحين أم ماجد، المسؤولة عن إدارة الفصول، إلى أن عدد الأطفال المستهدفين بلغ نحو 60 طفلاً وطفلة.
وقالت “أم ماجد” إن الفصول تهدف إلى تعليم الأطفال أساسيات القراءة والكتابة، وتحفيظهم سورا قصيرة من القرآن الكريم.
وأضافت أن الطلبة المستهدفين موزعين على فترتين، صباحية ومسائية، ويتناوب على تعليمهم مدرسات نازحات من أبناء وسكان المخيم، وبشكل تطوعي وذاتي.
وشكرت “أم ماجد” جهود مبادرة “شموع عدن”، وسعيها لإنشاء هذه الفصول، مطالبة بتأسيس مدرسة متكاملة بجانب المخيم لاستيعاب هؤلاء الأطفال، وتعليمهم تعليما نظاميا.