اليمنيون يواجهون عاما دراسيا قاسيا في ظل الغلاء والوباء
2500 مدرسة في اليمن غير صالحة للاستخدام، وانقطاع حوالي مليوني طفل عن الدراسة..
مع بداية العام الدراسي الجديد في اليمن، يفترش العشرات من الطلاب في تعز الأرض داخل منزل غير مجهّز أصبح مقرا لمدرسة الثلايا، في بلد يجد فيه الملايين من الأطفال أنفسهم بلا مقاعد دراسية وحتى دون مدارس في خضم موجة إصابات جديدة بكورونا.
ويتلقّى الطلاب الدروس داخل صفوف مكتظة وغير مجهزة وسط نقص للخدمات وعدم توفر بيئة صحية ملائمة داخل المدرسة. وبسبب الاكتظاظ، بادرت المدرسة إلى إعطاء بعض الحصص الدراسية في الباحة المحيطة في المنزل وحتى فوق السطح.
وتسبب النزاع الدائر في اليمن منذ سبع سنوات بجعل أكثر من 2500 مدرسة في البلاد غير صالحة للاستخدام، بحسب يونيسف، إذ تم تدميرها أو تحويلها لأغراض عسكرية أو استخدامها كمراكز إيواء للنازحين.
وبحسب الأمم المتحدة، فإنّ قبل جائحة كورونا، أشارت التقديرات إلى وجود مليوني طفل تقريبا خارج المدارس لأسباب متعددة منها عدم قدرة العائلات على توفير الأدوات المدرسية في ظل غلاء المعيشة الذي جعلها لا تفكر إلا في توفير لقمة العيش.
وتشكو أم محمد، في الأربعينات من العمر، نازحة بمدينة تعز، من تحديات تواجه أولادها خلال العام الدراسي الجديد، وتقول إن “العام الدراسي يأتي في ظل غلاء فاحش لم نشهده من قبل أبدا”، مضيفة “لدي خمسة أطفال أريد تسجيلهم في المدارس الحكومية، لكن هناك صعوبات كبيرة في توفير متطلبات الدراسة لهم من دفاتر وأقلام وحقائب”.
وأردفت “ظروف المعيشة الصعبة أجبرتني على طلب حقائب مدرسية مستخدمة من جارتي التي ظروفها المادية جيدة”.
ويقول حسين عبدالله “لدي ستة أولاد جميعهم في المرحلة الدراسية، من الصف الرابع حتى الثالث الثانوي”، مضيفا “يأتي هذا العام الدراسي ونحن نكافح بشدة من أجل توفير لقمة العيش لنا ولأولادنا”.
واستطرد “أنا موظف حكومي وأتسلم راتبا شهريا يقارب 50 ألف ريال يمني (نحو 50 دولارا)، وهو لا يفي إلا ببعض متطلبات الأسرة نتيجة الغلاء الكبير”.
واستدرك “هذا الأمر دفعني للعمل على دراجة نارية لنقل الركاب، من أجل تلبية بقية متطلبات الحياة، بما في ذلك مستلزمات الدراسة لأولادي”.
ومضى قائلا “أصبح سعر الدفتر الواحد (80 صفحة) قرابة 400 ريال يمني، فيما سعر الحقيبة الواحدة قد يتجاوز 6 آلاف ريال، ما يجعل
توفير هذه المتطلبات أمرا بالغ الصعوبة”.
وأشار إلى أنه لم يستطع توفير الزي المدرسي لأولاده بسبب الغلاء، ما يجعلهم يذهبون إلى المدرسة بأي لباس.
امرأة يمنية، فضلت عدم ذكر اسمها، قالت إن العام الدراسي يأتي فيما الهموم تطغى على الكثير من الأسر، وقالت “قبل أيام ذهبت لشراء مستلزمات دراسية لأولادي، اشتريت حزمة دفاتر مكونة من 12 دفترا يحتوي كل واحد على 40 صفحة، بـ2200 ريال يمني، مقارنة بـ1500 ريال في العام الدراسي الماضي”.
وتابعت “حتى الحقائب المدرسية ارتفع سعرها بشكل كبير، ولا تقدر الكثير من الأسر على شرائها. قمت بشراء حقيبتين الواحدة بسعر 5 آلاف ريال، مقارنة بـ3500 ريال العام الماضي”.
ويروي الطفل ليث كامل سيف الذي يدرس في الصف السابع “ندرس يوما في الأرض الفارغة ويوم آخر ندرس على السطح وفي أيام ندرس في الشارع. منذ أربع سنوات نرغب في أن ننتقل إلى مدرسة حقيقية”.
ولا يضع الطلاب الكمامات ولا يوجد أي تباعد اجتماعي في الصفوف.
ويدرس 900 طالب في مدرسة الثلايا التي تقع في منطقة صينة جنوب غرب مدينة تعز. ويدفع كل طالب مبلغ 700 ريال يمني (دولار واحد) سنويا للمدرسة لتوفير إيجار المبنى الذي تستأجره.
ويعترف المعلمون بأنّ البيئة المتوفرة غير مناسبة للتعليم ما يتسبّب بتسرّب وهروب الكثير من الطلاب.
وتقول المعلمة آسيا أمين أحمد إن “الازدحام كثير للغاية هنا لهذا يمرض الأطفال كثيرا، ولا توجد لدينا خدمات صحية والنوافذ غير مغلقة”.
ويؤكّد مدير المدرسة عبدالغني مهيوب أنّ “هناك تسرّبا للطلاب بسبب عدم وجود خدمات أساسية مثل دورات المياه أو الكراسي. نعيش في العراء وغالبية الطلاب في بعض الفصول يتواجدون خارج المدرسة في ساحة المدرسة”.
ويستقبل اليمن العام الدراسي الجديد وسط موجة ثالثة من الإصابات بكورونا تجتاح البلاد.
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أعلنت في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي أنها تبحث في خطة صحية لمواجهة “الموجة الثالثة من الوباء، والخطوات المتخذة لتعزيز قدرات مراكز العزل، وتكثيف الإجراءات الاحترازية والوقائية، للحد من تفشي الوباء”.
وأكّدت يونيسف أنّ “تفشي جائحة كورونا أجبر على إنهاء العامين الدراسيين الماضيين بشكل مبكر عن الأعوام السابقة ما أربك تعليم نحو 5.8 مليون طالب في المراحل الابتدائية والثانوية، بما في ذلك 2.5 مليون فتاة”.
وتقول إنّ ”ثلثي المعلمين في اليمن، أي أكثر من 170 ألف معلم، لم يتقاضوا رواتبهم بصفة منتظمة منذ أكثر من أربع سنوات بسبب النزاع والانقسامات الجغرافية والسياسية في البلاد”.
ويعرّض هذا الأمر “حوالي أربعة ملايين طفل آخر لخطر تعطل العملية التعليمية أو الانقطاع عن الدراسة بسبب توقف المدرسين الذين لا يتقاضون رواتبهم عن التدريس بغرض البحث عن طرق أخرى لإعالة أسرهم”، وفقا للتقرير ذاته.