يمن الغد – بديع سلطان
حراك شعبي وتكافل مجتمعي تعيشه منطقة يافع، جنوب اليمن، لدعم مشروع حيوي، ينظر إليه أهالي المنطقة بأنه الأهم على الإطلاق في تاريخ منطقتهم.
طريق “باتيس رصد لبعوس” الاستراتيجي، مشروع يعول عليه أبناء يافع لتسريع عجلة التنمية في منطقتهم، وربط ربوعها ببعضها البعض.
غير أن هذا المشروع لم يعد مجرد تعبيد طريق بالأسفلت، بقدر ما تحوّل إلى قضية مصير بالنسبة لمناطق يافع قاطبة، وبات حديث الساعة، حتى شبهه البعض بـ”قناة السويس” الخاصة بيافع.
حملة شعبية
فمنذ سبعينيات القرن الماضي، ظل طريق باتيس رصد لبعوس في يافع حلمًا بعيد المنال لأبناء المنطقة، حالت أوضاع البلاد وإمكانياتها دون تحقيقه.
لكنه بات اليوم قريبا من أن يتحول إلى واقع ملموس بفضل تكاتف مجتمعي وشعبي لافت ومثير، عبر حملة تبرعات واسعة أطلقها تجار ورجال أعمال، وشارك فيها إعلاميون وناشطون.
وكل ذلك نظرًا للارتباطات التنموية التي يعول عليها عند الانتهاء من تنفيذ الطريق، خاصةً أنه يربط مناطق يافع جميعها، والمتداخلة بين محافظتي لحج وأبين، مع عدة محافظات جنوب وشمال وشرق اليمن.
الحملة الشعبية اعتمدت أساسا على تبرعات ومساهمات شركات الصرافة ورجال المال والأعمال المنتمين لمنطقة يافع، والذين أعطوا للحملة دافعًا جديدًا، أعاد الأمل إلى إمكانية استكمال الطريق الحيوي.
كما تم إطلاق حملات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، أعطت زخمًا إضافيًا للحملة، والتي وصل حجم التبرعات والمساهمات المالية فيها إلى أكثر من مليار ريال يمني، خلال أسبوع واحد فقط.
قناة السويس
الإعلامي اليمني فواز الحنشي، من أبناء يافع، كان أبرز المواكبين لحملة شق الطرق منذ انطلاقتها، وهو أول من أطلق وصف “قناة سويس يافع” على هذا الطريق.
وقال في منشور صحفي، “إن اليأس والإحباط كاد أن يتسلل لقلوب أهالي يافع؛ جراء تعثر مشروع الحياة طريق (باتيس – رصد – لبعوس) منذ سبعينيات القرن الماضي، بالرغم أن المشروع أُدرج ضمن موازنات الحكومات المتعاقبة”.
وأضاف أنه رغم المنح المالية المقدمة من دول عربية لإنجاز مشروع الطريق البالغ طوله 96 كم، لكنها تعثرت هي الأخرى بفعل الأوضاع التي تشهدها اليمن من حروب وصراعات وتعثر جميع أعمال التنمية.
وأشار الحنشي إلى أن المشروع كان قد أنجز ما مجموعه 43 كيلومترا من الشق والسفلتة، إلا أن عوامل الطبيعة كالسيول وغيرها أدت لخراب ما تم إنجازه.
رجال يافع
واستطرد الصحفي اليمني أن يافع تمتلك مخزونًا من الرجال طوعوا الحياة والطبيعة ذات التضاريس الصعبة لمصلحتهم، ونحتوا الصخور وشيدوا المباني والقصور على قمم الجبال، لم يغفلوا عن هذا المشروع العظيم.
فهبَّوا هبّة رجل واحد لحشد المواطنين وجمع التبرعات لهذا المشروع الحيوي، طريق (باتيس – رصد – معربان – لبعوس)، وكلهم عزيمة وإصرار لتحقيق طموح الآباء مهما كلفهم ذلك من ثمن، يقول الحنشي.
مؤكدًا أن أبناء يافع غير آبهين بأية صعوبات تقف في طريقهم، لأنهم واثقون بالله وماضون لتحويل حلمهم واقعا، بعد ما يقارب 50 سنة من الانتظار.
لماذا هذا الطريق؟
هناك فوائد جمّة ستتحقق بنجاح هذا المشروع، بحسب فواز الحنشي، منها: اختصار المسافة بين مناطق يافع السهل والجبل، وربطها بالعاصمة عدن والمحافظات، عبر طريق دائري يمر بكافة مناطق يافع؛ مما يوفر كلفة النقل وتقليل الوقت والجهد أثناء السفر.
كما سيشجع الطريق الناس (ذكوراً، وإناثاً) على مواصلة التعليم الجامعي، الذي بدأ الكثير بالعزوف عنه نظراً لبعد المسافة وقلة الإمكانات.
أما الجانب الصحي فسيشهد انتعاشاً من خلال إسعاف المرضى من الريف للمدينة، كون أغلب المرضى يموتون في الطرق الوعرة قبل وصولهم إلى مستشفيات عدن.
ولأن مناطق يافع جميلة بأهلها وبفنها المعماري ومناظرها الطبيعية الخلابة خصوصاً أيام الصيف، سيكون هذا عامل جذب للسياحة الداخلية.
واختتم الحنشي حديثه بالقول: “مثلما يتفاخر المصريون بشقهم قناة السويس التي ربطت بين الشرق والغرب، وسهلت الحركة بين طرق النقل والتجارة العالمية، سيكون ليافع وأبناءها كل الفخر والاعتزاز بتنفيذ هذا الطريق”.