صادرات الأسماك تلهب الأسعار في أسواق مناطق سيطرة الشرعية
تتفاقم معاناة المواطنين في عدن من لهيب الأسعار في أسواق الأسماك بالمدينة اليمنية في ظل إصرار الحكومة على الاستمرار في تصدير الإنتاج إلى الخارج والذي يتزامن مع تآكل مداخيل مختلف الشرائح الاجتماعية بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة.
ويشكو المواطنون في العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية من عدم قدرتهم على تحمّل تكاليف شراء البعض من الأسماك لأسرهم، مما أوجد أزمة لا يبدو أن السلطات لديها القدرة الآن للحد من تأثيرها نتيجة مساعيها للاستفادة من إيرادات القطاع بينما تتصاعد التحذيرات من تفشي جائحة الجوع بالبلد.
وتعتبر شواطئ ميناء عدن المطلة على بحر العرب من بين المناطق الساحلية المشهورة بصيد الأسماك، ويقوم الصيادون عبر قوارب صغيرة باصطياد أنواع كثيرة من بينها السلور والثخلة والديرك.
وبينما كان في سوق للسمك يقف فيه تجار على طاولات خشبية مكدسة بصيد طازج من أسماك الكنعد من سلالة التونة، والحبار أو النهاش الأحمر، قال أحمد اليافعي لوكالة رويترز “الآن يصل الكيلوغرام إلى سبعة أو ثمانية آلاف ريال (نحو 15 و16 دولارا بسعر الصرف الرسمي)، يعني يساوي ثمن كيلوغرام من اللحم.. هذه مصيبة من المصائب”.
وأضاف “يعني كنا نأخذ الكيلوغرام بألف و1500 وألفين وممكن يزيد ليصل إلى حدود ثلاثة آلاف ريال على أقصى تقدير، والآن السعر أعلى، فكيلوغرام من سمك الثخلة أو الديرك يتجاوز العشرة آلاف ريال”.
ويجري تداول العملة المحلية مقابل الدولار في السوق السوداء عند نحو 1030 تقريبا، وهو السعر المستخدم على نطاق واسع مقارنة بسعر رسمي للدولار عند نحو 580 ريالا.
ويرى يمنيون في جنوب البلد الممزق والمنقسم بسبب حرب مستعرة منذ ست سنوات، أن صادرات الأسماك إلى الدول المجاورة وخصوصا السعودية، أحد أسباب ارتفاع تضخم أسعار الغذاء.
وقبل الحرب جرى أيضا تصدير كميات كبيرة من الأسماك من مصائد غنية في البحر الأحمر وبحر العرب قبالة جنوب اليمن حيث كان الريال لا يزال قويا بما يكفي لمعظم اليمنيين لتناول الأسماك بانتظام.
لكن هبوط الريال في زمن الحرب جعل الأسماك ترفا باهظ الثمن لمن لا يملك عملة صعبة. وعلاوة على ذلك، فإن معظم سكان اليمن البالغ عددهم 29 مليون نسمة يعيشون حاليا فقط على بعض أشكال المساعدات الإنسانية.
ويقول صيادون محليون لرويترز إن أسعار الأسماك زادت إلى المثلين بشكل عام بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي قلصت هوامش ربحهم وبات الكثيرون يفضلون إرسال صيدهم إلى الخارج مقابل العملة الصعبة.
وسئم البعض من اليمنيين الفقراء، واعترض العشرات منهم في محافظة أبين الجنوبية سبل شاحنات المأكولات البحرية على الطريق الرئيسي إلى السعودية الأسبوع الماضي، مهددين بالمزيد من الاحتجاجات إذا استمر ارتفاع أسعار الأسماك.
وقال أحد المحتجين لم تذكر رويترز هويته “ثروة بحارنا تذهب إلى أماكن أخرى بينما يكافح اليمنيون الفقراء من أجل وضع الطعام على المائدة”.
وكحل ممكن، اقترح هاشم ربيع أمين عام جمعية صيادي عدن أن تعلق الحكومة التي تتخذ من المدينة مقرا لها صادرات الأسماك لمدة ثلاثة أشهر. وقال “أعتقد أنها فترة كافية لإيجاد دراسة متكاملة، دراسة نتوصل من خلالها على الأقل إلى الحد من ارتفاع الأسعار”.
ويعيش السكّان في المناطق الخاضعة لسيطرة السلطة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي أوضاعا معيشية بالغة الصعوبة لم يشهدوا لها مثيلا في حياتهم.
وتسبب الغلاء الجنوني في أسعار المواد الأساسية نتيجة تهاوي قيمة العملة في تلك المناطق في زيادة مستوى الفقر تقدره المنظمات الدولية عند 80 في المئة من تعداد السكان، وهو ما يربطه خبراء اقتصاد بسوء التصرّف في الموارد المتاحة.