أخبار العالمالرئيسيةعربيمحليات

جغرافيا السلام!

عدن/ رعد الريمي

ثارت مواقع التواصل الاجتماعي على الصعيد العربي على خلفية صورة ظهر فيها بملابس رياضية غير تقليدية، وبابتسامات عريضة تعلو وجوه، كلا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، ومستشارِ الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، في صورة قيل إنها التقطت على أحد شواطئ البحر الأحمر بحسب ما وثق ذلك موقع بي بي سي .

كثير من الأسئلة والاستفسارات والتعليقات أثيرت حول تلك الصورة، منها من أعتبرها كنهاية للأزمة بين الأشقاء، رغم الخلافات الجوهرية تجاه الملفات الإقليمية؟ ومنها من أعتبرها كلحظة تذكاريها احتضنتها جغرافيا السلام وتأثير المكان عليها ؟

تلك الصورة وما اثير حولها من استفسارات هي ذاتها حينما تنتشر صور أو فيديوهات، تجمع فرقاء سياسيين او ناشطون موالون لأطراف سياسية باليمن التقت في أي دولة من دول العالم، وهي تبدو في ألفة وتصالح وتعايش.

· لا خلاف حقيقي

بتصريح خاص ليمن الغد: يقول رئيس تحرير صحيفة عدن الغد- صحيفة أهلية- فتحي بن لزرق:” أرى أن الأطراف السياسية المحلية في الصراع اليمني ليس بينهم أي خلاف حقيقي، ربما كان الخلاف والصراع حاليا بين أغلب الأطراف المحلية ضد جهة استولت على السلطة بالقوة ، لكن تفرعات الصراع السياسي الآخر، وتحديدا المدعوم بشكل او بآخر من أطراف دولية، ليس نابع مشكلة حقيقية.

يضيف فتحي “عليه حينما تلتقي هذه الأطراف فيما بينها البين، في الخارج تكون أكثر تقاربا وأكثر هدوء وأكثر تفاهما مع بعضها البعض لأنها في الحقيقة ليست بينهما على الصعيد الشخصي، وانما المشاكل تكمن مع الأطراف الخارجية التي تدير هذه الأطراف المحلية .

وتابع: “في الصراع اليمني يمكن ان تصل إلى حل او تفاهمات غير انه يمنع هذه الحلول او التفاهمات الخلاف بين الأطراف الدولية الكبرى بحيث ان كل طرف دولي يمول طرف محلي ويمنعه من التقارب مع أي طرف آخر”.

· أثر البيئة المستقر

من جهته يقرأ التقارب لبعض الفرقاء السياسيين في دول غير اليمن الاكاديمي والصحفي أسامة عدنان بقوله: “من المعلوم أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والإنساني له دور كبير في تركيبة الشخصية البشرية وبناءها لأي إنسان، وعلى ذلك فإن الإنسان في المجتمعات المستقرة سياسية واقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا، تنعكس عليه هذه المتغيرات فيصبح أكثر نضجا وهدوء وتقبلا للآراء المختلفة والأفكار المتنوعة حتى تلك الأفكار التي لا يؤمن بها”.

مضيفاً في تصريح خاص ليمن الغد أنه وبالاستناد على تلك العوامل فإنه من الطبيعي كلما ابتعد ذات الفرد عن تلك البيئة المنفرة والخانقة أصبح أكثر هدوء وتقبلا لأفكار وآراء القوى والجماعات والأفراد الآخرين، مشيراً إلى الأهمية التي تلعبها الجغرافيا في أطر السلام بقوله: “قد يكون للجغرافيا دور في تغيير مزاجية الفرد وهدوءه النفسي سيما وأن التغيير بحد ذاته يعتبر أداة لتهدئة النفس وتجديد نشاطها وإعطاءها جرعة من الأمل بالغد الأفضل، لكن تظل الجغرافيا عامل مساعد على التعايش، لأن الأصل هو الإنسان نفسه “.

يذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في أغسطس الماضي قد عيًن السويدي هانز غروندبرغ كرابع مبعوث له إلى اليمن ، ضمن مساعيه لإعادة أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات التي سبق أن شهدتها دول عدة أبرزها الكويت وسويسرا ومسقط .

وفي أول إحاطة له أمام مجلس الأمن كمبعوث جديد في العاشر من سبتمبر الحالي، شدد هانس غروندبيرغ، على ضرورة أن تتخذ الأمم المتحدة نهجا شاملا لإنهاء الصراع في اليمن، مشيرا إلى أنه يعتزم تقييم الجهود السابقة، بهدف تحديد أفضل طريقة للمضي قدما، داعياُ كل الأطراف إلى الانخراط في حوار سلمي مع بعضها البعض بشأن بنود تسوية شاملة، بحسن نية ودون شروط مسبقة.

· انعكاس البيئة

المختصة بالدعم النفسي والاجتماعي والمحاضرة بكلية التربية عدن د. أشجان الفضلي تشرح في تصريح خاص ليمن الغد الحالة النفسية للقاءات السياسية وتأثير الجغرافيا عليها ، بقولها ” إن شعور السياسي بهذه النشوة وان كانت مؤقته فهو شعور، طبيعي نتيجة لتغيير الاماكن وجغرافيا الأرض ما يساعدهم على الشعور بالمتعة، ونظرا لكون الفرقاء السياسيين او الموالين لهم يتم استقبالهم في أفخم الفنادق، ذلك ينتج لديهم شعور بالجمال والوفرة الداخلية، الأمر الذي يعكس اثرا إيجابيا يتجسد في منح مساحة أوسع للتعايش مع بعضهم البعض، كما نراه في صورهم و ابتسامتهم، ويتجسد أيضا برغبتهم في العطاء والتسامح، الانسجام، لذلك تخف حدة الغضب لديهم ويقل شعور الصراع عندهم ، ولكن تلك ليست حالة دائمة”.

بدوره الصحفي ومدير تحرير صحيفة 14 أكتوبر الحكومية عبدالرحمن انيس يرى أن حالة التقارب التي نراها للفرقاء في الخارج ، ما هي إلا حالة مؤقتة، صنعتها الجغرافيا بفعل تغيير الجو أولا ورؤية الأشياء المفقودة محليا في الخارج وهي ما تجعل النفسيات أهدا والمعنويات أفضل، لكن كل ذلك أمور مؤقتة، و لا تنعكس على التنازل وحل المشاكل من قبلهم”.

· حضور هوية

من زاوية مختلفة يقرأ أستاذ التاريخ القديم المساعد جامعة عدن،عوض عبدالرب الشعبي بتصريح خاص ليمن الغد:تلك الظاهرة بكونها عائدة إلى أنه في حالة الاغتراب والابتعاد عن الوطن تتعزز قيمة الهوية الامر الذي يشاهد على اثره بروز أمثال هذا التقارب والتعايش.

وأضاف الشعبي فالقاسم المشترك الذي تنسجم وتتناغم به نفوس النخب السياسية اليمنية كلما قذفت بها اهوال الزمن خارج اطارها الجغرافي، عائد إلى كلمة جامعة شاملة عززت هذا التقارب، وهي ممثلة ب (الهوية) ووحدة الارض والانسان، تحت إطار جغرافي واحد أسمه ( اليمن ) كهوية تاريخية، وهو ما اشارت اليه المصادر الكلاسيكية اليونانية والرومانية منذُ أكثر من ألفي سنة على اقل تقدير، كل هذه القواسم المشتركة مجتمعة عززت الانتماء للوطن الام عند النخب السياسية إذا ما تم الالتقاء خارج الإطار الجغرافي للهوية اليمنية، وهذا أيماناً ودليل قاطع على وحدة الحضارة ووحدة الارض والانسان منذُ القدم وحتى يومنا هذا.

يعيش اليمن أرضاً وشعباً حُلم الخلاص من حرب مستمرة منذ سبعة أعوام إلا أشهر، خلفت وفق توصيف الأمم المتحدة، أكبر أزمة إنسانية في العالم، وهو ما يحتم على مختلف الأطراف تقديم التنازلات والعودة إلى طاولة الحوار، وإيجاد حلول سريعة وجادة لوضع حد لمأساة تتفاقم يوماً بعد آخر.

زر الذهاب إلى الأعلى