أسرار المواجهة في سقطرى وماحقيقة إحتلال الجزيرة ؟


يمن الغد _ ترجمة 


تلجأ الأطراف الضالعة في الحرب اليمنية إلى توظيف شبكات مُمتدة من المنصات الإعلامية والصحفيين من أجل هدف رئيسي يتمثل في تشكيل التصورات الجماهيرية المتعلقة بالعدو وهو ما يتضح جلياً في تلك المعركة السردية على جزيرة سقطرى.بينما تدخل الحرب الأهلية في اليمن عامها السابع، يتبارى الفاعلون السياسيون من أجل بسط سيطرتهم على الأرض وتوظيف أدوات حرب بعيداً عن ساحة المعركة. لقد برزت الحروب الإعلامية باعتبارها وسائل فعالة لتشتيت الانتباه وشيطنة المنافسين المحليين أو الأجانب على حد سواء. وفي جنوب اليمن، تمتد الخصومة بين حزب الإصلاح الإسلامي السني، الموالي للإخوان المسلمين، والحراك، تلك الحركة الجنوبية المؤيدة للانفصال. ثمة وجهة نظر جنوبية مفادها أنَّ الإصلاح حزب شمالي مُتطرف، حيث يتجلى الصراع بينهما من خلال مواجهات مسلحة مباشرة في أرجاء المحافظات الجنوبية، وكذلك عبر شبكة من المنصات الإعلامية التي غالباً ما توظف لديها محللين غربيين للترويج لاتهامات عديمة الأساس ضد الغُرماء.في الوقت الذي تخسر فيه الأطراف الموالية للإصلاح في البيضاء ومأرب وتعز الأرض لصالح المتمردين الحوثيين الذين يتخذون من صنعاء مقرًا لهم، تضع الأولى بؤرة اهتمامها على المحافظات الجنوبية بينما تواصل عناصر الحراك مقاومة حدوث توسع في سلطة أنصار الإصلاح.وتسببت الخصومة في دخول منصات إعلامية مؤيدة لحزب الإصلاح مثل قناة بلقيس في غمار حرب إعلامية لا تركز على شيطنة اللاعبين اليمنيين الجنوبيين بل تهاجم الحلفاء الأجانب لأطراف جنوبية مثل المجلس الانتقالي الجنوبي.وعلى مدار عامين تقريباً حتّى الآن، تروج الشبكات الإعلامية الموالية للإصلاح لسرد يتعلق بوجود “احتلال أجنبي” من خلال الادعاء بأنَّ الإمارات العربية المتحدة أسست قواعد عسكرية في جزيرة ميون بالقرب من باب المندب، وجزيرة سقطرى في خليج عدن. وبينما فندت المملكة السعودية، التي تقود التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، مزاعم الاحتلال الأجنبي، وأكدت أنَّ القاعدة الجوية بجزيرة ميون يتم تشغيلها من خلال جنود يمنيين، سرعان ما تركز الاهتمام على جزيرة سقطرى.
الاحتلال والدفاع
تصاعدت شائعات حول احتلال قوات أجنبية لسقطرى حينما طردت عناصر مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المحافظ رمزي محروس واتهمت إياه بالتآمر مع حزب الإصلاح. وأجج الصراع بين المحافظ والمسؤولين الأمنيين على الجزيرة اتهامات ضد الإمارات والمملكة السعودية بداعي “غض الطرف” عن الوضع في سقطرى.وشنت وسائل إعلامية موالية للإصلاح حملة منسقة اتُهمت خلالها الإمارات بمساعدة عناصر أمنية مناصرة للمجلس الانتقالي الجنوبي بهدف إنشاء قاعدة عسكرية بالجزيرة. مؤخراً، أكد اللواء عبد الله السقطري، قائد اللواء الأول مشاة في سقطرى عدم تواجد أي قوات أجنبية في الجزيرة باستثناء القوات السعودية المتمركزة بموجب طلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي.يمتد جزء من هذه الحملة إلى منصات غربية إعلامية تعقد مقابلات مع محللين جيوسياسيين غربيين تستند تخميناتهم على تصورات ترتبط بطموحات جيوسياسية لجيران اليمن. بعض من هذه الوسائل الإعلامية وضعت بؤرة تركيزها فقط على تغطية مثل هذه الموضوعات من خلال إصداراتها الصادرة باللغة العربية مما خلق اعتقادًا مفاده أنها تتبنى السرد الذي يروجه حزب الإصلاح دون أن تنقل الوضع من أرض الواقع. وقال الزعيم القبلي البارز في سقطرى الشيخ غانم سعيد إنَّه لم يشاهد قط أي تواجد عسكري إماراتي بالأرخبيل.وأضاف: “لدى الإمارات مُنظمات خيرية تعمل على مساعدة سكان سقطرى”.وقال اللواء عبد الله السقطري: “هذه الشائعات ليست بالجديدة، حيث يتم تداولها من خلال المنصات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين أو عبر ذراعها في اليمن(حزب الإصلاح)، لكن جرى تفنيدها من العديد من الفرق الإعلامية الأجنبية الذين زاروا الأرخبيل مؤخراً، وحققوا في هذه الادعاءات بأنفسهم”.خسائر الأرض وتصعيد الحروب الإعلاميةعلى مدار السنوات الست ونصف العام الأخير، توضّح الأحداث وجود علاقة مترابطة بين خسائر الأرض بواسطة طرف مُعين والتصعيد بين الغرماء على امتداد جبهات جديدة. وتأتي تطورات جزيرة سقطرى التي تتزايد عزلتها في أعقاب ارتفاع وتيرة التوتر في محافظة المهرة الشرقية بين السعودية وقبائل محلية. وتعرّض الاستقرار النسبي للجزيرة (سقطرى) إلى الاضطراب بعد أن رأى المسؤولون المحليون أن المحافظ محروس بات أكثر قُرباً من حزب الإصلاح والنخبة المحيطة بالرئيس هادي.وبينما يعتمد الصراع غالباً على المؤيدين للانفصال في مواجهة أنصار الحكومة الجمهورية الداعمين للوحدة، استند الصراع الذي أدّى إلى إقصاء المحافظ محروس بشكل أكبر على تصورات توافد فيض وشيك من العناصر الموالية للإصلاح إلى أرخبيل سقطرى.علاوة على ذلك، تحدث أشخاص، مثل زيد سالم، الذي يعمل محامياً بمكتب الشؤون القانونية في سقطرى، عن مشاعر الإحباط التي تعتريهم تجاه الحكومة اليمنية التي “أخفقت على مدار عقود في مد سقطرى بثلث ما قدمته الإمارات خلال السنوات الخمس الماضية”. زيد كذلك بين هؤلاء الأشخاص الذين يتهمون الإصلاح بالهيمنة على الحكومة الحالية التي تستضيفها الرياض.وقال الشيخ غانم سعيد: “العلاقة بين سقطرى والإمارات ليست وليدة أمس أو أمس الأول، لكن الإمارات وقفت إلى جانب سكان سقطرى منذ أكثر من 5 عقود”.وتسبب التصعيد في مواجهة بين الإصلاح ضد عناصر جنوبية والإمارات العربية المتحدة التي تركز عليها المنصات الإعلامية التابعة للحزب مع توخي الحذر لعدم معاداة الجنوبيين والجماعات السياسية هناك مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، إذ أنَّ ذلك قد يوسع نطاق التأييد للحراك والمجلس الانتقالي الجنوبي بين سكان جنوب اليمن بشكل عام. ولأنَّ المجلس الانتقالي الجنوبي يمثل الآن جزءاً من حكومة الرئيس هادي، من الأسهل والأكثر استفادة التركيز على قوة أجنبية يتم تصويرها في صورة قوة محتلة. ورفض مسؤولون وسكان محليون شائعات تروجها شبكات إعلامية متعددة. وأكّدوا على أنَّ “الأرخبيل مفتوح لجميع الزائرين الذي يستطيعون زيارة سقطرى والتحقيق في التقارير المفبركة والشائعات عديمة الأساس حول تواجد إماراتي بالأرخبيل”، وفقاً لسالم الذي توافق معه في ذلك الشيخ غانم سعيد مما يمثل توبيخًاً لتقارير إعلامية حديثة زعمت العكس.
* صلاح لغبر، مجلة زينيت الألمانية* ترجمة إلى العربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات

Exit mobile version