ذهب اليمن الأحمر يتلألأ “بارقة أمل لتغيير الواقع”

شهدت زراعة البصل خلال السنوات التي أعقبت تحرير مديريات الساحل الغربي لليمن ازدهارا كبيرا، خاصة بعد تطهير المزارع من الألغام الحوثية.
ومثلت عودة المزارعين لفلاحة حقولهم “بالذهب الأحمر” بارقة أمل في تغيير واقعهم المعيشي بعد أشهر من النزوح والتهجير الناجمة عن حرب المليشيات، إذ تدر زراعة البصل عائدات مالية مجزية، لا سيما خلال العام الماضي، عندما ارتفعت أسعار البصل إلى أرقام قياسية.
وتشكل العائدات المالية للبصل مبالغ مجزية لمزارعي الساحل الغربي لليمن، والذين يعتمدون على زراعته في تحقيق قدر كافٍ من الاستقرار المعيشي لأسرهم.
وتعود زراعة البصل الأحمر في اليمن إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي، عندما ابتكر الفلاح الحضرمي “صالح محفوظ بافطيم” بذور فائقة الجودة من البصل، أنتج منها لأول مرة على مستوى منطقة الشرق الأوسط.

بداية الموسم

يبدأ المزارعون في شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام في إلقاء البذور في الأرض، وبعد أسابيع عندما يصل عمر الشتلات إلى مقدار معين من النمو الذي يقارب 10 سم عن مستوى سطح الأرض، يقومون بقلعها وإعادة زراعتها من جديد في حقول خصصت مسبقا.
ويترك المزارعون مسافات معينة بين شتلة وأخرى من أجل إتاحة المجال لكل منها في حصولها على المياه والغذاء اللازم الذي يتيح لها النمو بالقدر الكافي.
يقول مدير مكتب الزراعة في مديرية المخا، محمد غالب قليهط، إن فترة نمو البصل يستغرق 5 أشهر، وهو فترة طويلة مقارنة بمحاصيل نقدية أخرى.
يضيف بالنظر إلى ما تحتاجه زراعة البصل من كميات كبيرة من المياه، وجد الأهالي في الأودية الزراعية الواقعة غرب البلاد، صعوبة في تمويل شراء الوقود لمولدات ضخ المياه من الآبار السطحية، ما دفعهم للجوء إلى شراء منظومات الطاقة الشمسية ذات التكلفة التشغيلية المنعدمة.
ويوضح قليهط أن فترة زراعة البصل تبدأ في شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام في بعض أودية مديرية المخا المطلة على البحر الأحمر، فيما تبدأ في الأودية التهامية في شهر يناير/كانون الثاني، بسبب اختلاف الطقس، ونوعية الأراضي الزراعية.

كميات التصدير

تصل صادرات أودية مديريات الساحل الغربي اليمن في ذروة الموسم الزراعي للبصل إلى ما يقارب من 300 طن يوميا، لكن الأرقام الإجمالية لكل موسم غير متوفرة بسبب غياب الإحصاء الزراعي للمنتجات الزراعية ما بعد الحرب.
شهدت أسعار البصل تحسنا كبيرا خلال الموسم الزراعي في عام 2020، فبعد أن كان سعر كيس البصل زنة 50 كجم 3500 ريال، قفز إلى 27 ألف ريال، أي ما يعادل 27 دولارا.
ويعود السبب في ذلك إلى زيادة الطلب الخارجي الذي منح المزارعين عوائد مالية جيدة.
وتعتبر اليمن من أهم البلدان العربية في إنتاج البصل، إذ بلغت كمية إنتاج اليمن حوالي 189.756 ألف طن سنويا في حين تصل مساحة زراعته حوالي 14 ألف هكتار، وفقا لكتاب الإحصاء الزراعي للعام 2018.

طرق تقليدية

في حين يشهد العالم تطورا كبيرا في مجال الإنتاج الزراعي مستفيدا من التقدم العلمي في تحسين المنتجات الزراعية، ما تزال الطرق التقليدية مهيمنة، الأمر الذي جعل الإنتاج الزراعي اليمني عند حدوده الأدنى.
ويلقي مهندسا زراعيا باللوم على الطرق القديمة التي يتبعها مزارعو البصل في المناطق الواقعة غرب البلاد، والتي تعود إلى عشرات السنين، إذ لا يتيح لهم ذلك سوى الحصول على إنتاج أقل من المتوقع.
ويقول المهندس مرتضى محمد سلطان، إن غالبية المزارعين يتمسكون بطرق تقليدية، ما أبقت محصولهم الزراعي عند الحدود الدنيا، فالحقل الذي من المفترض أن ينتج أكثر من 30 طنا من البصل، ما يزال حدود الإنتاج لديه عند 10 أطنان فقط.
ويضيف أن المزارعين لا يهتمون في إصلاح حقولهم الزراعية، فضلا عن تجنبهم شراء البذور المحسنة، وعوضا عن ذلك يستخدمون بذورا من نفس المحصول السابق، ما يجعل إنتاجهم أقل من المتوقع.
وينصح بإنشاء معهد زراعي في المناطق الغربية لليمن لتعليم المزارعين الطرق الحديثة التي تعزز قدراتهم الإنتاجية، وتكسبهم مزيدا من الأموال التي تتيح لهم الاستثمار في حقول جديدة واستصلاح أراض أخرى.

Exit mobile version