دولة عربية تحذف مادة إعفاء المغتصب من العقاب فهل انتصر القانون للمرأة؟
وسط آراء متضاربة، أعلن مجلس الوزراء الأردني، اتخاذ قرار جديد بخصوص عقوبة المغتصب في قانون العقوبات في البلاد.
وبحسب القرار تم حذف المادة “التي تعفي المغتصب من العقاب” من قبل ديوان التشريع والرأي، وبالتالي لن تدرج ضمن مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات.
وقال مراقبون إن هناك تباينًا كبيرًا في الأوساط الأردنية حيال هذه إعفاء المغتصب من العقوبة في حال تزوج الضحية، مؤكدين أن إلغاء هذه المادة تتفق مع التشريعات الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما وأن الزواج يتم للتهرب من العقوبة وليس من أجل تأسيس أسرة.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية وصحف محلية عن وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء الأردني، إبراهيم الجازي، قوله إن مجلس الوزراء أحال الأسباب الموجبة لمشروع قانون معدل لقانون العقوبات إلى ديوان التشريع والرأي في وقت سابق، مع عدم الموافقة على إعادة المادة 308 من مشروع القانون.
وأوضح ديوان التشريع والرأي أن “المادة حذفت بالكامل من مشروع القانون المعدل لقانون العقوبات وجرى استبدالها بالمادة 308 مكررة”، مشيرة إلى أنه “جرى حذف المادة بعد أن نسب مجلس الوزراء للديوان بحذف المادة في نصها السابق في المشروع المعدّل”.
وكان الأردن قد عدل قانون العقوبات من خلال إلغاء المادة 308 عقوبات، بهدف منع تزويج المرأة من مغتصبها.
تغليب القانون
قال حمادة أبو نجمة، الخبير القانوني الدولي الأردني، إن المادة 308 من قانون العقوبات تم إلغاؤها عام 2017، التي كانت تعفي الجاني من العقوبة في جميع الجرائم الجنسية بما فيها حالات الاغتصاب، هتك العرض، والمواقعة بالرضا مع القاصرات في حال زواجه من الضحية.
وبحسب حديث أبو نجمة لـ “سبوتنيك”، فإلغاء المادة ضروري لمنع إفلات المعتدي في الجرائم الجنسية من العقاب من خلال إلغاء الأحكام المخففة التي كانت تمنح لمثل هذا النوع من الجرائم وبحيث يتم تطبيق العقوبة على المعتدي في جميع الحالات سواء تم تزويج المغتصب للمغتصبة أم لم يتم.
ويرى الخبير الأردني أن هذا أمرا إصلاحيا حتميا للتشريعات لتتوائم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، فالمادة كانت تشكل سيفا مسلطا على رقاب الضحايا اللواتي قد يتعرضن لضغوطات تضطرهن للإقرار بما لا يوافق الواقع بأن العلاقة الجنسية التي تسببت في الاعتداء كانت رضائية، كما كانت تعرض الفتيات وأسرهن للابتزاز من قبل أشخاص لا يمكن وصفهم إلا بالمجرمين.
وتابع: “كما ثبت من الواقع العملي أن حالات الزواج التي كانت تتم مثلت زواجا فاشلا بكل المعايير، كونها تتم للتهرب من العقوبة وليس لتأسيس أسره في إطار من العشرة الطبيعية المبنية على الاحترام، ومعظمها لا يستمر طويلا وإذا استمر لفترة ما يكون ذلك على حساب الضحية التي تقضي سنوات من المعاناة والانتهاكات والاستغلال”.
وأكد الخبير القانوني أن إلغاء هذه المادة هو إحقاق لبديهيات الحمايات القانونية التي يجب أن يتمتع بها الإنسان وأبسطها، وتغليب للقانون على حساب قوة ونفوذ وتسلط المعتدي استغلاله لضعف الضحية وضغوطات العادات والتقاليد بدعوى ستر المجني عليها والحفاظ على سمعتها وسمعة أسرتها، بينما هي في الحقيقة نص قانوني كان يمثل وصمة عار في نظام العدالة الأردني لا يحمي الشرف بل يحمي الجاني.
آراء متباينة
من جانبها اعتبرت صباح سهو، عضو مجلس النواب الأردني السابق، أن بعد 5 سنوات من إلغاء المادة ٣٠٨ من قانون العقوبات الأردني والتي تعفي المغتصب من العقوبة في حال زواجه من الضحية لا تزال الآراء متباينة بين مؤيد ومعارض لإلغاء المادة.
وبحسب حديثه سهو لـ “سبوتنيك”، يرى المؤيدون لإعادة العمل بالمادة ٣٠٨ بأنه يحقق العدالة والانصاف لكثير من الفتيات كونها تقع ضحية المجتمع والأسرة، فيما يرى المعارضون أن معاقبة الجاني تحقق العدالة للفتاة.
وتابعت: “هنا يجب على المنظمات الحقوقية والمشرعين دراسة وتقييم أثر تطبيق إلغاء المادة ٣٠٨ على المجتمع الأردني ومقارنة انخفاض أو ازدياد أعداد الجرائم قبل الإلغاء وبعده لتحقيق العدالة للمجني عليها”.
وترى سهو أن التشريعات الأردنية جاءت خلال السنوات الماضية لصالح المرأة الأردنية، الأمر الذي انعكس على حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وأكدت النائبة الأردنية ضرورة تعديل التشريعات التي تخص المرأة بهدف تحقيق المساواة والعدالة للمرأة الأردنية في جميع المجالات والاستفادة من حجم الدعم الذي يقدمه النظام الأردني للمرأة حيث شهدت المرأة خلال تولي الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية تحولا بمستوى مشاركة المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وشملت الأرياف والمدن والمخيمات والبوادي والدليل أن اللجنة الملكية للمنظومة السياسية أعطت المرأة حصة الأسد من مقترحاتها وستشهد في حال إقرار التعديلات الدستورية من مجلس النواب تمثيلا على المستوى السياسي والحزبي خلال الفترة المقبلة.
ونصت المادة 308 من قانون العقوبات في المشروع المعدل قبل حذفها على أنه “إذا أُبرم عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل (الاعتداء على العرض) وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة، وإذا كان قد صدر حكم بالدعوى علق تنفيذ العقوبة التي فرضت على المحكوم عليه”.
والمادة الحالية في القانون، هي المادة 308 مكررة، وتنص على أنه “لا يجوز استعمال الأسباب المخففة في جرائم الاعتداء على العرض الواردة في هذا الفصل إذا كان المجني عليه لم يكمل الثامنة عشرة من عمره عند وقوع الجريمة، ذكرا كان أو أنثى، أو كان ذا إعاقة، وكان الجاني قد أكمل الثامنة عشرة من عمره”.