الزمن اللبناني.. زمن قرداحي!
في ظل هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان سياسياً واقتصادياً، لم يعد غريباً أن نشاهد إطلاقا للنار بين فصائل مسلحة وسط بيروت، أو تصريحات عدائية تجاه محيطه العربي على لسان بعض مسؤوليه الذين جاءت بهم ظروف المرحلة إلى السلطة.
يمكننا القول إن لبنان اليوم يعيش أسوء أيامه، فبعد مرحلة النخب اللبنانية التي سطعت في سماء السياسة والاقتصاد والإعلام عربياً منذ استقلال لبنان وصولاً إلى رفيق الحريري، بدأت النكسة اللبنانية بسيطرة حزب الله الإيراني على مقدرات لبنان، وظهور مسؤولين على شاكلة “جورج قرداحي” وقبله شربل وهبة.
خرج الوزير اللبناني المستجد جورج قرداحي في أحد البرامج الشبابية واصفاً عمليات التحالف العربي في اليمن بأنها “اعتداء”، وأن إطلاق الحوثي صواريخه على السعودية “دفاع عن النفس”. بلا شك أن قرداحي اختار لنفسه أن يكون متحدثاً لمليشيات الحوثي وبوقاً لحزب الله، حتى وإن كانت تبعات ذلك وبالاً على دولته وضد مصالح الشعب اللبناني، بل إن حديثه سيزيدهم تقزيماً ويفاقم أزماتهم، ويحبط التقارب مع المحور العربي والدولي ولعلّ هذا ما يريده السيد قرداحي وحزب نصرالله الإرهابي.
ورغم “سقطة قرداحي” والمطالبات الشعبية لبنانياً وعربياً بإقالته، إلا أنه أصرّ خلال مؤتمر صحفي على المضي قدماً في جهله، بل ورفض الاعتذار عن إساءاته وحاول تبرير ذلك زاعماً أن موقف الدول وسفرائها في الدفاع عن سيادتهم وحرية شعوبهم ابتزاز للبنان، وهي الأسطوانة المشروخة التي يرددها حزب الله وأتباعه، ورغم أن تصريحات السيد قرداحي لا تعني شيئاً لأحد، ولكنها أفاضت بما يكنه هذا الوزير المستجد وأشباهه من جهل سياسي وإنساني، جعله يغرق في قلب الحقائق ورؤية الأمور بعين مصالحه الحزبية الضيقة.
إساءة قرداحي لجهود تحالف دعم الشرعية في اليمن بالإصرار على الباطل واعتبار إرهاب الحوثي “دفاعاً عن النفس”، ليست إلا تزلفاً لحزب الله الذي منحه مقعداً في حكومة ميقاتي، وإلا فإنه بالتأكيد لا يجهل أسباب تدّخل التحالف العربي لحماية اليمن وشعبه من انقلاب مليشيات الحوثي وعبثها، ولا يجهل أيضاً تفاصيل ما يقدمه قطبا التحالف العربي، السعودية والإمارات، من أدوار تنموية وإغاثية وإنسانية في الأراضي اليمنية.
إن الأشد سوءاً في مقابلة السيد قرداحي ليس تعمده قلب الحقائق حول ما يحدث في اليمن، فذلك متوقع من شخص مأزوم اختاره حزب إرهابي وفرضه على الحكومة اللبنانية بعد فرض سيطرته على كل مفاصل لبنان، إن الأسوأ يتمثل في إثبات قرداحي أن لبنان مستمر في السقوط إلى قاع الهاوية، وهذا أمر طبيعي عندما تتحكم به مليشيا مسلحة ولاؤها لنظام الملالي، لتجعل الزمن اللبناني بائساً يتصدره أمثال قرداحي!.