أجندات جعلت مأرب لقمة سائغة للحوثيين
يمن الغد/ تقرير – عبد الرب الفتاحي
حمل خبراء عسكريين وسياسيين حزب الاصلاح الإخواني مسؤولية الانكسارات والهزائم التي أدت لتقدم الحوثيين في محافظة مأرب شرقي صنعاء.
ولعب الاصلاح دورا في احتكاره للسلاح الثقيل وعدم مشاركة القيادات العسكرية التابعة له في مواجهة المليشيا في مناطق العبدية ومراد.
- خطة محكمة
في أقل من ثلاثة أشهر مضت استطاعت جماعة الحوثي التقدم في أكثر من جبهة، في مأرب؛ إذ عمل الحوثيون وفق خطة عسكرية بغية اسقاط المدينة لفرض واقع جديد على المستوى السياسي والعسكري.
وفي شبوة المحافظة القريبة من مأرب تمكن الحوثيون من السيطرة على مديريات بيحان الثلاث واستولوا عليها دون اية مقاومة تذكر من قبل قوات الاصلاح في المحافظة وهو ما مكنهم من الالتفاف على العبدية والسيطرة على بلدة الجوبة في مأرب.
مصادر عسكرية أفادت “يمن الغد” بأن التقدم الحوثي جرى وفق اتفاقات وتسهيلات لتسليم مدينة مأرب للحوثيين، وأن ماقامت به قبائل مراد خلال المواجهات المستمرة ،هو ما أعاق تقدم الحوثيين وفرض معادلة جديدة في الميدان وخلق تعقيدات على وضع الحرب التي لازالت دائرة على اطراف المدينة.
وأضافت “أن التحالف العربي ظل يقدم الدعم إلى أن تم اسقاط نهم والجوف، واستيلاء الحوثيين على معدات عسكرية متقدمة واجهزة وعربات ومدافع ودبابات، وأن هناك قيادات عسكرية تخضع لحزب الاصلاح هي من مكنت الحوثيين من التهام مساحات كبيرة من الاراضي في مأرب وهذا أدى إلى انخفاض الدعم العسكري واللوجستي من التحالف لخوفه من تسليمها للحوثيبن.
- اختلال الوضع
يؤكد ابراهيم صالح عطا ناشط سياسي، ان مأرب ظلت في خطر حتى بعد أن قاد عبد الرب الشدادي معاركه لتحرير اجزء كبيرة منها في بداية سيطرة الحوثيين على الدولة.
وقال عطا لـ”يمن الغد”: ان اغتيال الشدادي كان خطة منظمة لاختراق الجيش لأن الشدادي كان يحاول جاهدا بناء الجيش بشكل أفضل، ولم يكن يرغب في الخضوع للضغوطات التي مورست عليه لجعل الجيش مجرد أداة سياسية، لتنفيذ اجندة خارجية كما إن تخوفات متعددة كانت تتمحور حول نوايا الشدادي في القيام بالعديد من المعارك التي قد تؤدي لهزيمة الحوثيين وحسمها.
وقال ابراهيم ” وصول الحوثيين لأقرب مساحة من مأرب هو ناتج عن اختلال وجود جيش مهني، فمنذ أن تمكن حزب الاصلاح وحلفائه من اقصاء الاحزاب الأخرى والاستحواذ على المدينة، فإن وضع مأرب صار مختلف رغم الدور الاعلامي الذي كان يصنع انجازات وهمية.
اجندات سياسية
ويجد سهيل عبد مراد وهو خبير سياسي أن الاطراف المتحكمة بالقرار في مأرب ،حاولت ان تبني مجموعة قواعد مع الحوثيين وبشكل تصالحي اعتقادا منها، ان مثل هذه السياسات ستخلق نوع من الاتفاق على أن تكون مأرب بعيد عن الصراع.
وقال سهيل لـ”يمن الغد” : حزب الاصلاح استوعب قيادات حوثية وشخصية موالية له في اطار تمكنهم من الامساك بالعديد من المراكز المهمة، وحاولت جماعة الاخوان مواجهة القوى الأكثر تصلبا في عدائها للحوثيين واستبعدت الشخصيات الوطنية والقيادات العسكرية المهنية.
وأضاف حزب الاصلاح شكل دائرة خاصة بها في ليفرض سلطة كلية تقوم بمهامها وفق الوظيفة السياسية .وعمق حزب الاصلاح الانقسام الداخلي في مأرب وافرغ الجيش من قوته من خلال تشكيل الوية متعددة وبقيادات اخوانية .
وشدد أن من وضع مأرب تحت دائرة الخطر هي النظرة الضيقة للاخوان ،سواء في السيطرة على القرار الرئاسي او العمل على تشكيل جيش وهمي و استخدام مأرب لتكون رأس حربة لتنفيذ مشروعهم.
ويعتقد سهيل أن الاخوان هم من ضمنوا للحوثي كل الاتفاقات وعقدوا الصفقات نحو تحويل المعركة لتكون منصبة في واقع يخدم مصالح الحوثيين والاخوان ،وهم من اضاعوا فرص العديد من المعارك لضمان عدم توسع الصراع الذي يروه أنه غير مناسب لاهدافهم وسياستهم ومصالحهم.
- استعادة المبادرة
جميل مرشد العامري اكاديمي حدد ماجرى لمأرب خلال السنوات الماضية نوع من الضعف والاحتيال للمواقف ،حيث كان الحوثيين يرصدون وضع مأرب وينتظرون الفرصة لاستعادة المبادرة للسيطرة عليها.
ووصف دور بعض القوى التي حكمت مأرب خلال السنوات 6 الماضية، بأنها ظلت تفرض طبيعة رؤيتها السياسية ونفذت شكل من العبث بموارد المدينة، وفرضت فساد كبير واتجهت لتعيين اعضاء والمرتبطين بها بكل المراكز الحساسة بشكل غير إداري أو مهني.
وقال العامري لـ”يمن الغد”: مأرب تركت للعبث ولم يكن هناك دور حقيقي لمعرفة طبيعة الاستعدادات العسكرية للوقوف امام الحوثيين، وظل هناك من يتحدث عن التنمية والمشاريع بشكل غير حقيقي لمجرد إظهار انجاز ذلك الطرف، على أنه يتبنى المشاريع لكن في الواقع الامر كان مختلف “.
وأضاف أن قبائل مأرب وجدت نوع من عزلها ولم تكن مشاركة في منظومة السلطة العسكرية والسياسية في مأرب ،والتي كان القرار فيها خاضع لحزب الاصلاح، ولذلك استبعد الشخصيات الوطنية في الجانب العسكري وتركت المعسكرات مراكز لتمدد مشروع الاخوان دون تكون فعالة لمجابهة الحوثيين.
وأعتبر ان حرمان القبائل من الاسلحة الثقيلة في مأرب جعل الحوثيين متفوقون في فارق التسليح .وشكل الهجمات التي كانت تنفذ ضد القبائل بينما الاسلحة الثقيلة ظلت معزولة عن المعركة من قبل قيادات الاخوان التي كانت تسهل للحوثيين اختراق مناطق مأرب.