الغماري.. مُسعّر حرب مليشيات الحوثي تحت مقصلة العقوبات الدولية “ماذا تعرف عن قائد أركان المليشيات؟”
أضحى قائد أركان مليشيات الحوثي، محمد عبدالكريم الغماري، تحت مقصلة عقوبات مجلس الأمن، بعد أن توج جرائمه بهجمات وحشية بمأرب.
جرائم متواصلة بمحافظة مأرب وساكنيها من المدنيين ساقت أبرز قيادات الحوثي إلى قائمة العقوبات الدولية، لتنضاف إلى سجله وصمة إرهاب جديدة، وشهادة إجرام موثقة من أعلى مجلس بمنظمة دولية في العالم.
“العين الإخبارية”، تخوض في سيرة الغماري، ومساره في طريق التدمير الحوثي لليمن، وعلاقته بالمشروع الإيراني في المنطقة.
يمثل منصب الغماري الذي منحته له المليشيات، كرئيس للأركان العامة لجماعة الحوثي الانقلابية في اليمن، أعلى قائد في الهيكل التنظيمي للقيادة العسكرية الحوثية، وبذلك فإن مسؤوليته عن هجمات مأرب كبيرة ورئيسية.
وهذه المسؤولية هي التي جعلت مجلس الأمن الدولي يدرج الغماري مؤخرا ضمن قائمة العقوبات الدولية، بعد أن اعتمده التحالف العربي في المرتبة 16 في لائحة الـ40 إرهابيا حوثيا المطلوبين لديه، ورصد 10 ملايين دولار لمن يقود للقبض عليه أو تحديد مكانه.
كما أن تنقلاته بين سوريا إلى لبنان وحتى طهران، بين معسكرات تدريبية لحزب الله الإرهابي ومليشيات الحرس الثوري الإيراني، أهلته ليُدرج على قوائم الإرهاب الأمريكية، في وقت سابق.
تلقين التطرف
تلقى الإرهابي محمد عبدالكريم أحمد حسين الغماري، كغيره من قادة الصف الأول بمليشيات الحوثي، دورات عسكرية مكثفة لنشر الإرهاب، ليبدأ مؤخرا في مهمة استنساخ مليشيات الحرس الثوري الإيراني في اليمن.
الغماري المولود سنة 1984 في إحدى قرى محافظة حجة، ينحدر من أسرة إمامية، ضاربة الجذور في مشروع طهران الطائفي باليمن.
وكانت ورش غسل الأدمغة لكبير المرجعيات الدينية “بدر الدين الحوثي” محطة التعليم الأولى للغماري ثم على يد نجله “حسين”، المؤسس الأول للحركة الإرهابية، ليتلقى تعليمه العقائدي خلال تسعينيات القرن الماضي.
و”الغماري”، المعروف باسمه الحركي “هاشم”، يشرف -بحسب وزارة الخزانة الأمريكية- الآن على هجوم مليشيات الحوثي صوب مأرب، الذي يضاعف المعاناة الإنسانية ويعرض أكثر من مليون يمني نازح للخطر.
إدارة أول فريق لزرع الألغام
وقالت مصادر عسكرية أن الغماري تولى مهمات إرهابية متعددة في الجناح العسكري المسلح لمليشيات الحوثي، بدأت بإشرافه على مخازن التسليح ثم إدارة أول فرق زرع الألغام والعبوات الناسفة في الحرب الأولى 2004.
ورغم صغر سنه حينها فإن مرافقته للقياديين العسكريين في الجماعة، الشقيقين طه المداني، ويوسف المداني، من محافظتي حجة إلى صعدة، منحته ثقة كبيرة لدى مؤسس الجماعة الحوثية ليشارك معهما في إدارة الملف الأمني والعسكري.
وبحسب المصادر، التي فضلت حجب هويتها، فإن الغماري تولى عند إعادة يوسف المداني تشكيل الجناح العسكري للمليشيات بعد مقتل مؤسس الجماعة، مسؤولية نقل من يطلق عليهم بـ”المهاجرين” وهم مقاتلو المليشيات من خارج صعدة، وتجميعهم في بلدة “بني معاذ” بالمحافظة التي ينحدر منها قادة الجماعة.
وخلال الحرب الثانية والسادسة بصعدة أي بين عامي 2005 – 2009، سافر الغماري إلى جنوب لبنان، وقبل ذلك إلى سوريا لتلقي تدريبات مكثفة على يد ضباط عسكريين تولوا إعداد مسلحين حوثيين في سوريا بإشراف من إيران وحزب الله.
وتشير المصادر إلى أن الرجل أسس أول تشكيلات انتحارية خاصة للمليشيات الحوثي بعد الحرب الخامسة 2007 ووفر التسليح لها، وذلك بعد تعيين المليشيات له مشرفا على “حجة” ليقوم بفتح معسكرات تدريبية متعددة انتقاء هذه العناصر من المحافظة.
زيارة طهران
ووفقا للمصادر فإن زيارة الغماري لطهران كانت عام 2009 وتدرب في دورة عسكرية مخصصة لـ”القادة” بمشاركة عناصر من دول عديدة تنشط فيها إيران، مشيرة إلى أن أحد محاور التدريب كانت حول “استخدام القذائف الصاروخية والمدفعية لتغطية الهجمات والأهداف الميدانية”.
ويعتبر “محمد عبد الكريم الغماري” الذي منحته المليشيات رتبة “لواء ركن” وصفة “رئيس الأركان” مسعر الحرب الفعلي وصاحب القرار العسكري للمليشيات.
وتقول المصادر إنه يتلقى دعما قويا من قيادات الظل الحوثية والإيرانية، وتجاوزت صلاحياته ما يسمى “وزير الدفاع للمليشيات” المدعو محمد العاطفي، الذي يكتفي بظهور شكلي في المناسبات العسكرية.
ومنذ الانقلاب الحوثي أواخر 2014، سعى الغماري لدمج ما يسمى “اللجان الشعبية” وهم العناصر القبلية المسلحة الموالية لهم، بغطاء وزارة الدفاع بصنعاء، مشترطا ضرورة “التأهيل الفكري”، في إشارة لتأثر الرجل بالحرس الثوري الإيراني، حيث استهدف باكرا استنساخ المليشيات الإيرانية باليمن.
ورغم معارضة القيادي النافذ “محمد علي الحوثي” لدمج هذه المليشيات القبلية، فإن الغماري دمجها كقوة طائفية، بدعم غير محدود من الخبراء الإيرانيين في هذه الخطوة، كما عمل على دمج ما تبقى من الجنود السابقين بالجيش اليمني من خلال إشراكهم في ورش ثقافية ودينية مكثفة، وفقا لذات المصادر.
وتضيف المصادر أن الغماري تولى مهام حقيبة الدفاع في حكومة الحوثي بشكل مباشر، وأدار الوزارة من خارج مقرها، والعمليات العسكرية، ونسق مع الخبراء الإيرانيين عمليات نهب ترسانة صواريخ الجيش اليمني وإعادة تطوير بعض منظوماته.
كما سعى لفتح معامل لصناعة الذخائر والعبوات الناسفة، والقذائف متنوعة الاستخدام، فضلاً عن توليه مسؤولية تنسيق وجود خبراء تصنيع من طهران، ومن حزب الله، بدعم من رئيس المجلس السياسي حينها صالح الصماد، الذي عينه رسميا لرئاسة ما يسمى “هيئة الأركان” عام 2016، حسب المصادر.
صواريخ الغماري
تشير المصادر أيضا إلى أن محمد عبدالكريم الغماري أصبح صاحب قرار إطلاق الصواريخ الباليستية، ويقوم بتحديد الأماكن المستهدفة بتوجيه عملياتي من خبراء طهران وحزب الله الإرهابي باليمن.
هذه الصواريخ التي تسقط على رؤوس اليمنيين، وتستهدف تحديدا نازحي ومدنيي مدينة مأرب التي ينتحر الحوثيون على أعتابها، هي من مسؤولية هذا الرجل الإرهابي الضليع في تنفيذ أوامر خبراء إيران.
وينسب للغماري القرار الوحشي بضرب الأحياء السكنية ومخيمات النازحين في مأرب بالصواريخ الباليستية، الذي لم يدخر قراراته أبدا، وجعل من المدنيين اليمنيين هدفا متواصلا لهذه الصواريخ.
يذكر أن عقوبات مجلس الأمن الدولي بحق محمد عبدالكريم المداني، شملت أيضا قائدين عسكريين آخرين لهما سجلهما الإجرامي الخاص، ويتقاطعان في التدريب على يد الحرس الثوري، هما صالح مسفر الشاعر، ويوسف حسن المداني.