أكثر من ثلاثة أعوام كانت أكثر من مكلفة وأكثر من كافية لإعادة النظر في الخطط والعمليات، انعتاقا من قيود وضع استنزافي فرض عليك ؛ لا لمنعك من التقدم فقط ، ولكن لإنهاء وجودك وتجميد خياراتك. كما أن استمرارية الانحباس له سيعتبر استسلاما مصيريا لخيار انتحاري. كان هذا ما حدث. ولقد كان من واجب المشتركة العمل مبكرا على تجاوز ما أحدث.
إجمالا هناك آلاف الشهداء، وأضعافهم من الجرحى ، في صفوف تشكيلات القوات المشتركة، خلال أربع سنوات في جبهات الساحل الغربي والحديدة.
هذه ليست مجرد أعداد في سجلات حصر وأرقام في بيانات أخبار ورأي. مهما حاولت حملات التعبئة المغرضة والتضليل المتعمد أن تحرف الرؤية عن مجالها الطبيعي والموضوعي.
من الواقعية الإقرار بأن “مؤامرة اتفاق ستوكهولم”؛ لم تكن فقط منقذة للمتمردين والانقلابيين وحافظت عليهم وعلى وجودهم قوة وسيطرة ونفوذا في الحديدة والموانئ، ولكن أيضا وفي نفس الوقت، لخنق وتقييد وتكبيل قوات التحرير الوطني المشتركة، وبينما تنصلت المليشيات عن التنفيذ والالتزام وعززت مواقعها وقواتها وسيطرتها على الأرض والساحل الشمالي والموانئ، تواطأ الرعاة الدوليون والمعنيون وأطراف الاتفاق على السواء مع كافة مظاهر التنصل والانقلاب على البنود وتعطيل أي فرصة ولو صغيرة لتنفيذ البنود الأولية وفتح الطرقات ونزع الألغام ورفع القطاعات والمتاريس التي بقيت تملأ المدينة بل تضاعفت مرارا.
وفي هذه الظروف والحسابات اليومية على مدى أعوام ثقيلة واستنزافية، بقيت تضحيات القوات المشتركة هي الثابت الوحيد وبشكل يومي واستنزافي. وهي تضحيات تعامت وتتعامى عنها كافة الجهات والأطراف والسلطات التي رفضت دائما إعادة الرأي والنظر في الاتفاق ونزع الشرعية عن المليشيات الانقلابية والتمكين لها في الحديدة.
إنها كلفة بشرية هائلة وتضحيات جسيمة لا تقدر بثمن، قدمتها القوات التي بذلت الغالي والنفيس، في معارك كان عنوانها وهدفها الوحيد هو النصر والتحرير وإنقاذ اليمن وصولا إلى استعادة صنعاء عبر خطة وخارطة نصر تمر بالساحل الغربي والحديدة والموانئ وحتى شمال الساحل التقاء مع حجة وميدي وقطع طرق الإمداد وتهريب السلاح وشرايين التغذية والتمكين التي بقيت تزود الانقلابيين الموالين لإيران بعوامل القوة والتمكين العسكري والاقتصادي.
لكن هذه الكلفة وبكل تأكيد لم تدفع لكي تقبر إلى جوارها القوات المشتركة وقوات التحرير – على الحياة- في مربعات محصورة وملغومة ومفخخة كما ألزمها وحصرها وفرض عليها اتفاق وقف التقدم وتعطيل الهدف والتحرير في السويد أواخر 2018.
إن الدماء والأرواح التي دفعت في سبيل هدف وطني شريف لا يجب أن تنسى أو تسقط من حسابات وخطط وأهداف القوات الملتزمة بمواصلة النضال والوفاء لدماء الرفاق وإعلاء قيمة التضحية وصون الأمانات.
أكثر من ثلاثة أعوام كانت مكلفة وأكثر من كافية لإعادة النظر في الخطط والعمليات وأهداف وخيارات ومساحات وجبهات تحرك وعمل وكفاح انعتاقا من قيود وضع استنزافي فرض عليك لا لمنعك من التقدم فقط ولكن لإنهاء وجودك وتجميد خياراتك عند درجة الصفر. وهذا ما لا يمكن القبول به، كما أن استمرارية الانحباس له سيعتبر استسلاما مصيريا لخيار انتحاري بالمجان.
كان هذا ما حدث.. ولقد كان من واجب قيادة القوات المشتركة في الساحل الغربي العمل مبكرا على تجاوز ما أحدث.
إعادة الانتشار، العملية التي نفذتها وتنفذها القوات المشتركة، ليست شيئا آخر أكثر من إعادة التموضع في حدود مساحات وخطوط ونقاط تمركز حددتها ورتبتها بنود اتفاق ستوكهولم.
على الشرعية والمجتمع الدولي فرض الاتفاق وليس فرض الانقلاب عليه وتكريس الوضع القائم على فرض المليشيات الأمر الواقع رغما عن ستوكهولم ورعاته وأطرافه.
إن التحركات المدروسة والمحسوبة والمسؤولة، ما تزال أيضا تحافظ على مجال حيوي للشرعية اليمنية لتفرض خياراتها وتنفيذ اتفاقيات دولية شاركت فيها ووقعت عليها وتحولت إلى قرارات دولية بسلطة مجلس الأمن الدولي.
أما الذين قدموا كل تلك التضحيات الغالية فإنهم ليسوا معنيين بالحملات الانهزامية مهما بالغت في التضليل والتهويل. لن ينال من عزائم وخيارات القوات المشتركة سعار التنكر والاستهداف والتزوير والافتراء.
ويقع على القيادة المسؤولة واجب ومسؤولية صون التضحيات والوفاء لها وفتح مجالات وخيارات وطنية أمام المقاتلين الذين يرون كل الجهات والجبهات مجالا وطنيا للتحرك والبذل والمواجهة المفتوحة مع المليشيات الإيرانية.
وكانت وتبقى قوات الساحل الغربي الأمينة على الساحل وعلى الداخل وعلى حق وهدف التحرير واستعادة الحق الطبيعي للشعب اليمني في السيادة على أرضه وبلاده وفرض إرادته وتقرير مصيره وحكامه بحرية ودون قسر أو إملاء وفرض ونسف ادعاءات ووصاية الأدعياء والكهنوت بكافة أوهامه ومقولاته.