إعادة انتشار القوات المشتركة في الساحل الغربي تنعش فرص قلب موازين القوى في مأرب

المكونات المناهضة للحوثيين تعيش حالة من الانقسام والخلاف الدائمين، أنتجت عدم وحدة في القرار وتشتتا في المعركة..

تدخل المعركة في محافظة مأرب شمال اليمن مرحلة جديدة بعد عملية إعادة الانتشار للقوات الموالية للحكومة الشرعية في الساحل الغربي، في إطار إعادة توزيع الجهد العسكري وإسناد الجبهات الملتهبة.
وتقول أوساط سياسية وعسكرية يمنية إن الانسحابات التي أجرتها القوات المشتركة وألوية العمالقة في الحديدة ووصول كتيبة أمّ الشهداء إلى ميدان المعركة في مأرب يشيان بأن التحالف العربي قرر الإلقاء بكامل ثقله لوقف تقدم المتمردين الحوثيين في المحافظة الشمالية ذات الأهمية الاستراتيجية.
وكانت كتيبة عسكرية عالية التجهيز وصلت الثلاثاء إلى محافظة مأرب لتعزيز قوات الجيش في مواجهة الحوثيين. وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني إن “كتيبة شهداء مأرب المدربة تدريبا عاليا والمجهزة بالأسلحة والعتاد العسكري وصلت مأرب الصامدة للانخراط في جبهات القتال إلى جانب الجيش الوطني والمقاومة”.
‏وأضاف الإرياني أن “هذه القوة العسكرية هي إحدى كتائب ألوية قوات اليمن التي عملت الحكومة على تشكيلها وهيكلتها وتنظيمها ضمن القوات العسكرية، بدعم تدريبي ولوجستي من قيادة التحالف بقيادة الأشقاء في السعودية”.
وشدد الوزير اليمني على أنه “ستصل المزيد من التعزيزات إلى مأرب، مشيرا إلى أن ذلك كفيل بتغيير موازين القوى لصالح الجيش الوطني.
وكانت مصادر عسكرية تحدثت في وقت سابق عن أن ألوية مدربة من الجيش اليمني ستنضم قريبًا لإسناد القوات الموجودة للدفاع عن محافظة مأرب، وأن هذه الألوية ستكون مزودة بالأسلحة الضرورية والمطلوبة في مواجهة المتمردين الموالين لإيران.


وكثّف الحوثيون منذ فبراير الماضي هجماتهم في مأرب للسيطرة عليها، كونها آخر معاقل الحكومة في الشمال، إضافة إلى تمتعها بثروات النفط والغاز. ونجح المتمردون في بسط نفوذهم على معظم مديريات المحافظة ولم يبق سوى مديرية مأرب الوادي الغنية بالنفط والغاز، ومركز المحافظة.
وخلال الأيام الماضية أعلن المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع في مؤتمر صحافي بصنعاء أن جماعته باتت تقترب من مركز محافظة مدينة مأرب. ولفت إلى أن آخر تقدم للجماعة هو السيطرة على مديريتي الجوبة وجبل مراد جنوبي المحافظة.
ويرى مراقبون أن التغييرات التي أقدم عليها التحالف العربي والقوى اليمنية الموالية له مؤخرا في علاقة بالانتشار الجغرافي لها من شأنه أن يعيد بعضا من التوازن العسكري في مأرب، مستبعدين أن يتمكن المتمردون فعليا في السيطرة الكلية على المحافظة، على الأقل على المدى المنظور.
وقال الكاتب والناشط السياسي عزوز السامعي إن “سقوط مدينة مأرب يظل أمرا مستبعدا بسبب دفاعاتها الحصينة، إضافة إلى الاعتقاد السائد بأن التحالف الذي تقوده السعودية لن يسمح بحدوث ذلك للعديد من الأسباب أبرزها أنها أحد أهم معاقل الحكومة في شمال اليمن”.
واستدرك قائلا “لكن الاختراقات الخطيرة التي حققها الحوثيون جنوبي المدينة إثر سيطرتهم المفاجئة على محافظة البيضاء وأجزاء من شبوة أثارت مخاوف من احتمال سقوطها بأيدي جماعة الحوثي”.
وأضاف “هناك أسباب كثيرة تمنح الحوثيين مساحة لتكثيف هجومهم على مأرب أهمها توقف جبهات القتال الأخرى في العديد من مناطق البلاد، وهو أمر يضع الكثير من علامات الاستفهام بشأن حيثيات هذا الجمود”.
ولفت إلى أن “حالة الاصطفاف السياسي والمجتمعي والقبلي في مأرب خلف القوات الحكومية واحدة من عوامل صمودها، لكن ذلك لا يكفي (..) المقاتلون ينتظرون استنفارا حكوميا، وإسنادا فاعلا من التحالف لا يتوقف فقط عند الطلعات الجوية”.
وتعيش المكونات المناهضة للحوثيين حالة من الانقسام والخلاف الدائمين، أنتجت عدم وحدة في القرار وتشتتا في المعركة الرامية لاستعادة الدولة من الجماعة الموالية لإيران.
ويقول الصحافي والكاتب السياسي توفيق علي إن” هناك فسادا في المؤسسة العسكرية الحكومية؛ إضافة إلى وجود حالة من الصراع والانقسام لدى المكونات المؤيدة للحكومة الشرعية، ما انعكس بشكل سلبي على واقع المعارك في مأرب، وبالتالي تقدم الحوثيين ميدانيا”.
ويرى علي بأن “هناك كثيرا من القيادات العسكرية المهمة تعرضت للإقصاء والتهميش، بسبب فساد المسؤولين العسكريين إضافة إلى عوامل الكيد السياسي، ما أدى إلى استغلال هذا الأمر من قبل الحوثيين على الميدان”.
وأردف “الأمر يتطلب أن تتدارك الحكومة الشرعية موقفها من خلال إجراء تغييرات جذرية تستعيد المبادرة في تحرير المديريات التي سيطر عليها الحوثيون في شبوة ومأرب؛ وألاّ تسمح بقطع الطريق الرئيسي بين مأرب وحضرموت الذي يعد الشريان الرئيسي في المحافظة النفطية”.
وأضاف “مأرب تعيش في مرحلة خطر حقيقي إثر استمرار هجمات الحوثيين، فإذا لم يتم التوحد من قبل كافة القوات العسكرية اليمنية وعمل خطة موحدة لإزاحة خطر الحوثيين فإن العواقب ستكون كارثية على الجانب الحكومي”.

Exit mobile version