ارتكبت سلطة تنظيم الإخوان في شبوة، والتشكيلات المسلحة التابعة لها، سلسلة من الانتهاكات والجرائم الإنسانية بحق المدنيين منذ سيطرتها على المحافظة في أغسطس 2019م.
فعلى مدى عامين، لم تحفل شبوة بشيء مثلما حفلت بالانتهاكات والقمع لخصوم الإخوان، وهذه بديهية طالما حاول “ابن عديو” إخفاءها، من خلال استراتيجية مخادعة تعتمد على ترويج مزاعم حول مشاريع تنموية وخدمية فيما هي مشاريع وهمية ولا وجود لها إلا في وسائل إعلام حزب الإصلاح.
وقد فضحت الموجة الأولى من فيروس كورونا ادعاءات الإخوان بشأن ما يسمونها “تنمية شبوة”، عندما اعترف مدير مديرية عتق بافتقار مركز العزل الصحي لأسطوانات الأكسجين، ووجه رسالة استنجاد لوزير الصحة العامة والسكان في حكومة مليشيا الحوثي، يطلب فيها التصريح بمرور 350 أسطوانة قدمها “فاعل خير” لمركز العزل الصحي في المحافظة الغنية بالنفط.
وفي المقابل تصاعدت حدّة الانتهاكات في شبوة، بعد اجتياحها من قوات حزب الإصلاح، إذ شرع التنظيم في تطبيق منهج القمع وترهيب الخصوم وإدارة المناطق بقبضة أمنية.
كما نفذ الإخوان عبر المحافظ محمد صالح بن عديو عملية إقصاء واسعة للكوادر الوظيفية غير الموالين للتنظيم، من مفاصل السلطة المحلية والمؤسسات الرئيسية مثل الجيش والأمن ومؤسسات النفط التي شهدت تعيين كوادر إخوانية بشكل متسارع خلال العامين الماضيين.
ويتماثل سلوك إخوان اليمن في إدارة بعض المحافظات الواقعة تحت نفوذهم وتحديدا محافظة شبوة، مع طريقة إدارة الحوثيين للمناطق الخاضعة لسيطرتهم؛ حيث تعتمد الجماعتان على الترهيب والبطش والقوة المفرطة لإجبار السكان على الخضوع.
700 مختطف على الأقل
حتى الثلث الأول من العام الجاري، كشفت إحصاءات حقوقية، أنّ أجهزة الأمن داخل محافظة شبوة اعتقلت نحو 700 شخص، مرجحة أن تكون هذه الحصيلة أكبر من ذلك بكثير بالنظر إلى أنّ هناك حالات لا يعرف عنها شيء.
ووثقت التقارير، تورط مليشيا الإخوان، في مئات الانتهاكات خلال العامين الماضيين، توزعت بين القتل والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب في السجون السرية، ومداهمات المنازل ومحاصرة القرى وقصف بعضها بالأسلحة الثقيلة، ناهيك عن قمع الفعاليات السلمية.
وشملت الانتهاكات قمع المتظاهرين بدم بارد ونهب الممتلكات العامّة والخاصة، وصولاً إلى تجريف مؤسسات الدولة والإقالة التعسفية للموظفين المنتمين إلى تيارات سياسية غير تنظيم الإخوان واستبدالهم بعناصر موالية.
سجون سرية
استحدثت السلطة الإخوانية بقيادة المحافظ محمد صالح بن عديو، عديدا من السجون السرية في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة، وتخفي فيها قسريا المئات من المدنيين وعناصر قوات النخبة اختطفتهم دون أي مسوغ قانوني.
وتشرف على هذه السجون السرية عناصر أمنية في الجهاز السري لجماعة الإخوان (التنظيم الخاص) وتمارس صنوفا من التعذيب ضد المختطفين والمخفيين، وفق شهادات محتجزين مفرج عنهم، إضافة إلى المعاملة السيئة.
وسبق وأدلى مختطف -أَفرج عنه بعد أشهر من الاحتجاز في السجن، بسبب مشاركته في فعالية مؤيدة للمجلس الانتقالي، في منطقة المصينعة- بشهادة مروعة، عن الانتهاكات الإخوانية، بحق المعتقلين داخل السجون السرية في محافظة شبوة.
وقال إن عناصر الإخوان اقتادته مع آخرين من الفعالية السلمية وتم الزج بهم في سجن جهاز الأمن السياسي سيئ السمعة، بمدينة عتق، وهناك تعرضوا لأنواع من التعذيب الوحشي في أقبية السجن.
ووفقاً لإفادته تستخدم مليشيا الإخوان الصعق الكهربائي في تعذيب المختطفين في أقبية السجن المظلم، إضافة إلى آلة يطلق عليها “الضغاطة” وكذا التعليق المعكوس والضرب المبرح.
ولفت إلى وجود أقبية صغيرة وضيقة جدا داخل السجن، بحيث يوضع المختطف بعد كل نوبة تعذيب، في زنزانة ضيقة فيضطر للنوم جالسا فضيق المساحة لا يسمح بالاستلقاء ومد ساقيه.
وتقبع في هذه السجون، أيضا قيادات قبلية ومحلية مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وإعلاميون وناشطون اختطفتهم مليشيا الإخوان لمجرد كتابات رأي مناوئة للتنظيم على منصات التواصل الاجتماعي.
ولم يسلم الصيادون في شبوة من غطرسة قوات حزب الإصلاح الإخواني، حيث سبق واختطفت العشرات منهم في المناطق الساحلية بمديرية رضوم، وصادرت قواربهم ومعدات الصيد ومنعتهم من رزق البحر، بدون أي مسوغ يذكر، ومن دون أي رادع حتى أخلاقي.