تحوي جزيرة سقطرى، الواقعة أقصى الشمال الغربي للمحيط الهندي، أصنافا فريدة ونادرة من الحيوانات والأشجار والطيور.
وهو ما جعل من الأرخبيل المكون من ست جزر، أيقونةً في التفرد البيئي، نتيجةً لتنوعها الحيوي، الذي أبهر العالم وما زال.
مؤخرا، تناول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أنباءً عن تعرض شجرة “دم الأخوين” إحدى الأشجار النادرة التي لا تتواجد إلا في الجزيرة “لحالات موت” مفاجئ.
وهو ما يشكل تهديدا لشجرة دم الأخوين، التي باتت أبرز رموز جزيرة سقطرى، ومعلما من معالمها الرئيسية في التعريف بالجزيرة.
وصونا لهذه الأشجار النادرة؛ شرع فريق من الهيئة العامة لحماية البيئة فرع سقطرى، بالنزول إلى المتنزهة الوطني “دكسم”؛ للتأكد من حالة موت أشجار دم الأخوين.
الأعاصير.. هي السبب
وحسب تقرير الفريق البيئي، فإن ما تم تداوله من الناشطين على المواقع الإخبارية ومنصات التواصل، اعتمد على مسوحات سابقة أعقبت الأعاصير التي ضربت سقطرى في الأعوام الماضية.
ونتيجة لتلك الأعاصير، فقد حصل اقتلاع للعديد من الأشجار في سقطرى، وأهمها شجرة دم الأخوين، ولا تزال آثارها موجودة إلى اليوم.
وحسب النزول الميداني فإنه تم رصد شجرة واحدة من دم الأخوين ميتة في موقع يدعى “مفرق شبرة دكسم”.
ووفق إفادة الأهالي الموجودين في المكان والذين تم مقابلتهم، فإن الشجرة ماتت قبل عدة أيام ولا يوجد غيرها، إلا التي ماتت أثناء الأعاصير.
وبعد فحص الشجرة اتضح أن السبب هو وجود تلف عميق للجدع من جهة الشمال، مما أدى لتعرض الشجرة للرطوبة وسماح للحشرات باختراق الألياف التي تتكون منها تلك الشجرة.
طبيعة دم الأخوين
وينسب بعض الباحثين دم الأخوين للعائلة الهليونية، وهي من وحيدات الفلقة، أي أنها تشترك في تركيبها مع الحشائش والنخيل وغيرها من النباتات التي تعطي بذورا ذات فلقة واحدة.
وتتميز هذه المجموعة من النباتات بعدم وجود خشب حقيقي، خاصة في الأجزاء الوسطية من النبات، حيث يلاحظ وجود مادة ليفية، والبعض صنفها كعائلة منفردة وهي Dracaenaceae.
وتنتشر أشجار دم الأخوين في سقطرى في المناطق المرتفعة، وتعتبر غابة فرمهن أكبر غابة لأشجار دم الأخوين في سقطرى، والوحيدة في العالم لهذا النوع، إلا أنها انحسرت مؤخرا نتيجة عدة عوامل.
ويعزو الخبراء والمتخصصون في دراسة شجرة دم الأخوين أسباب هذا الانحسار لدم الأخوين إلى التغير المناخي، حيث تعيش الشجرة في مناطق رطبة، ومع تغير ونقص نسبة الأمطار والرطوبة الجوية صارت بعض البيئات أقل ملائمة لعيشها.
كما تتأثر أشجار دم الأخوين بالأعاصير، بسبب عدم امتلاكها جذورا وتدية قوية (من وحيدات الفلقة)، ولا يتواجد لديها خشب قوي، مما يسهل اقتلاعها بالرياح مع ضعف سيقان الشجرة.
الحصاد الجائر
كما أن ثمة أسباب أخرى، منها الاستخدام غير المستدام عند حصادها من قبل السكان المحليين، للحصول على منتجها الذي يسمى محليا (إمصلوه، إديهع).
ولحصاد المنتج لا بد من جرح الشجرة وتوسيع الجرح مع كل دورة حصاد، وبحسب دراسة قام بها باحثون في محمية فرمهن وجدت أن ما نسبته 84% من الأشجار مجروحة بسبب عملية الحصاد.
وتمثل الجروح سببا مهما لانحسار الأشجار، فهي تفقدها نسبة عالية من اللحاء، ما يؤدي إلى إضعاف الشجرة أمام المؤثرات الخارجية كالرياح والحشرات والفطريات.
ودم الأخوين ضعيفة التكاثر، فرغم إنتاجها كميات كبيرة من البذور، لكن نسبة التجدد منها في البرية ضعيف جدا، يصل حسب بعض الأبحاث إلى أقل من 1%، فيما نسبة الإنبات في المشاتل قد تصل 70%.
غير أن العامل الرئيسي لتدهور شجرة دم الأخوين يكمن في الرعي الجائر، وبحسب باحثين فإن الحيوانات تتغذى على الشتلات الصغيرة.
وشعبيا، تعود تسمية شجرة دم الأخوين إلى اعتقاد الأهالي أنها ارتوت من دم ابن آدم، الذي قتله أخاه، بحسب الموروث المتداول في الجزيرة.