الريال اليمني يعود للتحليق مجددا وهذا أخر تحديث لأسعار الصرف مساء اليوم “تفاصيل”
قبل أن ينتصف آخر شهور 2021، كان اليمنيين على موعد مع قرارات رئاسية من شأنها أن تزيح عن كاهل الملايين حملا ثقيلا بفعل تراجع الريال.
ولم تكن قرارات إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي وقطاع الرقابة والمالية وتكليف جهاز المحاسبة بمراقبة أداء البنك مطلبا شعبيا بل وحتى لكل مكونات الشرعية والمؤسسات الدولية المعنية بمخاطر الانهيار المتسارع للريال اليمني.
وبدأ العام 2021 بتراجع تدريجي لقيمة الريال في سوق الصرف مع تآكل الوديعة السعودية المقدرة بملياري دولار والتي حافظت على سعر الصرف من الانهيار منذ 2019، فيما يرى مراقبون أن إدارة القطاع المالي في البلاد تشكل معضلة اساسية قد تواجه القيادات الجديدة للبنك والمالية .
ويعد العام 2021 هو الأكثر قسوة على السكان ومستوى معيشتهم حيث وصل الحال بالملايين إلى مواجهة صعوبات كبيرة في توفير الخبز والغذاء الأساسي خصوصا محدودي الدخل وموظفي الدولة وأفراد الجيش .
وتسبب تشتت الأوعية الإيرادية ونهب حصص الحكومة من الإيرادات لصالح قيادات عسكرية وجهات غير مخولة بالجباية في افتقار الحكومة الشرعية الى مبالغ كبيرة وعجزها عن القيام بواجباتها الخدمية والتنموية وخلص فرص جديدة لمواجهة الاحتياجات الأساسية للسكان .
ويرى خبراء أن المعروض النقدي الكبير من العملة المحلية في السوق وعدم قدرة البنك المركزي على مراقبة أداء شركات الصرافة بالشكل المطلوب وفر مساحة كافية للمضاربة بالعملة وخلق فوضى في عمل شركات الصرافة أفقد الريال اليمني الكثير من قيمته ليصل إلى مرحلة الانهيار غير المسبوق في تاريخه.
وتعد فاتورة استيراد المشتقات النفطية أهم أسباب ارتفاع الطلب على الدولار في السوق المحلية خصوصا مع تصاعد أسعار النفط عالميا حيث قدر احتياج السوق اليمنية إلى ما يزيد عن 3 مليار دولار لتغطية صفقات واردات النفط المكرر مقابل مليار دولار إجمالي صادرات اليمن من النفط الخام حسب إحصائيات 2019.
ويقود الطلب الكبير على العملات الأجنبية من قبل مستوردي النفط والقمح واحتياجات السوق المحلية من السلع إلى خلق مضاربات لتوفير متطلبات المستوردين من الدولار .
ورغم افتتاح العام 2021 بتوافق أفضى إلى وصول الحكومة الجديدة إلى عدن ومزاولتها لمهامها من العاصمة المؤقتة إلا أن استعادة عافية الريال اليمني بقي خارج قدرة الحكومة وإمكاناتها المتوفرة وصلاحياتها التي اصطدمت بجملة من الاختلالات خصوصا في عمل المؤسسات الإيرادية وهو ما دفع الحكومة لبدء عملية إصلاح وترميم لكثير من هذه الاختلالات.
وينتهي العام 2021 وقد توفر للحكومة فريق مالي مشهود له بالخبرة والكفاءة على رأس البنك المركزي اليمني وهو ما يفتح الباب أمام تحقيق إنجازات مهمة منها استعادة الريال اليمني ولو جزء من عافيته وهو ما ظهر جليا بعد ساعات فقط من صدور القرارات الرئاسية.
وفيما وصف خبراء قرارات الرئيس هادي التي أصدرها في 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري بإنها الأفضل منذ عام 2015، حققت هذه القرارات زخما شعبيا غير معهود بالنسبة لقرارات الرئاسة اليمنية وتحول منطوقها إلى الخبر الأكثر متابعة ونقاشا وترقب.
وأحدثت القرارات هزة كبيرة في سوق الصرف حيث شهدت العملات الأجنبية تراجعا أمام الريال اليمني بعد ساعات فقط من صدورها ليستعيد الريال 20 % من قيمته حسب أخر سعر وصل له قبل القرارات الرئاسية أمام الدولار الأمريكي وهو 1700 ريال لكل دولار واحد.
وانعكس القرار إيجابيا على قيمة الريال اليمني الذي استعاد بعض قيمته أمام الدولار في سوق الصرف بمدينة عدن بجنوب البلاد لترتفع إلى 1290 ريالاً للدولار الواحد للشراء و1360 ريالاً للبيع وفقاً لمتعاملين وصرافين بعدن مساء الأربعاء، فيما بلغ سعر صرف الريال السعودي 340 ريالا.
ورغم أن التراجع في قيمة العملات الأجنبية جاء قبل أي إجراءات عملية من قبل البنك غير أن ما حدث كان مؤشرا على أن العبث في سوق الصرف لم يكن سوى نتيجة لمضاربات وعدم وجود رقابة فاعلة على حركة الصرف.
وتبشر قيادات حكومية بأن ترحل بقية أيام العام 2021 مع معاناة كبيرة حملتها شهورة التي أثقلت الملايين من اليمنيين بتضخم هو الأعلى في تاريخ البلاد.
في المقابل يحذر خبراء من أن الوضع الاقتصادي يحتاج إلى إصلاحات هيكلية عميقة وتوحيد الأوعية الإيرادية وتوريد العائدات النفطية إلى البنك المركزي وتخفيف النفقات على البعثات الدبلوماسية وإجراءات أخرى كثيرة ليستعيد الريال عافيته.