أطلق برنامج الغذاء العالمي تحذيراً جديداً من انزلاق اليمن نحو المجاعة مع اشتداد المعارك في مأرب، ورفض الميليشيات كل خطط وقف القتال، وفي ظل ما نتج عنه من تشريد عشرات آلاف المدنيين وعدم القدرة على الوصول لملايين المحتاجين.
وقال البرنامج في تحديث جديد عن الحالة الإنسانية في اليمن، إن أكثر من خمسة ملايين شخص معرضون لخطر المجاعة في بلد لا يزال يشكل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مؤكداً أن الاستهلاك الغذائي غير الكافي، وهو أحد مقاييس الجوع التي يتتبعها البرنامج آخذ في الارتفاع، ما يعكس مدى أهمية المساعدة الغذائية للأسر – ومدى عدم استقرار حالة الأمن الغذائي.
وذكر البرنامج أن سبع سنوات من الصراع لم تظهر أي علامة على انحسار الجوع، مع استمرار القتال في تشريد عشرات الآلاف وتعطيل وصول الملايين من الأشخاص إلى الغذاء، حيث يواجه أكثر من نصف السكان (16.2 مليون شخص) جوعاً حاداً، مع وجود 5.1 مليون شخص معرضين لخطر المجاعة. ونصف الأطفال دون سن الخامسة (2.3 مليون) معرضون لخطر سوء التغذية هذا العام.
وأشار البرنامج الأممي إلى أنه يقدم مساعدات غذائية طارئة – كحصص إعاشة عينية أو قسائم أو نقدية – لما يقرب من 13 مليون شخص، مع إعطاء الأولوية للمناطق التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي.
وبحسب التقرير فإن ما يقرب من 3 ملايين شخص قد تلقوا المساعدة في أشهر بديلة بدلاً من المساعدة الشهرية خلال الـ19 شهراً الماضية بسبب نقص التمويل.
ونبه البرنامج أنه وحيثما يحدث ذلك «فإن الاستهلاك الغذائي غير الكافي، وهو أحد مقاييس الجوع التي يتتبعها برنامج الأغذية العالمي، آخذ في الارتفاع، ما يؤكد مدى أهمية المساعدة الغذائية للأسر، ومدى عدم استقرار حالة الأمن الغذائي». ونقل التقرير عن أحد العاملين في عيادة التغذية التي يدعمها في محافظة لحج جنوب البلاد القول إن الأسعار المرتفعة حاصرت الناس ولم يعد بإمكانهم تناول ولو وجبة واحدة في اليوم، حيث تضاعفت تكلفة المواد الغذائية هذا العام وحده، ما جعلها بعيدة عن متناول العديد من العائلات.
ويذكر التقرير أن الانخفاض السريع في قيمة الريال اليمني هو أحد المحركات الأساسية لزيادة الجوع، مع استمرار العملة في الانخفاض بانتظام إلى مستويات قياسية جديدة تجاوزت 1600 ريال يمني للدولار الأميركي الواحد في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الجاري حيث تسارع معدل الاستهلاك مع انخفاض بنسبة 26 في المائة في الأسابيع الستة الماضية وحدها. ويضاف إلى ذلك نفاد احتياطيات اليمن من العملات الأجنبية، ما يجعل من الصعب بشكل متزايد على البلد المعتمد على الاستيراد تمويل واردات الغذاء.
ووصلت أسعار المواد الغذائية العالمية – وفق التقرير – إلى أعلى مستوياتها في 10 سنوات. وهذا يعني أن المساهمات المهمة من المانحين لتمويل برامج المساعدة الغذائية في اليمن وحول العالم لم تمتد إلى الحد الذي اعتادوا عليه «حيث سبب ارتفاع الأسعار وموجة النزوح الجديدة تحديات إضافية وأضعف قدرة النازحين على شراء المنتجات الطازجة أو منتجات الألبان أو اللحوم لتكملة الحصص الغذائية التي يحصلون عليها من برنامج الأغذية العالمي. وقال بعضهم إنهم يأكلون الخبز فقط لأسابيع، وأحياناً ينام الأطفال دون عشاء.
وفي مأرب تحدث التقرير عن موجة نزوح من العائلات حيث أُجبر عشرات الآلاف من الأشخاص منذ سبتمبر (أيلول) وحده على النزوح، إذ نزح الكثيرون للمرة الثانية أو الثالثة أو حتى الرابعة خلال ما يقرب من سبع سنوات من الحرب، وغالباً ما ينتقلون من مخيم مؤقت إلى مخيم مؤقت على أمل العثور على ملاذ آمن مع تغير الخطوط الأمامية.
ويؤكد التقرير أن العائلات التي هربت عدة مرات تعد من بين أكثر الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي المتزايد، حيث تواجه نحو نصف العائلات عدم كفاية استهلاك الغذاء.
وذكر التقرير أن المرجح أن يؤدي أي تخفيض للمساعدات الإنسانية إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بمعدل ينذر بالخطر، ما يؤدي إلى تراجع سريع في استثمارات المانحين حتى الآن.
برنامج الأغذية العالمي قال إنه قدم هذا العام أكثر من مليون طن متري من الغذاء ووزع أكثر من 130 مليون دولار أميركي على شكل مساعدات نقدية للأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع أنحاء اليمن.
وأوضح أن هناك أكثر من 500 شاحنة تسير كل يوم على الطرق في البلاد، وتبحر في الطرق المتضررة، ونقاط التفتيش، وتتحول إلى خطوط المواجهة لتقديم المساعدة الغذائية التي تشتد الحاجة إليها للأطفال والنساء والرجال الذين هم في أمس الحاجة إليها.