من الإخوان إلى الحوثي.. “البخيتي” حاطب المحارق في اليمن

وعد كل من سيبيع أرضه ودعم المليشيات بها بتعويضه بدلا عنها من أراضي “الأمة الإسلامية” التي سيحكمها عبد الملك الحوثي وكل واحد يختار الدولة التي يريدها لتعويضه فيها

ما إن سيطرت المليشيات على صنعاء، حتى ترك القيادي الحوثي محمد البخيتي أوروبا وعاد إلى اليمن، ليحشد آلاف القبليين للقتال.
هذا التحول الدراماتيكي في حياة محمد البخيتي، المنحدر من قبيلة عريقة في محافظة ذمار، مرده ولاء وإخلاص لزعيم الحوثيين، تفرد به عن بقية قيادات المليشيات، بمن فيهم الذين يرتبطون بصلة قرابة مع “عبد الملك الحوثي” من إخوته أو أبناء عمومته.
لكن البخيتي فكريا على الأقل كان في مسار آخر، حيث انتسب مبكرا لتنظيم الإخوان الإرهابي، غير أنه ما لبث أن تحول إلى مريد مخلص لإحدى مليشيات المرشد الأعلى في طهران، تاركا جماعة المرشد العام خلف ظهره.
يعد محمد البخيتي أكثر قيادات الحوثي ظهورا في وسائل الإعلام، للدفاع عن المليشيات الانقلابية، رغم عدم انتمائه إلى “السلالة” التي تدعي أحقيتها بحكم اليمن، بموجب اعتقادات طائفية.

خرافات البخيتي

ووصل الإيمان بـ”خرافة الولاية”، عند محمد البخيتي الى حد زعم فيه نفسه كمحافظ محافظة ذمار “منفذا لأمر أحد صحابة رسول الله”، وهذا قاله بشكل علني حين تسلم منصبه في حكومة الانقلاب غير المعترف بها دوليا.
قبل أشهر خرج محمد البخيتي ليعلن عن بيع منزل والده وتسليم قيمته دعما للتصنيع العسكري للمليشيات الحوثية، داعيا قبائل ذمار إلى بيع أراضيهم، ودعم إنتاج السلاح من معامل وورش الحوثيين، التي تدار من قبل خبراء إيرانيين.

ووعد البخيتي كل من سيبيع أرضه من قبائل ذمار بـ”تعويضه بدلا عنها من أراضي “الأمة الإسلامية” التي سيحكمها عبد الملك الحوثي، وكل واحد سيختار الدولة التي يريدها، على حد زعمه.
لم يكن حديث البخيتي دعوة سخرية بل إيمان عميق بشكل كامل أن “حرب الحوثيين على اليمنيين هي حرب للسيطرة على كل الأمة الإسلامية، تحت راية ولاية عبد الملك، الذي يزعم البخيتي أنه هو وحده من تنطبق عليه شروط قيادة المسلمين”.
هذه الخرافات التي تشرّبها البخيتي من حوزات التلقين الحوثية، وآمن بها هي من تحكم تصرفاته ومنطق خطابه، وطريقة إدارته حتى لمؤسسات الدولة المغتصبةـ في محافظة ذمار، التي عين محافظا عليها من قبل حكومة الانقلاب.

إيمان راسخ بالحوثي

وكشفت مصادر سياسية لـ”العين الإخبارية” أن محمد البخيتي دخل خلال الأعوام الـ3 الأخيرة في صدام مع قيادات المكتب السياسي للمليشيات الحوثية، التي كان عضوا فيها، وتم إبعاده إلى مهام تنفيذية في محافظة ذمار، كونه أكثر القيادات نشاطا في جانب تحشيد المقاتلين لصالح المليشيات الإرهابية.
المصادر أفادت أيضا أن البخيتي كان يطرح رؤية تفيد بأن عبد الملك الحوثي هو الوحيد الذي تنطبق عليه شروط الولاية الدينية، كممثل للأمة وليس المرشد الإيراني علي خامنئي، أو غيره من المرجعيات، في العراق وإيران ولبنان.
وقد أفصح البخيتي ذات ظهور إعلامي له على إحدى القنوات عن هذه الرؤية الخاصة به، والتي زعم فيها أن “عبد الملك الحوثي ليس حاكما لمناطق الانقلاب بل زعامته دينية تتجاوز اليمن إلى الأمة كلها” وهو ذات منطقه الذي يعتبر فيه كل المرجعيات التي تدور في فلك مشروع ثورة الخميني غير مؤهلة كعبد الملك الحوثي.
وكان البخيتي يتحدث -حسب المصادر- عن عدم وجود قيادي حوثي مؤهل لخلافة زعيم المليشيات، ويؤكد أن الأيام كفيلة بإظهار زعيم يخلف عبد الملك الحوثي، في قيادة المليشيات، كما تمت خلافة سلفه حسين الحوثي، مؤسس المليشيات.

متطرف يعادي السلام

البخيتي من أكثر القيادات الحوثية تطرفا للمشروع الطائفي لعبد الملك الحوثي، بل إنه يصف “من لا يؤمن بولاية زعيم عصابة الحوثيين بأنه غير مؤمن بالقرآن”.
ومنذ بداية الانقلاب والحرب الحوثية ضد اليمنيين، كان محمد البخيتي القيادي الحوثي الوحيد الذي لا يناور ولا يتحدث بمنطق دبلوماسي أو سياسي، خلال ظهوره الإعلامي أو الاجتماعي، ويتحدث دوما عن مخططات المليشيات، واستمرار حربها حتى السيطرة على كل اليمن، وبعد ذلك إعلان الحرب على دول المنطقة.
ولا يوجد في تعليقات محمد البخيتي للإعلام أي مكان للسلام أو التسوية السياسية، وكل ما تريد أن تفعله المليشيات الحوثية عسكريا يتحدث عنه دون أي تبريرات، وذلك ناتج حسب العارفين به، عن تطرفه لفكرة أن عبد الملك الحوثي “ولي الله”، ولابد أن يخضع الجميع لمليشياته.

مناطق بلا رجال

هذا التطرف من قبل القيادي في مليشيات الحوثي محمد البخيتي دفعه ليكون أكثر قيادات المليشيات حشدا، بل وحاطب الجبهات الحوثية، حتى تحولت محافظته ذمار إلى محطة لمواكب جنائز القبليين، الذين يرسلهم إلى جبهات القتال مع زعيم عصابة الانقلاب عبد الملك الحوثي.

وتقول مصادر محلية لـ “العين الإخبارية” إن محافظة ذمار تحولت بفعل البخيتي إلى أكثر محافظة تضم أعدادا مهولة من الأيتام والأرامل، وأن هناك قرى ومناطق تكاد تكون خاوية من الرجال، باستثناء كبار السن، والأطفال الصغار.

تحالف الضرورة مع طهران

ورغم أن البخيتي له رؤية تعتبر عبد الملك الحوثي أحق بتزعم الأمة، إلا أن مكانته لدى ممثل طهران في صنعاء حسن إيرلو كبيرة ويحظى بدعم قوي من الجانب الإيراني، في صراعاته مع قيادات مليشيات الحوثي، خصوصا أحمد حامد، الذراع الطولى لعبد الملك الحوثي في العاصمة اليمنية.
الدعم الإيراني المعنوي للبخيتي مرجعه كونه ينتمي إلى مكون قبلي كبير، وأنه من خارج عائلة “آل الحوثي”، وهو ما يمنح طهران مساحة لاستقطاب مكونات غير مؤطرة ضمن جناح صعدة وجناح أدعياء الانتساب للهاشمية، بحسب مصادر خاصة لـ”العين الإخبارية”.
وخلال مداخلاته على القنوات الفضائية يكرر البخيتي دوما أنه ومليشيات الحوثي لا يعترفون بمجلس الأمن ولا الأمم المتحده، وليس هناك أي اعتبار لأي تكتل دولي، أو منظمة عالمية، كون حرب المليشيات الحوثية حرب مقدسة ضد العالم أجمع بقيادة واشنطن، كما يزعم.

Exit mobile version